في كل مرة ، حينما يواجه العقل والشخص المتخلف والفاشل والفاسد مأزقا ومطلبا بكشف حساب ، أو ردا على موقف خاطئ أو خطيئة ارتكبها بقضية فساد موثقة رسميا مثلا ، نراه إما (يطنّش) وهي العادة السائدة اليوم ، أو نسمعه ، وربما من ينوب عنه ، يلف ويدور ، ثم يضج بالصراخ والعويل والتباكي حرصا على السمعة الشخصية أو السمعة الجمعية ، (منظمة ، جمعية ، حزب ، طائفة ، دين ، وزارة ، وطن ، وأحيانا عملية سياسية ! ) ، ويدعو لتجنب نشر الغسيل الوسخ كي لا نقدم خدمة لأعدائنا الأشرار !
يا للعجب ! ألا ينبغي على من يدّعي الحرص على سمعته الشخصية وسمعة بلده مثلا ، أن يتذكر في كل حين بأن عليه أن يكون حسن السيرة والسلوك ، ويتجنب مواطن الخطأ والزلل ، ويبتعد عن المواقف التي تعرضه للشبهات ، التي يستفيد منها الأعداء والعواذل والحسّاد ؟! لماذا يتذكر فجأة ، وبعد وقوعه في المحظور أن له ولبلده سمعه ، وعلى الآخرين احترامها وأن يحرصوا عليها بدلا منه ؟ لماذا يسمح لنفسه بأن يتصرف كيفما اتفق وفق المشيئة والهوى ، أي دون اعتبار لأي مبدأ أو قانون – لا حساب ولا كتاب ولا صدّاد ولا ردّاد – ثم يستنكر ويهدد ويتوعد من يتصدى له ويطالبه بكشف حساب ، بالويل والثبور وعظائم الأمور ؟ إلى متى يستمر هذا التذاكي ؟ ألا يعني هذا بأن الحرص على السمعة وعدم فسح المجال للمتصيدين في الماء العكر ليس أكثر من لافتة متهرئة ولعبة قديمة ومخادعة لا تنطلي إلا على السذج ؟ وإن برفعه هذه اللافتة البالية إصرار على الخطأ ، واستمرار على التخبط في وحول المستنقع الذي سقط فيه ؟!
نعم هو كذلك ! وبالضد مما ورد في المأثور الشعبي : (امشي عدل يحتار عدوك بيك) ، يظهر وبوضوح أن البعض لا يدري أنه يطلب المستحيل ، حين يصر بغباء أن يظل أعوج ، وفي نفس الوقت يطلب من الناس الكف عن الحط من قدره والسخرية منه ، وهم يرونه ، مثل (الإمبراطور) يتبختر بخيلاء بينهم ، فخورا بملابسه العجيبة الغريبة ، وهو يجهل أنه عريان …. لابس من غير هدوم !
أما (التطنيش) الذي نأمل وضع حد له ، فهو مظهر لثقافة بائسة ، وموقف يفتقد للشجاعة ، وضرره يصيب أكثر من طرف وفي المقدمة (المطنشون) ذاتهم . والمراهنة هنا على صدأ الذاكرة ، وانشغال الناس بمصاعب الحياة اليومية ، هي مراهنة خاسرة ، خاصة اليوم حيث تتوفر منافذ متعددة للنشر ، ويمكن بسهولة أن تنشر أي قضية على الملأ ، وتكبر مثل كرة الثلج لتصبح قضية رأي عام …. والخير والبركة ، بذاكرة الشبكة العنكبوتية التي …. لا تصدأ !
*المقال ينشر دفاعا عن حرية الرأي والكلمة في مواقع النشر ، ومنها صوت العراق الذي حذف من الموقع مقالين للأخ عدنان حاتم السعدي ، وضد النزعة التسلطية والفساد والفاسدين من كل شكل ولون وحيثما كانوا .