18 نوفمبر، 2024 3:45 ص
Search
Close this search box.

عروبة اهل جنوب العراق وعمق حضارتهم تكتشفها من لهجتهم

عروبة اهل جنوب العراق وعمق حضارتهم تكتشفها من لهجتهم

لا شك هناك فرية كبيرة تطلق على سكنة ابناء جنوب العراق بان اصلهم فرس او هنود , هذا الكلام كان شائعا بالامس ولازال متداولا اليوم ففي بداية التسعينات وبعد احداث الانتفاضة الشعبانية روج النظام السابق لهذه الكذبة عبر سلسلة مقالت نشرتها جريدة بابل في حينها متهمة سكان هذه المناطق ليس باصلهم فحسب بل حتى في طريقة حياتهم الاجتماعية فقد صوروهم بان اجداد سكان الجنوب اقوام لا يرتدون لباس لسترالعورة ويمتهنون رعي الابقار , وعلى اساس هذه المغالطة فالطائفيون والغلاة  اذا ارادوا التنكيل بشخص جنوبي قالوا عنه هذا شروكي وهؤلاء لانهم جهلة وقلوبهم
 سوداء وعقولهم متكلسة فقد مدحوا من حيث ظنوا انهم ذموا ونكلوا … فكلمة الشروكي اطلقها السومريون على المستوطن الاصلي  لابن البلد وبهذا عندما يقولون هذا  شروكي فهي ليس بها معابة وتنقيص كما يضنون بل هي فيها ثناء ومدح  .
 عندما يحدثنك اي مواطن عراقي من جنوب العراق فلابد ان تغلب على بعض كلماته مفردة جا فيقول: ﭽـا شلون؟ بمعنى كيف ؟ ﭽـا شفت شلون؟ بمعنى هل رأيت كيف ؟وﭽـا ليش؟ بمعنى لماذا ؟ وتأتي كأداة ربط يصعب ترجمتها حرفيا مثل [ﭽـاشمدريني] و[ﭽـاوينك] …وهكذا وهذه الكلمة اصلا خاصة بالعراقيين فقط وأصلها منكا او قا الآرامية وهي بنفس المعنى تحولت الكاف الى (ﭽـ) ch مثلما تحولت كلمة كلب الى ﭽـلب و كف الى ﭽـف وهكذا , ونجد ذكرا لهذه الكلمة في هذه الأغنية المندائية / الآرامية الجميلة التي تنشد في الاعراس … سنتواصل بعرض لهجات العراقيين وبالاخص سكان الجنوب
 والتي تبين عمقها في حضارة العراقيين القدامى … طركاعه كلمة كثيرة الاستعمال عند الرجال والناس وهي تعني حدث عظيم ، واضطراب شديد أو أمر جلل وازعاج وفوضى، فنقول (طرك البيض) أو(طرك اللبن) بمعنى خفقه وحركه وهي مشتقة من الجذر الثلاثي الآرامي (ط ر ق) بمعنى : يخفق، يخلط، يقلق ـ اصبحت بعدئذ طرگـاعة .
اسليمه كرْ فـَتـَـه يطلقه (البصريون تحديدا) على من لا يطيقونه. و (سليمه او سليموت) بالبابلية والآرامية تعني الموت او شبح الموت والفعل گـرف يعني جرف اي أخذ, وعبارة (اسليمة كرفته) عبارة تمني بمعنى ليت الموت يأخذه .
عزه: تقول النساء عزا بمعنى ـ المصيبة ـ والعزا (أزا) بالارامية هي النار المتقدة ـ الحريق او الكارثة التي تنجم عنه .
بلا بوش: قليل الحياء ، الذي لا يستحي وبلا تعنى بدون وبوش كلمة ارامية قديمة تعني الحياء،  وبلا بوش تقال للشخص القبيح اي بلا حياء
شاغ ، وشاغت روحه : أي ذهبت روحه وغاب وعيه وهي من الفعل الآرامي (ش غ ا) بمعنى: يضيع، يُفقد
كش: تقول النساء العراقيات (كش برد حيلك) أو (كش بره وابعيد) لطرد الشر أو للتخلص من الشؤم، وكش فعل أمر بمعنى ابتعد أو انصرف بعيدا، واصلها في السومرية (كاش) وتعني اهرب أو انصرف. وهي ذات المفردة المستعملة في لعبة الشطرنج.
