الملاحظ منذ تشكيل تنظيم ما يسمى “داعش ” ان التحرك على الارض كان سريعا جدا ، ومدعوماً. بصورة غير طبيعية من القوى الإقليمية والدولية ، بل قطع الطريق امام جميع التنظيمات الإرهابية الاخرى في سوريا ، حتى أعلن عن دولته في العراق والشام .
ان واحد من التحولات الكبرى في عالم الإرهاب اليوم والتي لا يجري الحديث عنها، هو انتقال العقل الإرهابي من مرحلة التنظيم الشبكي المبني على مرجعية شرعية ذات ايدلوجية مستقرة ترفع شعارات ذات طابع ديني، الى “ارهاب القتل”الذي تقوده عصابة «داعش» وأخواتها والآن هو تغير في المعادلة في خريطة الإرهاب ورموزه وخطوطه وحركته الشبكية .
الخطورة في داعش لا تكمن في التمدد الخطير والمريب في بلاد النهرين والشام ،بل الخطورة تكمن في الطريقة الهمجية في نشر الفكر المخيف ، وتصفيه اي معارض لهم ، وتصفية الحسابات الفكرية تحت يافطة “الدولة الاسلامية ” فيما يكون أدبياتهم قطع الرؤوس واغتصاب النساء ونهب أموال والتمثيل بالجثث والرؤوس وهذا اصبح من الظواهر المعتادة في هذا التنظيم الخطير .
اصبح فكرا محمولا ذات تنظيمات هرمية كبيرة ، وعلاقات شبكية عنكبوتية لايمكن باي حال من الأحوال تمزيقها او تفتيتها الا من خلال جهد دولي وإقليمي كبير ، وهذا من الصعب إيجاده في ظل دعم إقليمي كبير جدا ، وعلى كل المستويات فنية ومالية ولوجستية ، لان العراق اليوم ونظرية حفر (بئر واحد) لكل الارهابيين في العالم لمعالجة الخارطة العالمية التي امتلأت تطرفاً، تشير الى مواقع المتطرفين وتحركهم العالمي، والتريث عن احداث معالجة او تحصين لمناطق تدفقهم خاصة الى العراق وسوريا زاد من خطرهم على هاتين الدولتين، والاخطر في تواجدهم انهم في العراق؛ لعدم امتلاك الخبرات العسكرية الواسعة، والتي بامكانها ان تعالج هذا التدفق وسط هذا التريث الدولي، فهذه الدول لن تسعى حتى في ايقاف تدفق متطرفيها وهجرتهم للجهاد في العراق، بل العكس نشهد دعما لهؤلاء لمغادرة البلدان التي باتت تئن من مشاكلهم، فضلا عن دول الجوار واسلوبها المباشر في دعم الارهاب بناءً على صراع طائفي تديره اسرائيل والمخابرات الدولية لتحقيق اغراض مماثلة.
إذن هي المعركة ربما ستكون الاخيرة لداعش ولكنها للأسف كانت في بلاد الرافدين وليس مكان اخر اخر من ارض الامتين الاسلامية والعربية .
هذه المعركة ربما ستكون طويلة ، وربما لا تكون النتائج مرضية لجميع الأطراف ، خصوصا الدولية منها ، والتي تفكر جديا بالعودة الى ارض العراق من جديد تحت يافطة “محاربة العدو المصطنع ” لهذا هي تسعى ان تكون الحرب طويلة لتقيم أطول ، وهذا ما يجعل الخارطة على الارض تتحرك بسرعة وربما تحصل متغيرات كبيرة وخطيرة في العراق خصوصا والمنطقة .
واذا وجد الجهد الدولي نفسه محرجاً امام هذا الزحف الداعشي ، فربما يفتح جبهة جديدة في المنطقة ، نستطيع ان نسميها “مستنقع شمال الوطن العربي ” والذي يتمثل اليوم بليبيا وتونس والجزائر ، لتكون لهم بيئة خصبة والتمركز ، والتهيأ والانطلاق من جديد نحو أهداف مرسومة جديدة ، لينتهي مسلسل داعش ، ويبدا مسلسل ثاني بأسماء وابطال جدد .