جاء في معجم الألفاظ معنى اللقب انه ((اسمٌ يُسمَّى به الإنسانُ غير اسمه الأوّل ، للتَّعريف ، أو التَّشريف ، أو التَّحقير )) وكان عرب الجاهلية وشعرائها يوزعون الالقاب ويطلقونها دون أدنى سبب,, يذكر صاحب كتاب ألقاب الشعراء هذه العبارة ((فإن للألقاب عند العرب قصة طويلة في جاهليتهم وإسلامهم، فقد كانوا بها مستهترين، يطلقونها لأدنى مناسبة وأيسر ملابسة، سواء أفادت أصحابها مدحاً أم ذماً، رفعة أو ضعة، تشريفاً أو تعريفاً)) اما الألقاب اليوم ففيها بعض المغايرة والاختلاف عن سابقتها نتيجة تغير الحياة وتبدل الكثير من القيم الاجتماعية, فاللقب اليوم قد يكون نيلا لمركز رياضي او اجتماعي او علمي متقدم في المجتمع فقد يكون لقب أستاذ او دكتور او طبيب او مهندس وغيرها ,هذه الألقاب تستخدم للدلالة وهي ظهرت نتيجة تنوع وزيادة حاجات المجتمع حيث ان التخصص يستطيع ان يغطي حاجات المجتمع المتنوعة فالمجتمع بحاجة الى طبيب ومهندس ومحاسب ومحامي ومعلم ومدرس الا ان العراق البلد المتورم والبوتقة التي تقوم بصهر كل شيء وإعادة تكوينه وفق منظومتها وقيمها الاجتماعية فالعراق اليوم منتفخ من كثرة الألقاب ومن سيادتها وتقدمها على حساب العلم والمعرفة والانجاز والناتج الحقيقي , ان ألقاب مثل فخامة رئيس الجمهورية و دولة رئيس الوزراء ومعالي الوزير وآية الله العظمى وحجة الإسلام والمسلمين أصبحت في مقدمة نشرة الأخبار على اغلب القنوات الفضائية التي تحاول جاهدة في إضافة المزيد من الألقاب على الشخصيات السياسية والدينية التي تنتمي لها هذه القنوات لكي تحفر عميقا في ذهنية المتلقي فتضع صورة الزعيم او القائد او المرجع في وسط ذاكرة هذا المتلقي او المشاهد فتكون جزء لا يتجزأ من ذاكرته ,ان غياب الناتج الفعلي الحقيقي لهؤلاء القادة و وجود دوائر مصلحيه منتفعة قريبة منهم هو الذي يضخ إعلاميا من اجل تضخيم هذه الألقاب على حساب ناتجها فنجد مثلا ان اغلب القادة الدينيون اليوم ليس لهم منتج معرفي في مختلف قضايا الحياة الشائكة المعاصرة فليس لهم كتب وردود عن الحداثة ومشاكل العولمة والتسامح وموقف وموقع الإسلام اليوم في العالم والإلحاد والتراث ومئات القضايا الأخرى بل ان كل ما لديهم هو انتمائهم لأُسر دينية او سياسية عريقة كانت ذات يوم في قلب الحدث بفكرها وجسدها وعلمها وعملها ولم تكن تنكي على لقب بل كانت هي منجز حركي ساهم في تحريك المجتمع الراكد وبث روح الانفتاح وتمزيق قشرة التخلف التي تحيط به , ان الألقاب في العراق أصبح لها سوق وبورصة اجتماعية عالية فكلما كان اللقب عاليا كلما حظي باحترام وموقع متقدم في مجتمع غابت عنه قيمه الإسلامية التي تعتمد التقوى كمقياس ومبدأ للتفاضل في الدنيا والآخرة ( ان أكرمكم عن الله اتقاكم) ونحن لا ننتقد هذه الألقاب ابتداء فهي قد تكون استحقاق ولكن ننكر استخدامها السلبي من قبل الشخص والمجتمع حتى بدا اليوم الشباب يتزاحمون من اجل الحصول على مناصب متقدمة في الدولة او الحصول على شهادة الماجستير والدكتوراء من دول وجامعات تمنحها بسهولة . الألقاب تساهم في صناعة الرموز بل هي اول من يؤسس لها في ذاكرة الوعي الجمعي لمجتمع ما فتكون بمثابة حجر الأساس لمشروع بناء الرمز السياسي او الديني وأحيانا تستعين الجهات القائمة على التفخيم والتضخيم بالرموز التاريخية وتنسخ ألقابها لتلصقها عنوة على هذا الرمز المعاصر لما للرمز التاريخي من أهمية كبيرة في عواطف وعقائد الكثير بل غالبية المجتمع , ان بلد مثل العراق في دوامة مستمرة حرب ومفخخات وطائفية فانه اصبح ينتج عشرات الرموز الجديدة التي بدت تظهر هذه الايام معتمدة على فعلها وموقفها وتواجدها داخل ساحات الحرب وهذا يعطيها زخم كبير وحيز مهم في ذاكرة الوعي الجمعي للمجتمع المكتوي بنار الحرب والطائفية . وعلى المدى البعيد سوف يكون ابناء هؤلاء رموزا بالمجان لان اباءهم كانوا يوما رموزا
*[email protected]