سرسري  : كلمة ارامية تعني ذو الاخلاق السيئة ؛ أي سمسار. وهي بنفس المعنى بالفارسية ايضا.
تمريخ: من تمروخ الآرامية بمعنى الدعك او المساج  يقول العراقيون: مرّخوله رجله وفاخ من الوجع: أي دعكوا قدمه وارتاح من الألم.
يفوخ: وهي من الجذر الآرامي (فوخ) بمعنى يرتاح يقول الجنوبيون: افوّخ الجمجمة بمعنى أريح الرأس.
صـكله : لعبة يمارسها الاطفال في العراق هي كلمة ارامية تعني : تكويم الحصى
حرمه : بعض الناس يشيرون الى المرأة بالـ ” حرمه ” ، وترد هذه االكلمة في اللغة الأكدية بصيغة (حرماتو)
مسـكوف: من الفعل الآرامي (س ق ف) اي خوزق (سيَّخ) ومسكوف يعني مخوزق (مسيَّخ) وذلك لأن من يشوي السمكة يقوم بشقها من الظهر وينظفها ثم يخوزق (يسيَّخ) السمكة عرضيا بأسياخ (أوتاد) خشبية ترفعها عن الأرض وهي تقابل النار.
يشجر: يشجر التنور بمعنى يحمي التنور، و(يشـگـر) بالارامية من مشـگـور، وهو شجر الطرفاء المعروف الذي يحمى به التنور او الآتون .
ماشه: وهي من الاكسسوارت النسائية التي تربط بها خصل الشعر، والكلمة سومرية الأصل وتعني الرأس (ماش) أو ما يرتبط به.
مَشط : في الاكدية (مُشطو)، ومشط محققة في الاكدية عن الحقبة الآشورية والبابلية القديمة.
منجل: وتلفظ في الاكدية (نكّالو)، ومنجل محققة في الاكدية من الحقبة الآشورية والبابلية القديمتين.
جـرخ: وتعني اسطوانة أو عجلة أوشكل مدور، وهي سومرية الأصل، ومنها اشتقت كلمة الكرخ للتعبير عن بغداد المدورة.
جنة: زوجة الابن، وهي مفردة سومرية، أصلها (گن) وتطلق على الجارية.
كفة: (القفة) تسمية سومرية أكدية وكانت تستخدم كوسيلة نقل منذ ذلك العصر السومري.
صرايف: ومفردها صريفه: من صريف السومرية الاكدية بمعنى كوخ القصب.
سنسول: وتعني العمود الفقري، وغالب اطلاقه على السمك، وأصل الكلمة بابلي.
سكّان: دفة السفينة وتلفظ في الاكدية (سكانّو) وفي السومرية (زي – كَان).
إسكاف : وتعني إسكافي أو صانع الأحذية وفي الاكدية (اسكابو)، واصلها من السومرية.
كَباب : لحم مشوِي، وفي الاكدية كبابو
ملاّح: بحّار، وفي الاكدية ملاحو، وربما كانت تلفظ (ملاّحو), وهي من السومرية – ملاح- وتكتب (ما- لاح)، وتعني بحا-
شبوط : وهو سمك نهري/ بالآرامية شبوطا، وبالعربية بذات المعنى
شرم  : تسمية آرامية وتعني الشق , والأشرم مقطوع الأنف.
شعواط :كلمة آرامية، مسته النار مسا خفيفا دون الحرق
شقلب : تعني آرامية وتعني عَكَسَ الشيءَ وقَلَبَهُ رأسا على عقب
شقل تسمية في الآرامية شقلا، وزن، ومنه عُملة اسرائيل الشاقل وهي وحدة وزن بابلية، وبالدارجة العراقية شقلَ الطفلَ أي حمله على الكتف، و لم أقع عليها في ما بين يدي من مصادر عربية.
شلح : تعني تعرى من ملابسه. هذه المفردة موجودة في العربية مع الاعتراف بأصلها العراقي”.
شنتر : أوقف أحد أعضاء جسمه، يقال شنتر إذنيه، ومستعملة في العراق بإبدال الشين عينا، عَنْتَرَ، لتوتير وشنترة أو عنترة العضو الجنسي الذكر.
صنطة : آرامية وتعني الهدوء والسكينة. ولا وجود لها في العربية.
