إعتبر السرياليون الواقعية بأنها حركة ناقصة بل وعابرة وأضافوا اليها بأنها غير صافية وإن هذا المذهب قد جرفه الزمن وأستهلك بكليته وكان هناك إعلان واضح وصريح بأن التناقض ظاهر للعيان مابين وعينا لما يحيط بنا وسلوكنا تجاه هذا الوعي مثلما وضعت الكلاسيكية نفسها مابين هوس( الرقابة- التركيب –القواعد – ومفهومها تجاه لحظتها الكلاسيكية ) وكذلك إرتباطها بمفهوم الفن للمجتمع ،وضمن ذلك الصراع بين الأفكار الذي شهدته فرنسا مابين الحربين وبدء تبلور أذواق جديدة في النظر الى وظيفة الأدب والإهتمام والتعطش الذي أبداه الفرنسيون للتعامل مع عالم الأحلام والإنصياع لنداءاته وكذا توق المجتمعات الغربية التي عانت من ويلات الحرب توقها الخروج من الحياة والدخول الى الذات وما يعني ذلك من التقبل للمتغيرات والتعامل مع مفردات جديدة غير المفردات التي كانت تطغي على
الحياة الأدبية والفنية فالحالة تلك أي حالة البدء بوضع ركائز للتجديد ليست إستبدالية بل كانت بدء لحركة تسعى لنقل المجتمع لعالم جديد عالم إنكاري لما كان يسود المجتمع من الجمود والسلبية وقد وجد السرياليون كما أشار الى ذلك والاس فاولي في كتابه عصر السريالية أن مايسعون اليه من ثورتهم الأدبية الفنية تلك (لايتم إلا من خلال التعامل مع مافوق الواقع) حيث إكتفى من سبقهم بالتعبير والتعامل مع هذا الواقع وحان الآوان لجذب مكامن القلق وخلق( العالم التعويض) الذي تُدحَّر به المسميات القديمة فالمجتمع بحاجة لفلسفة جديدة فلسفة لاتمس الوجود فقط بل تتداخل مع اللاإستقرار اليومي لذلك كان أمام السريالين أن يُنقبوا ويصلوا مع من كان يبشر قبلهم بالمضامين المشابهة لمفاهيمهم ووجدوا ذلك بقدر أو بأخر لدى( بروست- جيّد – ودستوفسكي ) فدرسوا في هؤلاء الخصائص الشبيه بأطروحاتهم عن الإنسان المندحر ودرسوا في هؤلاء أثر البيئة في المتغيرات الزمانية ودرسوا شكل الرحيل الى الباطن ورغم هذا الجهد الذي بذلوه في تلك الدراسات الإنتاجيه فأنهم بقوا يشعرون بأن حركتهم بحاجة لشئ ما إلى أن وجدوا ضالتهم في معجزهم الباطني في النظريات التي كتبها فرويد عن اللاوعي لتنطلق بعدها السريالية الى
عالم النفس وللمعضلات الجسام في ذات الإنسان ، كانت المشكلة لدى السريالي أو بالأحرى النتاج الطبيعي لتلك المفارقة هو كيفية إكتشافه لذاته وكيفية التعبير عنها ولكي يحموا الطوق ويسدوا الثغرات فقد مضوا من جديد للبحث والتنقيب بمآثر هيراقليطس وهيجل وماركس وبودلير وأعتكفوا قليلا في المنتجع الفكري لدانتي وجيد وشكسبير ويمكن إعتبار العام 1938 عام صراع السرياليين للبدء بتجاوز مهمتهم التعريفية والإنتقال من المصطلح الى المواجهة المباشرة مع التيارات النقيضة ،
ومع التردد للتوافق وهذه الحركة والتُهم التي كانت السريالية تُقابل بها من أنها لايمكن أن تكون من الضرورات التي تستدعيها المرحلة الجديدة فقد بقيّت السريالية ضمن فترتها تلك خاضعة للجدل ،الجدل الذي طغى عليه في البدء النفور من هذه الحركة ،
… يتبع