18 نوفمبر، 2024 3:45 ص
Search
Close this search box.

هل ستكون بغداد سايغون الثانية؟

هل ستكون بغداد سايغون الثانية؟

كم نتمنى أن يكون جيشنا ذو الماضي الوطني العريق أفضل حالاً ما هو عليه اليوم. جيشنا الباسل الذي كان مفخرة العرب والعراقيين.إلا إن الساسة السابقون واللاحقون ساهموا ومع الأسف الشديد في إذلاله وإضعافه. منذ أن كان الشاب العراقي يساق للخدمة الألزامية بعد أن يكمل السابعة عشر من عمره, ويزج في الحروب دون تدريبٍ أو تجهيز كامل وبراتبٍ لا يسد اجور نقله من وحدته العسكرية الى بلدته أثناء تمتعه بالإجازة .ومنذ أن إهتم النظام السابق بالعدد لا بالعدة والتدريب حتى فاق جيشنا عدد جيوش أكبر الدول.وصاحب هذا إذلالٌ لشخصية الجندي والمراتب وسرقة اقواتهم,وتجهيزاتهم .ولم يحظَ بالتدريب الكافي بل زجٌ بحروب دون أهداف ومتطلباتٍ وطنية بل بدفع طائفي وخدمة لأغراضِ دول لا تريد لبلدنا إلا الشر والأضعاف والتمزق. وإستمر الحال الى الأسوء من هذا بعد التغيير .فالشاب الذي يتطوع يدفع رشى ضخمة ليضمن إلتحاقه بالجيش ,من أجل الراتب ولقمة العيش. والغالبية منهم لم يجرِ إختبارهمٌ للتأكد من صلاحيتهم الجسدية ومن المواصفات التي يجب أن يتمتع بها المقاتل المقتدر .ولكن الوسطاء والسماسرة هم من الذي يرشح ويختار, بعد أن يقبضوا الثمن. ومع هذا فلا وجود فعلي لهم في الجيش أو القوات المسلحة . فهم أرقامٌ يتسلم الضباط والقادة النسبة الكبرى من رواتبهم دون حضور ولا تدريب مهني. وأما الضباط والقادة فقد لعبت المحاصصة ومبدأ الدمج دورها في وجود قيادات وضباط لا يليق بجيش كجيش العراق العريق أن يكونوا ضباطاً فيه ولا قادة. فلا كفاءة ولا مهنية ولامقدرة .فما تواجدهم في القوات المسلحة إلا حصيلة اللا إخلاص واللاوطنية واللا ضمير التي تمتع بها من بيده القرار .

إن درس سقوط سايغون عاصمة فيتنام الجنوبية على يد الفايتكونغ الشيوعيين في ظهيرة 30 نيسان عام 1975.بعد فرار القوات الأمريكية وإنهيار الجيش الفيتنامي الجنوبي,لا ينسى وعبرة لمن يريد أن يعتبر. فالداعشي اليوم يقاتل بسلاح جيد وبكفاءة بعد تدريبات عنيفة مهنية متطورة. جرى بعضها في دول الجوارالأقليمية. وبعقيدة النصر أو الشهادة. وغالبية جنودنا أو الحشد الشعبي يقاتلون بسلاح قديم كلاشنكوف صدئه وتدريب بسيط أو بدونه وبعضهم جاء من أجل الراتب. والضباط تعوزهم الكفاءة والتحصيل الأكاديمي والتدريب.وولاؤهم ليس وطنياً بل طائفياً أو عرقياً أو لكتل سياسية. ولا وجود لقيادات عسكرية كفوءة مخلصة موالية للعراق وأرضه وشعبه.والفساد المالي نخر جسم الجيش وهيكله فوزارتي الدفاع والداخلية من أفسد الوزارات مالياً وإدارياً.لذا كانت الحصيلة إنهزامات متكررة.

