من الطبيعي ومن المسلّم به أن لا احد يرغب بوجود او بقاء قوات اجنبية في بلده وربما بأستثناء اطرافٍ ما في بعض الأحزاب والتي لسنا بصددها الآن . وبقدر تعلّق الأمر بمقاتلة داعش < والتي سبق وان كتبنا انّ العراق لاخيار له سوى الأستعانه بالمقاتلات الامريكية لقصف داعش من الجو ولم يشاؤوا فعل ذلك على الجبهة العراقية .! ثمّ , وإذ لم يبق مسؤولٌ عسكري او سياسي في العديد من الدول ذات العلاقة إلاّ واعلن وصرّح بأنّ الضَرَبات والغارات الجوية لا يمكن ان تقضي على داعش ” وكنّا على دراية مسبقة بذلك من قبل نشر تلكم التصريحات ” واذ كما معروفٌ أن ليس بوسع القوات العراقية القضاء على تنظيم داعش لا في البر ولا من الجو وبأيّ شكلٍ من الأشكال , وحيث تتوالى التصريحات الرسمية العراقية برفضها ايّ وجودٍ لقواتٍ اجنبية على الاراضي العراقية , فمعنى ذلك ” ابتداءً ” انّ الحرب مع الداعشيين ستبقى مفتوحةً لأجلٍ غير مسمّى .! ولاسيما الأخذ بنظر الأعتبار أنّ الغارات الجوية التي تقوم بها المقاتلات الامريكية وبعض الدول الأخرى تحمل طابع ” الرمزية ” بشكلٍ او بآخر اكثر مما هي فعلية بالمفهوم العسكري الصِرف , وذلك من خلال الأعداد القليلة جدا للطائرات المشاركة في عمليات القصف الجوي والأسناد الأرضي للقوات العراقية , وكذلك ايضا من خلال الغموض الذي يحيط برفض الأمريكان من إطلاع وإظهار نتائج ضَرَباتهم على داعش الى القيادة العسكرية العراقية وما يتضمنه ذلك من الصور الجوية للأهداف المفترض تدميرها , كما يضاف الى ذلك امتناع الجانب الامريكي من استخدام طائرات ” الأباتشي ” المروحية في الهجمات الجوية على داعش طوال الشهور الماضية ولغاية اليوميين الماضيين حيث جرى اول استخدامٍ لها ولكن في قاطع وليس في شمال العراق والموصل وسنجار وصلاح الدين حيث المعاقل الرئيسية لداعش هناك , وكلّ هذا ليس سوى عامل اضافي للتأكيد على الحرب مفتوحةً مع تنظيم داعش …
وبالعودة الى الرفض العراقي الرسمي المشدد او غير المتشدد لوجود اي قوات اجنبية على اراضيه لمقاتلة هذا التنظيم الأرهابي , فمن المناسبِ جدا هنا التذكير بالحشد والتحشيد لثلاثٍ وثلاثين دولة في حرب 1991 لمقاتلة الجيش العراقي في الكويت ” وكان الجزء الأعظم منها داخل الأراضي السعودية ” وكانت من ضمن تلك الدول مَنٍ رغبت وتمنّت مسبقا مثل هذه المشاركة هي بعضٌ من الدول الأفريقية الفقيرة , وبهذا الخصوص فقد تحسّبت السعودية للأَبعاد المستقبلية المفترضة لتواجد تلك الجيوش على اراضيها ولا سيما الجيوش الأمريكية والبريطانية الكثر ثقلاً , فعقدت معها ما يشبه المعاهدات او المواثيق والتعهدات المكتوبة والموثّقة رسمياً بخروج تلك الدول فور انتهاء الحرب مع العراق . والمقصود في هذا التذكير السابق هو ما ينقسم الى شطرين , اولهما : هو حاجة العراق الماسّه الى قواتٍ يحدد ويطوّق فيها المساحة التي تتواجد فيها داعش ويمنع عنها قابلية التوسع والأنتشار تمهيدا للإحاطة للمرحلة الثانية , أما ثانيا : فأذا استطاع العراق من حشد اكبر عدد من الدول المستعدة للمشاركة في قتال داعش واخذ تعهداتٍ موثقة منها عبر الأمم المتحدة بمغادرة العراق متى ما شاء ” وخصوصا من دولٍ غير بريطانيا وفرنسا وامريكا ” , فأنه سيكون قد خطا خطوةً ستراتيجية فعالة في حصر داعش في مناطقٍ ومساحةٍ محددة ليتم تضييق الخناق عليها والأنقضاض عليها في المرحلة الأخيرة , إذ بعكس ذلك , يبدو انّ جهد القوات العراقية سيظلّ مشتتاً بين الكرّ والفر وفي جبهات ثانويةٍ متناثرة مع داعش تمتدّ من ” هيت ” تارةً والى اقاصي ” الموصل وسنجار ” بتارةٍ اخرى , وتنجرّ الى ” صلاح الدين واطرافها ” بغيرها , حتى اضحى أمر الجيش العراقي لينجرّ الى حالة ” ردّ الفعل ” حيثما تهاجم داعش اكثر ممّا يمتلك زمام المبادرة والمبادأة بالكامل …