18 نوفمبر، 2024 6:45 ص
Search
Close this search box.

المسلمون بين التأريخ والجغرافيا

المسلمون بين التأريخ والجغرافيا

هل أن التاريخ ظلم المسلمين أم أنهم ظلموا أنفسهم بإسم التاريخ ؟ وهل للجغرافيا فعل بهذا الظلم سواء كان من أحد الأطراف أم من كليهما ؟.
ولعل ما ينطبق على المسلمين ينطبق على العرب , فالوشيجة واحدة والتلازم في ترابط . في القرآن الكريم وهذا قول الله تعالى لا نقاش فيه لكننا نطرحه لمجرد التساؤل , في الآية الكريمة ” 110 من سورة آل عمران” يرد قوله تعالى : كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعرف وتنهون عن المنكر . المقصود هنا المسلمون بإعتبار أنهم خاتمة الآديان وأخرجهم الله من الشرك . والفعل “كان” فعل ماضي ناقص لكنه يفيد الإستمرار كقوله تعالى : كان الله غفورا رحيما “الاية 5 الاحزاب” . وكلمة الأمة الواردة في القرآن الكريم لها معاني عديدة تبعا لموقعها في الجملة , ولهذا أفردت لها
 المعاجم العربية جملة من المعاني فهي تعني الأم (الوالدة ) , والر جل الجامع لخصال الخير ( إن إبراهيم كان أمة )”الاية 120 النحل” وتعني القامة والطريقة وتذهب إلى مفهوم البرلمان , كذلك ترد بمعنى الدين (وكان الناس أمة واحدة ) “الاية 213 البقرة” , وأخيرا المجموعة من الناس , الذين يشكلون دولة أو أكثر من دولة كالأمة العربية أو الأمة الإسلامية كقوله : وجعلناكم أمة وسطا. “الاية 143 البقرة “, أو المجموعة كقوله تعالى : ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس ” القصص 23″ .
الذي يهمنا هنا العدد فالآية كنتم خير إمة … أما تعني العدد الكبير أو العدد القليل , والسؤال هل المقصود الأمة الإسلامية ؟. هل مسلمو اليوم والأمس هم خير الناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ؟. لا أتصور ذلك أبدا لعل الفترة الوحيدة التي كان السلوك الإسلامي يتطابق مع الآية هي فترة الرسول الكريم وبمجرد صعوده للرفيق الأعلى تغلبت العصبية القبلية على النهج الرسالي , الرجل مسجى في البيت وطالبي السلطة يتخاصمون على الخلافة بعيدا عن مراسيم التشيع والدفن , وفي سقيفة بني ساعده وصل التلاحم بين الآوس والخزرج أي بين المهاجرين والانصار لشحذ
 السيوف , وبعد تعدد الأنساب والأحساب وليس القدم بالمباديء صارت بيعة الخليفة الأول من عدد محدود جدا خاصة من المهاجرين الأوائل وتخلف عنها بيت عبد المطلب البيت الآثير في الدعوة , وجاءت بيعة الخليفة الثاني بعيدا عن وجوه الإسلام حيث جرت بين الخليفة أبو بكر وكاتبه عثمان بن عفان , لتلد البيعة الثانية , وفي البيعة الثالثة أستبعد الخليفة عمربن الخطاب شورى المسلمين ليحددها بستة أشخاص مطلوب أحدهم للخلافة , فكانت من نصيب عثمان بن عفان , وفي العهد الراشدي تمردت القبائل على الدين الجديد وعادت لوثنيتها أو لستقلالها عن المركز وذلك ما سمي
 بالردة , والخلفاء الأربعة ثلاثة منهم قتلوا غيلة ليس بتصرف فرد وإنما بتأمر قبائل, وعائشة أم المؤمنين قادت الآف المقاتلين وفي مقدمتهم بعض من العشرة المبشرة يتقدمهم الزبير بن العوام قاصدة البصرة تحت عنوان الطلب بثأر عثمان لتقع معركة الجمل,أول معركة بين المسلمين أنفسهم بلغ قتالها كما قالوا : ثمانية الآف من جماعة عائشة وخمسة الآف من جماعة الإمام علي , ولا ننسى معركة صفين جيش الإمام يقاتل من شق عصا الطاعة على الخلافة وجماعة معاوية يقاتلون من أجل ولاية سيدهم حتى يكون خليفة لمسلمي الشام , وإذا ما طالعنا حقبة الدولة الأموية فإننا
 نكاد نتبرأ من هكذا مسلمين , وقد زادت الدولة العباسية في الظلم والقتل والمتاجرة بأرواح الناس , وكلما إبتعدنا عن إنطلاقة الدعوة المحمدية كلما نجد صورة الإسلام لا تتطابق أبدا مع النهج الإسلامي المطلوب , وبنظرة سريعة للواقع الإسلامي الحاضر يشعر المسلمون الصادقون بالآسى والحزن لواقعهم والمشكلة ليست مع عامة الناس من المسلمين بل مع رجال الدين , وفي أغلب دول الاسلام الناس العاديين أشرف بكثير من علماء دينهم . خاصة في الدول التي تحكم بإسم الإسلام , رجال الدين الأقرب للحاكم لذلك يزدادون ثراءا وفجورا ومساكين المسلمين يأكلهم الجوع
 والعوز والمرض إذن من هم المقصودين بالآية القرانية الكريمة ؟ أنا شخصيا أتصور نتف من كل دولة يشكلون أمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر على قدر إمكانيتهم وسط الخراب الهائل , وربما حصرا بآل الرسول . فقد كانوا مثالا للتواضع وأصحاب نهج انساني , والله اعلم .

أحدث المقالات