تؤكد المصادر الخبرية ان مشروع ميزانية العراق المستهدفة لعام 2014 يبلغ حجمها 150 مليار دولار، وهي الأعلى في تاريخ العراق ، وأشارت تلك المصادر إلى حجم الميزانية هي الأعلى في تاريخ العراق بين الميزانيات السابقة وسيبلغ 174.6 تريليون دينار عراقي (150.1 مليار دولار) على أساس احتساب سعر للنفط قدره 90 دولارًا للبرميل الواحد، حيث يتوقع أن يصل حجم الصادرات النفطية للعام المقبل إلى 3.4 مليون برميل يوميًا. وأوضح أن الميزانية المقبلة تزيد على سابقتها لعام 2013 بحوالى 36 تريليون دينار (30 مليار دولار). ويذكر أن الدولار الأميركي يساوي 1160 دينار عراقي حاليًا. ولكن الأهم من ذلك كله هو الانخفاض المتواصل في أسعار النفط العالمية في مؤامرة يشترك في تنفيذها الولايات المتحدة الأمريكية والعربية السعودية لتنفيذ أغراض سياسية دنيئة ؟ وقد وصلت الاسعار الحالية الى مستويات متدنية يدق معه جرس الانذار للحكومة العراقية حيث يتداول سعر برميل نفط برنت اليوم في حدود 85 دولار ويتوقع هبوطه الى 77 دولار أي 13 دولار أقل عن السعر المستهدف 90 دولار في ميزانية 2014 وهذا ما يزيد قلقنا في عدم اتباع الحكومة العراقية سياسة اقتصادية حكيمة في كيفية مواجهة النقص المفاجئ الذي سيطرء على الميزانية في حال حصول انهيارات في اسواق النفط العالمية ليعود بنا التاريخ عندما انخفضت أسعار النفط من 38 دولار للبرميل الواحد الى 8 دولار !! ولمعرفة الغاية من تخفيض الاسعار الحالية نوجز مايلي :
أولا : ان فشل الحصار الاقتصادي الذي اعتمدته الولايات المتحدة ضد كل من روسيا و الجمهورية الاسلامية وحلفائهما في المنطقة جعلها تفكر في ايجاد طرق عقابية أكثر ايلاما ضد حلفائها ومن هذه الطرق هي التلاعب في أسعار النفط العالمية لتركيع هذه الدول بالضغط عليها اقتصاديا ومن أهم هذه الاساليب هي تخفيض اسعار النفط الى مستويات متدنية جدا قد تصل حتى دون السبعين دولارا وذلك لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية على الأرض في كل من هذه الدول علما ان هذا مثل هذا الاسلوب استخدمته الويلات المتحدة ايام الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفيتي والصين ، وقد ساعد الحظر النفطي الأمريكي على تشلي عام 1973 الجنرال بينوتشه في الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس الاشتراكي سلفادور الليندي .
ثانيا : ان تخفيض الاسعار سيفاقم من آثار العقوبات و يزيد الضغط على الجانب الروسي للحصول على تنازلات مهمة في الملفات السياسية العالمية كسوريا وجورجيا وهو محاولة أخرى على عودة تصدير الغاز الروسي وانسيابية تصديره الى الدول الاوربية بالاسعار القديمة ، وهذا ما يرفضه الرئيس بوتين جملة وتفصيلا.
ثالثا : اجبار المفاوض الايراني بتقديم تنازلات حقيقية في جميع الملفات الداخلية والخارجية المتعلقة بالعراق ، سورية ، لبنان ، البحرين والقضية الفلسطينية وذلك بممارسة المزيد من الضغوط الاقتصادية كتخفيض اسعار النفط التي تؤدي الى اضعاف الاقتصاد الايراني وتساعد على تقليل قدرة ايران من التوسع الخارجي بتقديمه المساعدات المالية واللوجستية للدول المتحالفة معها خاصة سورية والرئيس بشار الأسد الذي تصر السعودية على اسقاطه وجعلت ذلك شرطا على الولايات المتحدة قبل الموافقة على تخفيض اسعار النفط وتعويض الولايات المتحدة بجميع الخسائر الاقتصادية المرتقبة ! ومما زاد الطين بله هو الرفض الايراني الأخير بالتعاون مع امريكا والدول الاوربية لتعويض النقص الحاصل من الغاز الروسي والذي اعتبرته الولايات المتحدة حلفا روسيا ايرانيا ضدها.
رابعا : ان استخدام سلاح تخفيض اسعار النفط سيؤدي الى اجبار الحكومة العراقية بتقديم المزيد من التنازلات للولايات الأمريكية والتي بدورها تريد ارضاء الدول الداعمة للارهاب و الكرد والسنة وعودة أزلام النظام الصدامي البائد .
خامسا : بعد ايقاع العراق بخسائر فادحة من جراء تخفيض اسعار النفط سيتم ربطه بصندوق النقد الدولي وتكبيله بالديون والفوائد المستقبلية التي ستنهك الاقتصاد العراقي على المدى الطويل وهذه سياسة استعمارية يتعمدها صندوق النقد الدولي بالتنسيق مع الولايات المتحدة تحت عنواين المساعدات والقروض وما شابه ذلك .
على الحكومة العراقية والبرلمان الانتباه الى حجم هذه المؤامرة الجديدة باعادة صياغة موازنتها الجديدة وتخفيض حجم الانفاق المقترح والعمل الجاد بزيادة الصادرات بالتطوير السريع في حقول أبار النفط والغاز وتنويع مصادر الدخل وتشجيع الاستثمارالصناعي والزراعي .