أقفال الحب تصدأ إلا أن الحب الحقيقي لا يصدأ
فدع ما يصدأ وتمسك بحقيقة الذي لا يصدأ تعش سعيدا
هديتي لأحبتي أصحاب هذا العمل الشباب الذين هم أمل الأمة
بداية أود التنبيه أني أنتقد وبشدة طريقة الانتقاد التي مارسها البعض اتجاه من قام بهذا العمل والاصطدام بهم واتهامهم بالانحلال وغيرها من الاوصاف وهذا خطأ فظيع أفظع من القيام بهذه الممارسة (إذا كان الناقد يراها فظيعة) فيجب علينا بيان الأمور لأجل نفعهم ونفعنا وليس التصادم معهم لمضرتهم ومضرتنا … فهم شباب محترمون واعون ان شاء الله تعالى …
بحسب ظني كانت هذه الخطوة بدايتها من إحدى المدارس الأهلية النموذجية غالبية الدارسين فيها من أسر ثرية ومحترمة وكانت الفكرة على ما يبدو نتيجة سماع أو قراءة أحد طلبة المدرسة لهذه الحالة فاستحسنها فقرر مفاتحة زملاءه في المدرسة فرحب من رحب وامتنع من امتنع وكان المرحبون يمتلكون إصرارا منقطع النظير للقيام بهذه الفكرة وكان إصرارهم ناجحا على صعيد العمل لأنه قد تمّ على أكمل وجه ولاقى رواجا خاصة بعد تغطيته من قبل كثير من وسائل الإعلام إلا أن الأمر كان مضرا حقيقة أو أن ضرره إلى الآن لم يظهر بشكل جلي لهم ولكنه سيظهر لهم قريبا لأن دول العالم الآن تعاني من هذه الحالة التي اعتبروها سلبية وذلك بعد مرور أكثر من خمس سنوات على القيام بهذا التقليد وانتشاره فقد شوهت شوارعهم ومدنهم وجسورهم وبات الأمر مقلقا لهم فكان آخر مضاره سقوط جزء من جسر الفنون أحد الجسور التاريخية المهمة في باريس بل وتشوهت الكثير من الأماكن والجسور في باريس حتى أن رئيسة بلدية باريس الجديدة آن إيدالغو وضعت هذه المشكلة في أولويات عملها لما لها من مخاطر وتخريب للمعالم لا سيما التاريخية منها … وقام بعض الناشطون بإجراء حملة لمكافحة هذا الأمر الذي وصفه بعض من قام به فيما بعد بأنه قبيحا على الرغم من أنه أحبه…
وقد قال نائب رئيس بلدية الحي الباريسي والذي يتضمن جسر “بونت دي أرت” : أن تلك الأقفال أصبحت بمثابة «احتلال». وقالت أنسيلمو وهي إحدى النشاطات المناهضات لهذه الحالة أن «مشاهدة هذا التخريب هو أمر مؤلم».
ولم تكن باريس هي الوحيدة التي تعاني من هذه المشكلة بل كثير من الدول الأوربية والآسيوية تعاني منها بسبب انتشارها …
ومن هذه المدن مدينة نيويورك هي الأخرى تعاني من هذه الظاهرة التي انتشرت في العالم وأطلقت وزارة النقل حملة لمكافحة هذه الظاهرة الغير جيدة والتي رآها المسؤولون أنها تسبب خطرا على مستخدمي الجسور وتكلف السلطات مالا وجهدا كثيرين …!
وروما أيضا ليس بعيدة عن هذا الحدث فمنها انتشر واسعا وليس منها بدأ ومنها بدأت مكافحته أيضا حيث قام رئيس روما جاكوميني بحملة لإزالتها بعد أن تم إيجاد البدائل من قبله على أن يكون التنفيذ من قبل مجلس المدينة وليس عليه إلا أنهم لم ينفذوا فأخذ آلات القطع مرددا عبارته “كفى” وأزالها وأسباب الإزالة كانت عديدة منها أن الأقفال كانت على جسر تأريخي وقد شوهت هذه الحالة هذا المعلم التاريخي والشيء الثاني الانتشار الذي رآه المسؤولون يهدد جمالية روما وهم يرون أن الجمال أكثر من الحب !
والشيء الآخر مسألة عودة هؤلاء المحبون وكتابة أشياء عدوانية وفظيعة بحسب تعليق رئيس المدينة الذي قال: «لا يمكنني ترديد ما يكتبون. إنه فظيع جدا». وذلك بسبب فشل تجربتهم العاطفية …
بدأت هذه الظاهرة نتيجة قصة قيلت أنها حدثت قبل الحرب العالمية الأولى واستغرب كيف يتم عمل هذا التقليد والقصة تظهر أن من قام بهذا العمل قام بخيانة محبوبته وتزوج غيرها حيث تحكي القصة أن معلمة أحبت جنديا صربيا وكانا يلتقيان على أحد الجسور وبعد فترة من الزمن ذهب هذا الجندي ليشارك بمهمة للجيش في اليونان فأحب إمراة يونانية هناك فعلمت محبوبته السابقة (المعلمة) فانهارت وماتت بأزمة قلبية نتيجة خيانة من كانت تظن انه يحبها !!
