التحالف الدولي بقيادة اميركا ضد الدولة الاسلامية غير واضح الاهداف وغامض الستراتيجية …الامر الوحيد الواضح فيه هو كلفة هذه الحرب التي يقول اوباما انها قد تمتد لـ 3 سنوات ، فيما رفيقه كاميرون مددها الى 10 ، وهي مدد طويلة تطرح الكثير من الاسئلة : غزو العراق لم يستغرق الا 20 يوما ، وتدمير يوغسلافيا استلزم 10 ايام ، واسقاط القذافي وتدمير الدولة الليبية تطلب 4 اشهر فقط ، في حين ان داعش لا تمتلك امكانات الدولة ولا جيشها ولا قوة جوية ولا دفاع جوي وعددمقاتليها في اكثر التقديرات لا يزيد عن 30 الف عنصر والبقعة الجغرافية التي يتحركون عليها معلومة الحدود ومقراتها وقواتها مكشوفة لوسائل الاستطلاع والضربة ….وتمديد هذه الحرب لسنوات تعني كلف مالية باهضة ، فهل تتحمل اميركا ومجموعة الدول المتحالفة معها هذه الكلف ؟ اما الكلف البشرية والخراب على الارض فسيتحملها كل من العراق وسوريا بالتساوي والتراضي .
– في اليومين الاولين من الحملة الجوية تم اطلاق 47 صاروخ توماهوك من المدمرة ( ارلي بوروك ) من البحر الاحمر ، ومن المدمرة ( بحر الفليبين ) من شمال الخليج العربي ..سعر الصاروخ 1.590 مليون$ ، اي الكلفة الكلية للصواريخ 75 مليون $ في حملة قصف استمرت 5 ساعات فقط . كما تم استخدام الطائرات ىالاتية في القصف المتواصل شبه يوميا :
1. طائرات اف -22 من الجيل الخامس ( المسماة رابتور اي المفترس ) التي تستخدم لاول مرة ، وكلفة طلعة الطائرة لساعة واحدة اكثر من 67000$ ، تعمل هذه الطائرات من حاملة الطائرات (جورج بوش) التي تصل كلفة تشغيلها اكثر من مليار $ سنويا .
2. طائرات اف -18 ، من حاملة الطائرات اعلاه ، بكلفة تشغيل 24500 $للساعة الواحدة .
3. طائرات اف-15 ، كلفة الطلعة لساعة واحدة 42000$ .
4. طائرات اف-16 ، كلفة الطلعة للساعة الواحدة 22500 $ .
5. القاصفة الستراتيجية بي-1 التي تنطلق من قواعد بعيدة جدا في المحيط الهادي وكلفة طلعتها لساعة واحدة 32000 $.
6. طائرات الدرون ( بدون طيار ) وتبلغ كلفة الطلعةساعة حوالي 3700 $ .
7. طائرات التورنادو البريطانية تعمل من قبرص ، وطائرات رافال الفرنسية تعمل من قواعد في دولة الامارات . فيما تعمل الطائرات العربية من قواعدها في بلدانها ، وكلف الطلعات لها اكثر كونها تستغرق وقتا اكثر في الذهاب والاياب في كل غارة .
8. الاسلحة المستخدمة في الغارات على مواقع داعش متنوعة ومنها : القنابل الانزلاقية الدقيقة اتي يبلغ وزنها 120 كغم وكلفة الواحدة منها 250000$ ، صواريخ سايد وندر بكلفة 665000$ للصاروخ الواحد ، صواريخ هيل فاير بكلفة 60000$ للواحد ، اضافة الى تشكيلة اخرى من الاسلحة .
9. بسبب عدم وجود قواعد عسكرية قريبة فان طائرات التحالف مضطرة لتزويد طائراتها بالوقود جوا . ومن اصل 4100 طلعة جوية لغاية 1ت1 -2014 كانت هناك 1400 طلعة تزود بالوقود بمعدل 30% من عدد الطلعات الكلي ، وكلفة طلعة التزود بالوقود تزيد عن 100000$ .