طبش : آرامية، ضرب الماء بكفه. لم أقع عليها في ما بين يدي من مصادر عربية.
طمس : غطس غاص في النهر. آرامية موجودة في العربية بذات المعنى
عُگرگة : الضفدع، بالآرامية عقروقا.
هرفي: بالأكدية هربو بالباء البابلية، وتعني الزراعة المبكرة وعكسها أفلي، ومازالت كلمة هرفي تستعمل في جنوب العراق وتعني الخروف الصغير، وردت بهذا المعنى في اللسان (والهَرْفُ: ابتداء النبات).
بعد هذا العرض لمفردات اللغة واصل جذورها انها مرتبطة بلغة العراقيين القدامى اصحاب حضارة سومر واكد وبابل وان نطق ابناء جنوب العراق هذه الكلمات وبقاءها حية من خلال استخدامهم لها يدل بلا شك ان هؤلاء هم عراقييون اصيلون وليس كما يدعى زورا وبهتانا انهم اقوى قدموا من بلاد فارس او الهند فلو صح هذا الادعاء الكاذب لنقلوا معهم لغة ولهجة اقوامهم وتعذر عليهم استخدام لهجة العراقيين القدامى فقد ثبت بالدليل الملموس ان الايراني اذا عاش في العراق عشرات السنين لا يستطيع التخلص من لكنة لسانه حتى وان اتقن العربية , كما يتعذر عليه تعلم اللهجة
 والكلام الدارج الاجتماعي .. وقد بحث عن كلمة هيايته المستخدمة عند البغدايين وكلمة عجل يابه فلم نعثر لها على جذر لغوي عند العراقيين القدماء …بقي لنا ان نذكر ان العراق تعرض الى حكم الدوبلة الفارسية والدولة العثمانية ولا بد ان يتاثر سكان جنوب العراق بكلا اللغتين وبعد البحث والتحري فقدراينا كلمات قليلة من الفارسية والتركية في استخدمات عراقيوا الجنوب قياسا بلغتهم الاصل التي بيناها فمثلا من الكلمات الفارسية التي لازالت تستخدم الى اليوم .. باجة , اوتجي ,برده يعني ستاره , بصمه يعني توقيع , تك يعني فرد , بقلاوة نوع من الحلويات ,بوسة تعني
 قبلة , ترمز وعاء حفظ الماء … اما الكلمات التركية فلازالت تستخدم في المثلث الغربي وغرب بغداد وهي ادب سز يعني عديم الاخلاق  , بسطرمة نوع من الماكولات, تبسي نوع من الماكولات , بلشة تعني ورطه , بوش يعني فارغ  , تفكة تعني بندقية , باجي تعني الاخت الكبيرة او زوجة الخال او العم .
ان هذه اللهجات تمثل تراث اصيل من تراثنا اللغوي القديم ولاسيما من اللغات القديمة التي ازدهرت في مواطن حضاراتنا القديمة السومرية والبابلية والاشورية اللتين هما من ارومة واحدة مع العربية كما يراها الدكتور طه باقر … الباحث صباح مال الله  يقول : لا زال في اللهجة العراقية ما لا يحصى من المفردات والتعابير واساليب الللحن واللفظ والتصوير اللغوي من اللغات (السومرية والاكدية والآرامية) .
المصادر :
– محمد شراد حساني / القاموس الوجيز في العامية العراقية / دار الآداب 2007
ـ  محمد رضا الشبيبي بين الفصحى ولهجاتها / مجلة المجمع العلمي العربي ـ ج 9
ـ محمد رضا الشبيبي / أصول الفاظ اللهجة العراقية / مجلة المجمع ـ جـ 13
– ابراهيم السامرائي / قصة العامية في العراق / مجلة المجمع / ج 41
ـ عباس العزاوي الامثال العامية / مجلة المجمع / ج21
ـ عبد الرزاق البصير / بين العامية والفصحى / مجلة المجمع / ج 14
ـ محمد صادق زلزلة / مجمع الأمثال العامية البغدادية وقصصها / دار الارشاد / بيروت 2006
– صباح مال الله / كلمات آرامية مازالت حية في العامية العراقية / دراسة منشورة
– علاء اللامي / الحضور الأكدي والآرامي والعربي الفصيح في لهجات العراق والشام العامية
– معجم مختار القاموس / الطبعة التونسية

أحدث المقالات