وكان المكان الأول الذي وضعت فيه الأقفال جسر ميلفيو التأريخي الذي هزم قسطنطين الأول عدوه مكسنتيوس بن مكسيميانوس الذي ولى هاربا على هذا الجسر فسقط به فهلك …
وكانت رواية فريدريكو موكيا هي التي أعطت لهذا الأمر رواجا أكثر فقد استنسخ الراوي هذا التقليد من القصة السابقة أو بالأحرى من تقاليد الصين وكان من بين أحداث القصة أن بطلا الفلم قاما بوضع قفلا منقوش عليه أسمائهما على جسر ميلفيو وقاما بإلقاء المفتاح في النهر …
واستخدم كاتب القصة طريقة ذكية لترويج كتابه حيث قام بنفسه وضع هذا القفل على الجسر حتى إذا جاء قراء هذه القصة إلى الجسر يجدوا قفلا مما يجعلهم يؤمنون بأن القصة حقيقية وأن من يفعل هذا التقليد يكون سعيد الحظ ويعيش مع محبوبته طول العمر فانتشرت هذه الظاهرة انتشارا واسعا مع إقبال كبير على شراء الرواية حيث بيعت أكثر من 10 ملايين من كتبه …
إذا أردنا معرفة المستفيد الثاني من هذه الظاهرة فمما لا يقبل الشك أن الصين صاحبة التقليد الأصلي هي المستفيدة أيضا من هذا العمل لرواج بيع أقفالها حيث أن الأقفال الصينية زهيدة مقابلة مع الصناعات الأخرى وأكثر رواجا وبجانبها الحبر الصيني الذي يتوفر مع الأقفال قرب أماكن انتشار أقفال الحب !
الخاتمة:
إن هذه الظاهرة أصبحت مشكلة في بلاد الغرب … ويعانون منها كثيرا بسبب إحداث تخريب للأماكن تخريب للعمران أو تخريب جماليتها فلماذا نأتي بهذه المشكلة إلى عراقنا الحبيب وهل عراقنا محتاج إلى مشاكل ألا يكفيه ما فيه !
إذا كانت الجسور في الغرب التي بنيت وفق مواصفات عالمية بدأت تترنح جراء زيادة هذه الأقفال فما بالك بجسورنا التي بنيت غالبيتها بشكل رديء (تلزيك) ؟!!
لذا أقول لأحبتي الشباب إني أثني على إصراركم وتخطيطكم لنجاح هذه الفكرة واثني على نجاحكم بما هو نجاح ولكن أرجو منكم أن تسخروا تفكيركم على عمل مثمر وجميل ترونه مناسبا لكم ولأحبتكم ولمدينتكم وستشعرون عندها بانتصار حقيقي حيث ستجنون ثمرة هذا النجاح بتشجيع كل من حولكم لكم والافتخار بكم …
فمثلا لو كانت هذه الحملة بناء على زراعة أشجار في مدينتكم تحت مسمى (شجرة الحب) لمدينتك أو لأبويك أو لمن تحب لأن في ذلك ثوابا لك ولمن تحب …
قال رسول الله (صلى الله عليه واله): من … غرس غرسا بغير ظلم ولا اعتداء كان له أجرا جاريا ما انتفع به أحد من خلق الرحمن. مستدرك الوسائل ج13 ص460
إذا تم القيام بهذه الحملة فكم من الناس سينظر إلى هذه الأشجار ويفرحه هذا المنظر ويدخل على قلبه السرور ويُسر به وما هي المنافع التي سينتج عن هذه الأشجار من هواء وظل وثمار إذا كانت من الأشجار المثمرة وغيرها من الأمور والتي ينتفع منها عامة الناس … إنه عمل جبّار وفيه من الجمالية والثواب الشيء الكثير …
ستكون بلا أدنى شك سببا للتوفيق وتحقيق الأمنيات الجميلة …
واني متفاؤل بهؤلاء الشباب لأن لديهم طاقة وفكر واصرار سينفعون به انفسهم ومدينتهم وبلدهم في الفترة القادمة …
عذرا للإطالة
ولأنكم على أبواب العام الدراسي الجديد اسأل الله تعالى لكم ولجميع طلبتنا أن يوفقكم في مسيرتكم العلمية وحياتكم العملية وأن يجعل النجاح حليفكم دوما وأبدا وأن يحفظكم من كل شر … بحق محمد واله الطاهرين