قدر البنتاغون كلفة الحرب اليومية بـ 7.5 الى 10 مليون $ ( يجب ان نعرف ان التقديرات الاولية هي دون الحقيقية من اجل اقناع المواطنين الاميركيين بفكرة الحرب ) ، في حين كلفت الموجة الاولى من الغارات حوالي مليار $ ، والكلفة السنوية الى 21.6 مليار $ ، ومن المحتمل ان تزداد الكلفة الشهرية الى 1.8 مليار $ اذا مانشرت اميركا قوات ارضية في المنطقة بحدود 25 الف جندي( وهو امر محتمل ) فعدد العسكريين الذين تم نشرهم لحد الان في العراق1300 والكويت 2300 . وفي حالة عدم ارسال جنود تقدر الكلفة التخمينية بحدود 300 مليون $ شهريا ، وهو رقم تم تجاوزه بكثير فعليا ، خاصة اذا اخذنا بالاعتبار الكلف الاخرى المباشرة وغير المباشرة والتي ترفع الكلفة السنوية الى 9 مليار $ كما توقعها اوباما . وللمعلومات بلغت المصاريف المباشرة منذ 22 اب ( تاريخ بدء الحملة ) حتى الاول من تشرين الاول من 900 مليون –1.3 مليار $ .
واذا نظرنا الى قائمة الاهداف التي تم ضربها نجدها كالاتي :
– مقرات قيادة لداعش ومعسكرات تدريب ، وهي عبارة عن مباني بسيطة وكلها كانت تابعة للحكومة السورية مثل مبنى محافظة الرقة ومطار الرقة الرقة العسكري . تم اخلاء العديد منها مسبقا ، وقد تم ضرب مبنى المحافظة بقنبلتين انزلاقيتين بكلفة اكثر من مليون $ .
– تم ضرب 12 مصفة صغيرة للنفط ، وهذه المصافي البدائية تكرر مابين 300 – 500 برميل يوميا وهي غير عائدة لداعش وانما للعشائر المحلية التي قامت بنجميع هذه المصافي القديمة والبدائية من تركيا وتشتري النفط الخام الذي تسيطر داعش على انتاجه لتحوله الى مازوت وبنزين للاستخدام المحلي . كلفة المصفى الواحد لا يزيد عن 20 – 30 الف $ ، في حين بلغت كلفة الاسلحة التي ضربتها اكثر من مائة ضعف .
– في اسبوعين من حملة القصف تردد من مصادر المعارضة السورية ان عدد قتلى داعش بلغ 220 ( في حين ان داعش تتكتم على الخسائر مع انها تقول ان الخسائر اقل بكثير مما يعلن ) . ولو اجرينا حسبة بسيطة لاستنتجنا ان كلفة قتل مقاتل واحد من داعش كلفت لحد الان 3 مليون $ ( يابلاش ) ، والاميركان يقولون ان هناك 30 الف مقاتل ، وهذا يعني ان كلفة القضاء على كل الدواعش سيكلف 30 مليار $ .
ان احد مبادىء الحرب هي الكلفة والتاثير ، اي ان يكون هناك تناسب بين قيمة الهدف المستهدف ومايصرف من جهد ومال لاجل ذلك ، و في الحقيقة تغيب هذه القاعدة في هذه الحرب . فالحرب الجوية مكلفة جدا والاهداف المضروبة لحد الان لم تحدد الجهد الحربي لداعش الا قليلا ، فباستثناء ضربات اليومين الاولين فان باقي الاهداف التي تقصف يوميا ليست ذات قيمة كبيرة خاصة مع تكييف داعش لتكتيكاتها لتفادي خسائر القصف الجوي .
وقد يقول بعض الباحثين ان ضرب المصافي قد اوقف تمويل داعش ، وفي الحقيقة وكما بينا ان المصافي غير عائدة لداعش ، وانما هي تسيطر على ابار النفط التي تنتج بحدود 20000 برميل يوميا وتبيعه لمهربين من العراق ولبنان وتركيا وقسم منه لعشائر المنطقة لتصفيته للاستخدامات المحلية ، وهذه العملية لم تتوقف الا جزئيا . ومالم تتعاون تركيا في وقف التهريب فلن يتأثر تمويل داعش.
ان الكلف العالية لهذه الحرب هي احد الوجوه الغامضة لها : فهي حرب تبدو مفتوحة لا نهاية لها ، غامضة الاهداف النهائية ، كما ان ستراتيجيتها هي الاخرى غير وا