18 نوفمبر، 2024 2:35 ص
Search
Close this search box.

السؤال عن الأثر العلمي بين المشروعية والتحريم

السؤال عن الأثر العلمي بين المشروعية والتحريم

السؤال والاستفهام بداية المعرفة والخطوة الأولى لتحصيل المعلومة وتنوير العقول ، وهو أمر راجح بل حثت عليه جميع الأديان والإيديولوجيات والفلسفات ، وقد يكون واجبا خصوصا في ما يتعلق بالدين ، أو يرتبط بقضايا مصيرية كالتي يتوقف عليها حياة الفرد والمجتمع ، كما انه لا محذور في صدور السؤال من العالي إلى الداني وكذا العكس ، والقرآن الكريم يحكي لنا صورا عن ذلك ، فالملائكة سالت بل ناقشت الله “جل وعلا” : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ، قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ، قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) البقرة/30 ، وحتى إبليس اللعين قد سال الله وناقشه ولم يصدر النهي والتحريم والتوبيخ من الله على ذلك ، وغيرها من الشواهد القرآنية التي تؤكد مشروعية السؤال والنقاش ، وكذا ما ورد في السنة الشريفة ومنهج أهل البيت “عليهم السلام” ، وما سار عليه العقلاء والفلاسفة والحكماء وأهل العلم والفكر والحضارة ، فإذا كان ذلك مشروعا في حضرة الخالق تقدست أسماءه فمن باب أولى أن لا يكون محذورا ومحرما في حضرة مَن هو دونه ، إلا أن ثمة ظاهرة سيئة متفشية في المجتمع غذتها وعمقتها الرموز الدينية و بطانتها وإعلامها إذ أضفت هالة من القداسة على شخص المرجع لدرجة أنها فاقت هالة التقديس للذات الإلهية تجلت في عدة صور منها مثلا : حرمة السؤال على دليل المرجع وعن آثاره العلمية وكتبه ومؤلفاته التي تثبت دعواه فضلا عن المناقشة فهذا في عرفهم يعد منكرا وكفرا وتجاوزا ، مخالفين بذلك حتى ما يذكرونه في رسائلهم العملية من وجوب الفحص والبحث عن المرجع وتقليده وفقا للضوابط والمعايير ، وهنا نسال إذا حرمتم السؤال عن المعايير ومنها الآثار العلمية كيف يعلم المكلف بتوفرها ؟!!!،، فوضعوا المرجع فوق الإله والنبي والإمام ، ولم يتوقف الأمر على حرمة السؤال أو النقاش ، بل ترتبت عليه إجراءات عملية في حق من يسال ويناقش كالتكفير والتفسيق والخروج عن المذهب والعمالة والقمع والتقتيل والحرق والتهجير، كما حصل بحق المرجع الصرخي ومقلديه حينما ناقش فتوى الجهاد الطائفية التقسيمية التقتيلية التي أطلقها السيستاني ، ومن المفارقات العجيبة أن أصحاب هذا السلوك وأتباعهم يبيحون لأنفسهم السؤال عن أثار من يتصدى للمرجعية في قبال ألهتهم من المراجع ؟!!!، ومن الجدير بالذكر أن السيد الصرخي الحسني كان قد اعتبر تقليد سماحته من دون دليل ومعرفة الدليل والأثر العلمي باطلا وحث المكلفين على البحث عن الدليل والعلم والتعلم حتى يكونوا على معرفة ودراية فيشخصوا الصحيح من الفاسد في كل المجالات ولا تمرر عليهم الدعاوى الباطلة وقد انتقد ظاهرة التقديس المفرط وبين أيضا خطورتها على حاضر ومستقبل الأمة خلال المحاضرة الخامسة والعشرين ألقاها يوم الجمعة الموافق 17 / 10 / 2014 ،مستدلا بذلك بما جاء عن ابن أبي العوجاء حين وجه عدة تساؤلات واعتراضات للإمام الصادق “عليه السلام “حول ما يفعله الحجيج في بيت الله ، حيث قال سماحته :
((ابن أبي العوجاء يسأل الإمام الصادق (عليه السلام) عن بيت الله، يعني من الذي أمرنا بالحج؟ : النبي أمر بالحج ، من الذي أمر النبي؟ : القرآن، الله “سبحانه وتعالى”هو الذي أمر بالحج ، والنبي أمرنا ، والإمام بلغنا ، والصحابة بلغونا بهذا، اعترض بهذا الأسلوب ، الآن من يستطيع أن يعترض بعشر معشار هذا الأسلوب الحاد في السؤال عندما يريد أن يسأل عن مرجع من المراجع ، يسأل عن شخص من الأشخاص ، يسأل عن رمز من الرموز الدينية ، ماذا يفعل له؟، سيقطع إربا إربا ، سيحرق ، سيسحل ، سيمثل به ، سيهجر ، سترمى البراميل على بيته ، ستهدم البيوت ، ستجرف البيوت ، جعلوهم آلهة من دون الله ، عبدوهم من دون الله…، لماذا لا ننتقد؟ لنسأل عن العالِم ، لنسأل عن علم العالِم ، لنسأل عن أثر العالِم ، لنسأل عن كتب العالِم ، لنسأل عن علم العالِم ، وفقه العالِم ، أما عندما يؤتى بعالِم ليس بعالِم، بعالِم لا يمتلك أي حظ من العلم ، فماذا تتوقع من هذا العالم ، ماذا يعطي من فتوى ، ماذا يعطي من حكم ، ماذا يعطي من نصيحة ، ماذا يعطي من إصلاح؟! سيأخذه الهوى يمينا وشمالا ، يأخذه الجهل يمينا وشمالا، يصعد به وينزل به ، والنتيجة خراب البلاد وخراب العباد وهلاك العباد))
والسؤال الذي يطرح هنا هو : إذا كانت تلك الرموز الدينية تمتلك العلم و الأثر العلمي فلماذا يحرمون السؤال أو يكفرون ويفسقون ويقتلون من يسال أو يناقش ؟!!!،
رابط التسجيل الصوتي للمحاضرة http://www.mediafire.com/listen/mcqp…1%

أحدث المقالات