حينما كتب احمد عبدالحسين مقالا بعنوان ثمانمئة بطانية على خلفية سرقة احد المصارف ببغداد تهجم واتهم فيه احد المسؤولين، احدث ضجة كبيرة دفعت هذا المسؤول في حينها الى كشف الحقيقة وتقديم الجناة بيديه وهم من افراد حماياته المقربين الى القضاء ليعتزل بعدها الناس لفترة ويخبر احد اصدقائه سرا بان هذا المقال ادخله في ازمة لم يمر في مثلها مسبقا ، ثم اكمل الرجل خطواته الجريئة والسلمية تجاه الظلم الذي تعرض اليه بالاتصال بكاتب المقال مرة واعتزال المناصب السياسية اخرى ليستقيل من منصب نائب رئيس الجمهورية ويعتزل المناصب والانتخابات ، لكنه لم يعتزل السياسة بل عاد بقوة في الوزارة الحالية بعد ان نال ثقة واحترام الخصوم والجمهور الى منصب سيادي مهم.
هذه الحادثة اثارت في نفسي الدهشة وانا اشاهد برنامج ستوديو التاسعة على قناة البغدادية والحديث على اشده في البرلمان والشارع والفضائيات عن فساد في اموال النازحين التي رصدتها الحكومة السابقة للجنة خاصة شكلتها لمتابعة شؤونهم وترأسها نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات صالح المطلك ، كانت هذه الاموال فرصة لتعويض النازحين عما اصابهم من جراء العمليات العسكرية وعن السياسات الخاطئة التي فاقمت الاوضاع على سكان المناطق الساخنة ، مثلما كانت فرصة جيدة للسيد المطلك للنهوض من منصبه الذي وصفه قبل تجديد الولاية له فيه وعبر الفضائيات بانه منصب بلا صلاحيات ولا ينصح احد بالاقدام على تبوئه من بعده ، ورغم ذلك تبوأه هو لفترة ثانية تمتد الى اربع سنوات قادمة.
لقد كانت رئاسة لجنة النازحين فرصة جيدة للسيد المطلك لازالة كل ما علق في اذهان الناس في تلك المناطق عن الرجل وسلبية فترات توليه المناصب مثلما كانت فرصة ممتازة ووطنية لتقديم الخدمة الانسانية الى جمهوره الانتخابي الذي ينتسب اليه.
لكن شبهات الفساد وصلت بالارقام الى مبالغ خيالية ، ورغم كل ما تقدم من ادلة وشواهد على فساد لجنة النازحين واتهامات مباشرة لرئيسها ذاته لم يظهر السيد المطلك ليرد تلك الشبهات بالوثائق لا بالكلام والاتهامات ولم يتنازل عن منصب او يعتزل احد بل لم يحاسب اعضاء لجنة النازحين او يقدم الفاسدين منهم الى القضاء وهو امامه وما زالت فرصة لن تتكرر ليسجل موقفا تاريخيا في حياته السياسية.. فهل انكشف الغطاء عن الفاسدين ومظلة الطائفة والمنصب! وهل سقط الاسد ام سقطت الكرفانات؟