كلاهما الرأسمالية والأشتراكية , وكلاهما المنطق والموضوعية + الديالكتيك – المادية الجدلية , يقرّون بالإجماعِ وبالتزكية , وفي جميع الأديان والمذاهب والأعراق والقوميات , كلّهم يجمعون ويعترفون ويؤكدون أنّ لأنها بالتأكيد معلوماتٍ صحيحة وموثّقة وصادرة من دائرة الجوازات ذاتها ” وقد جرت العادةُ والأعرافُ والتقاليدُ أن يتم تجديد جواز السفر هذا قبلَ عدّةِ شهورٍ منْ نفاذه او ” انتهاءِ مفعوله ! ”
وبالتالي فأنَّ مَنْ يُراجع لتجديدِ جواز سفره ” من المفترض ” أنْ لا يواجه عقباتٍ ولا يصطدم بروتينٍ غير مبرّر ولا يمضي ساعاتٍ او أيامٍ لأنجازٍ معاملته , لكنّ الطامةَ الكبرى والأكبر من الكبرى أنْ الذي يُراجع دائرة الجوازات عليهِ أن يستقبل ويعايش مرحلة الهموم والكآبة قبلَ يومٍ او يومين منْ ذهابه الى هذه الدائرة التي تُعقّد الحياة وتُؤزّم المشاعر وتُهين كرامة المرء بقصدٍ او بدونه .! وثمّ عليه أن يبتدئ مسيرة الأرهاق بأشواطٍ ومراحلٍ وخُطُوات , وأولى تلك أن يتفاجأ بأنّ جدول مراجعته لهذه الدائرة سيكون في يومٍ او تأريخٍ محدد حسبَ الحروف الأبجدية
او حسبَ الأحياء والمناطق السكنية , وبذلك فعلى صاحب الجواز أن ينتظر ” اليوم الموعود .! ” , وفي ذلك اليوم فعليه ايضا أن يبدأ بالخطوة التمهيدية لخوضِ هذا الصراع والتي فحواها الذهاب الى مصرفٍ محدّد وقريب الى دائرة الجوازات المعنيّه بغية أن يُنظّموا ويُصدروا له صك بقيمة25,000 دينار لكنّ المصرف يتقاضى مبلغ 34,000 دينار , أمّا الخطوة الثانية فتبدأ بمراجعة الموظف الأول في هذه الدائرة لكي يُدوّن استمارةً مضمونُ حقولها هو المعلومات والأرقام والتواريخ المدوّنه في المستمسكات الأربعة لصاحب الجواز , والطريفُ الغيرَ طريفٍ في ذلك هو أنّ هذا الموظّف الأول يطلب من ” المُراجِع ” او صاحب الجواز ليقوم بتدقيق المعلومات التي دوّنها هو في الأستمارة , وبعد ذلك يُحيلكَ الى موظّفٍ آخرٍ لأستنساخِ المستمسكات الأربع مقابل مبلغ 10,000دينار كثمن للأستمارة والأستنساخ , ويلي ذلك مرحلة الأنتقال الى شخص آخر ليضع المستمسكات الأربع والأستمارة في ملف ” فايل ” , وكبسها بالكابسة ” فقط مقابل 2000 دينار , لكنّ المهمة الشاقّة في ذلك ليست في قيمة هذا المبلغ او ذاك وإنّما في إعادة الوقوف مجدداً في الطابور الطويل أَمامَ كلّ مَنْ يجب مراجعته من اولئك الموظفين .!! والغريب في الأمر أنّ اولئك الأشخاص الذين تمّت مراجعتهم والذين تقع امكنتهم في محيط او مساحة دائرة الجوازات الفرعية
ولكن ليس داخل مبنى الدائرة .! فمن غير المعروف اذا ما كانوا موظفين فعليين او عدمه , لكنّ عند سؤالهم يدّعون انهم تابعون لدائرة الجوازات , وكلّ هذا وذاك ممّا مضى اعلاه ليس سوى عملية تمهيدية للدخول الى المبنى او المكتب الفعلي لهذه الدائرة .! العمليةُ الفعليةُ لتسليمِ جواز السفر السابق تبدأ بالأنضمام مجددا والوقوف في الطابور وعند مقابلة الضابط الأول الذي يقوم بتدقيق المعلومات المدوّنه في الأستمارة والمستمسكات والتأكد منها فأنه يتفضّل بوضع توقيعه على صحة ذلك وثمّ يحيلك الى ضابطٍ آخرٍ لغرض وضع بصمة صاحب الجواز وليحدد له موعداً يستغرق بضعة ايام ليتسلّم جواز سفره الجديد ولكن من دائرةٍ اخرى وهي المديرية العامة للجوازات لتنتهي بذلك رحلة الإرهاق والمشاق ..!