كل الدلائل تشير ورغم القصف الجوي لطائرات التحالف على مواقع داعش وفق أهواء الآخرين من دول الجوار في سوريا والعراق إن هذه الضربات لم تغيير شيئاً على أرض الواقع العسكري. فداعش تمسك الأرض وتتقدم يومياً .وقواتنا تتراجع أمامها جهاراً نهاراً.وإن إستعادت قواتنا المسلحة ناحية أو قطعة أرض تستعيدها داعش بعد فترة قصيرة وها هي داعش تتقدم صوب بغداد. فلقد إستكملت إحتلال هيت وتقدمت نحو الرمادي وهي تهدد قاعدة عين الأسد الجوية.والضلوعية تتبادلها قواتنا مع داعش والأمر بين كرٍ وفر. كل هذا يدل على إن الستراتيجية الغربية وما تفعله أمريكا عسكريا لن يجدِ نفعاً وإن جيشنا غير مقتدر.وهزائمنا متكررة ومتلاحقة.

والمصيبة إن قادتنا يصرحون بأننا لا نحتاج لقوات برية أجنبية ,ولا لطائرات عربية تشارك في ضرب داعش. ولا يعترفون بالحقيقة.أي إنهم مصرون على ضياع العراق.وإنهاء وجوده.وهم بهذا يرسلون الرسائل لشعبهم .أن إستعدْ للكارثة. وليبحث كل شخص عن ملجأ من الموت الزؤام والذبح بالسواطير ,على يد الدواعش.وبغداد ستكون الهدف الأقرب.وإن إستمر نهج حكومتنا وقادتنا ومن بيده القرار على هذا المنوال فبغداد ستكون سايغون الثانية. فهل هذا من الدين بشيء وجلهم يدعون التدين وأحزابهم بعناوين دينية.أين ياترى وإعدوا لهم ما إستطعتم من قوة ورباط الخيل ترهبون بها عدو الله وعدوكم؟

نحن لا نمتلك القوة فما العيب بالأستعانة بالآخرين؟أم إنًّ الخلاص في الشعارات الطنانة والسير وراء مصالح الغير.

ولا تفوتني الفرصة أن أنبه وإذكِّر (فذكر إن نفعت الذكرى) إن الأمريكان لا يمكن الأعتماد عليهم بشكل تام .بل يجب الأعتماد على شعب العراق وجيشه أولاً.وتجارب الشعوب مع أمريكا عدا تجربة سايغون كثيرة ولا

يمكن التغاضي عنها وهي تخليها عن شعب العراق بعد إنتفاضة 1991 و عن أدوارد شيفرناتزة وجوجيا وعن شاه إيران وكلها شواهد على إن أمريكا والغرب يقدمون مصالحهم أولاً وقبل كل إعتبار.

لقد أفشل السيد السيستاني بحكمته وبصيرته الثاقبة المخطط الداعشي لأسقاط بغداد بعد الموصل وتكريت بفتوى الجهاد الكفائي.ولكن داعش اليوم قويت شوكتها بسبب الحلول الترقيعية والمحاصصة. والخطر قادم وبغداد هدف داعش الأقرب ومن ثم باقي العراق.فإلى متى السكوت يا مرجعيتنا الرشيدة؟ وأنت المقتدرة على تحريك الشعب. وإجبار الساسة للسلوك الصحيح . لقد ثبت لشعبنا إن قرار ساسة العراق ليس وطنياً فكل كتلة لها إرتباطها إما بدول الجوار أو أميركا . فلا أحد يتوقع منهم أن يسلكوا منهجاً مغايراً,نحن بحاجة ماسة لقوات دولية على الأرض, لأنقاذ الموقف يصاحب هذا إعادة هيكلة الجيش وتسليحه وتدريبه وتهذيبه ليتخلص من الطارئين . فهؤلاء مصالحهم هي الأهم أما مصير العراق وشعبه فلا قيمة له عندهم ولا فرق عندهم بين سايغون وبغداد.ولا الركون لدول التحالف ولستراجيتها يحقق لنا طرد داعش فمصالحها وسلامة إسرائيل هي الأجدى بالأهتمام.

الكرة الآن بملعب المرجعية الدينية والشعب وما السكوت إلا مساهمة في ضياع العراق وشعبه.وأقولها لشعبي ماحكَّ جلدك غير ظفرك فتولَ أنت شؤون أمرك.

أحدث المقالات