29 سبتمبر، 2024 6:39 ص
Search
Close this search box.

شكرا لحلاق المحلة.. بابا  !!

شكرا لحلاق المحلة.. بابا  !!

شكرا لحلاق كتب يافطة على باب محله المتواضع ” حلاقة النازحين مجانا” ..شكرا لطبيب كتب على باب عيادته ” علاج النازحين مجانا ” ….شكرا لصيدلاني كتب على باب صيدليته ” أدوية ووصفات مرضى النازحين مجانا ” …شكرا لصاحب سوبر ماركت كتب على باب أسواقه ” 10% تخفيضات للنازحين وان زاد ، زاد الله في رزقه وما نقص مال من صدقة  ” .. شكرا لسائق باص كتب يافطة ” ايصال النازحين من والى مخيماتهم مجانا ” …شكرا ” لمضمد كتب على باب عيادته المصغرة ” زرق الإبر والتضميد وقياس الضغط والسكري والحرارة والنبض للنازحين مجانا “….شكرا لمن كتب على باب ضميره “حراسة أموال وممتلكات ومنازل النازحين في مناطق سكناهم الأصلية ..مجانا …شكرا لمن أعد الطعام والشراب والغذاء والدواء والنفط والغاز  وأوصله الى مخيمات النازحين مجانا ” شكرا لأصحاب الضمائر الحية ممن يعملون الخير مجانا … شكرا لمحام قرر ان يتوكل في قضايا النازحين مجانا .. شكرا لسياسي زار مخيمات النازحين وتفقد أحوالهم البائسة من دون دعايات انتخابية أو حزبية أو تلفازية لوجه الله مجانا …  بالمقابل تبا لكل من باع ضميره ووطنه في سوق النخاسة بمقابل أو من دون مقابل ..مجانا .
لم أكد أفرغ من قائمة الشكر  الطويلة تلك  من باب النصح  والتذكير ليس إلا ، كوني لم  أعثر واقعا على  من قام بتلكم الأفعال الشريفة النادرة  ولكنهم وبالتأكيد موجودون  وان لم أحظى بلقائهم وصحبتهم ،   حتى  تناهى الى سمعي صوت  يتيم نازح  صغير يكتب دروسه  بجوار قبر ابيه ” بابا ..إشتقت لدروسك فعلمني ان لا أشتاق !!”
اتذكر حين  علمتني في درس  الحساب ان  تفاحة + تفاحة = تفاحتين ،بابا  لقد اقتلعوا  شجرة  تفاحك من حديقتنا وكذلك فعلوا بالخوخ والرمان !!.
أتذكر حين  علمتني  القراءة والكتابة “دار دور ، نار نيران ” بابا ..لقد أحرقوا  دارنا  وأثاثنا بنيران  نفطنا أولئك  الذين  قتلوك  برصاص الغدر أبي !!.
أتذكر حين  علمتني  سورة الفاتحة ، هآآنذا أقرأها اليوم ثلاث مرات ، الأولى على  جثمانك  المسجى تحت  تراب الوطن الغالي  من غير رأس  .. والثانية على رأسك المدفون في مكان ثان  من غير جسد ، والثالثة على بلدي الذي ضاع .. بابا !! .
أتذكر حين علمتني ان اتصدق على الفقراء والأيتام والمساكين  ، يومها لم أكن أعلم من هو الفقير ولا حقيقة الفرق بينه وبين المسكين ، ، ابشرك  لقد أصبحت اليوم وأخوتي  خبراء بفهم   وإستيعاب الفقر واليتم و الضياع  والتشرد والنزوح والذل والهوان  والمسكنة  ، اليتيم  انا وبضعة ملايين يعيشون البؤس بأبشع صوره في بلاد الخيرات والثروات ومازال البرلمان يحقق باختفاء مليارين وسبعمائة مليون دولار اختفت من خزينة العراق في عهد” السح دح بو ، الواد طالع لأبوه ” الى غير رجعة .. بابا !! .
أبتاه لن أقول لك انهض كطائر الفينيق من تحت رماد البترول لتبحث عن رأسك الذي قطعوه ،و لتعلمني بقية دروس العلم والحياة والمعرفة لأنني اعلم يقينا بأنك لن تفعل ، ولكن ، اذكرني عند ربك وسله وهو العادل المنتقم ” فيم قتلك المجرمون ” فيم يتموني واخوتي قبل حلول الشتاء ،سله  لم سرقوا ثروات بلادي ومزقوها  من يدعون العفة والتقوى  والنزاهة والوطنية والشرف …بابا !! .أودعناكم.

أحدث المقالات

أحدث المقالات