وإذ بلغنا هنا اقصى وآخر مراحل التخلّف والأستخفاف بالمواطن , فنشهد في مواقع التواصل الأجتماعي ومنذ فترةٍ من الوقت فلما ” فيديوياً ” يعرض جهازاً تقنياً متطوراً في اليابان , وهذا الجهاز المحبوب يتولى مهمة استبدال جواز السفر القديم بالجديد دونما مراجعاتٍ وطوابير .! كلّ ما يتطلّبه الأمر هو وقوف المواطن أمام الجهاز لمدة فقط لاغير ويقوم بإدخال جوازه وهويته داخل الجهاز ليجري التقاط صورة له بشكلٍ اوتوماتيكيّ وبعدها يطلّ جواز السفر الجديد .! . السؤال المُلح في هذا الصدد , لماذا لا نستورد مثل هذا الجهاز من اليابان او غيرها من الدول .!؟ وهل يضرُّ استيراده بمصالح البعض في دوائر الجوازات .؟ إنه سؤالٌ افتراضيٌ وموضوعيٌ في ذات الوقت ..
وهنا , وإذ من غير المُتوقّع قطعاٌ وبتاتاٌ أن يستورد العراق هذا الجهاز المذكور ولا ايّ جهازٍ آخرٍ يقلّل او يزيل حالة الروتين والوقوف في الطوابير في مختلف دوائر الدولة , حيث غدونا وكأننا ضد التكنولوجيا والتطور , وأن نتميز ونختلف عن بقية الشعوب عِبرَ اذلال المواطنين وإرهاقهم وتعليمهم عمليا وقسرا على عدم اهمية الوقت , ومع كلّ ذلك فليس من الصعوبةِ ابداً بأختزال هذا الروتين القاتل من خلال زيادة عدد الدوائر الفرعية لمديرية الجوازات العامة ” والاستفادة من مراكز الشرطة في ذلك ” فضلاً عن زيادة عدد الضباط والعاملين في دوائر الجوازات , ولعلّ الأهم من كلّ ذلك هو الأستغناء عن الأجراءات الأدارية البالية المتعلّقة بالتحقق من خلفيات المستمسكات الأربع ولا نريد التعليق على هذه الفقرة لأنه يشكّل نوعاً من الأهانه للأجهزة الأمنية اذا لم يكن بوسعها التعرّف على شخصٍ ما في صورتين مختلفتين له .!
النقطة الأكثر والأشد إثارةً للأستغراب اذا لم نقل للسخرية , تكمن فيما اذا افترضت دائرة الجوازات أنّ جواز السفر المراد تجديده ” والذي لم تنتهِ صلاحيته بالكامل , قد يكون جوازاً مزيّفاً وغير حقيقيّ برغم التقنية العالية في هذا الجواز الذي استوردته واصدرته الدائرة ذاتها , واذا ماكان هذا الأفتراضُ غير المشروعِ مشروعاً .! الا يمكن تزوير المستمسكات الأربعة الأكثر سهولةً في ذلك لغرض استصدار جواز سفر جديد .!؟ أمّا النقطة التي اشدُّ ايذاءً من سابقتها , فأنّ كافة المعلومات المذكورة في جوازات السفر , فأنها مدوّنه ومسجّلة في الحاسبة الألكترونية للمديرية العامة للجوازات وما اسهل من مطابقتها دونما مستمسكاتٍ و ” فسفورة ” واستمارة والخ , و وا أسفاه و واحزناه على الشعب العراقي من الذين يتحكّمون بكرامته …