* إذا تجاوزنا الإرهاب عبر التاريخ منذ تكون التجمعات البشرية وتجاوزنا إرهاب الدول وحكوماتها، ففي سبعينيات القرن الماضي بعد دخول القوات العسكرية السوفيتية إلى أفغانستان ظهرت مؤشرات في تغيير قواعد الحرب الباردة بين المعسكر الرأسمالي بقيادة أمريكا والمعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي ومنها :
– استخدام الولايات المتحدة الأمريكية الدين الإسلامي في مواجهة القوات السوفيتية تحت شعار الشيوعية كفر والحاد ، حيث تم تجنيد فكر الجهاد الإسلامي والمجاهدين الإسلاميين المتطرفين في الصراع الدولي بين المعسكرين الذي انتهى بهزيمة الجيش السوفيتي ، وإقامة نظام حكم إسلامي بقيادة حركة طالبان (سني المذهب) وظهور واضح لأول تنظيم جهادي إسلامي متطرف هو تنظيم القاعدة بقيادة عبد الله عزام وأسامة بن لادن من بعده .
– قيام ثورة شعبية إيرانية أدت إلى نظام حكم إسلامي (شيعي المذهب وفق ولاية الفقيه) وكلا النظامين الإسلاميين عابرة للحدود السياسية ومتجاوزة لسيادة الدول الوطنية والقومية التي تشكلت معظمها بعد الحرب العالمية الأولى ، وظهرت أخطارهما بشكل خاص على دول منطقة الشرق الأوسط العربية والإسلامية.
– مهدت الدوائر المخابراتية العالمية وخاصة الغربية منها وفي مقدمتها الأجهزة السرية الأمريكية وتوابعها في العالم والمنطقة العربية إلى إشعال الفتنة بين نظام الحكم في العراق قومي الاتجاه مع النظام الإسلامي الجديد في طهران .
وفي عام 1980 نشبت الحرب العراقية الإيرانية ودامت ثمان سنوات كانت الغالبية من دول العالم بين مشجع لاستمرارها أو متفرجاً أو من هو فاقد القدرة في تغيير مسارها. فكانت النتيجة انتصار ظاهري للجيش العراقي دون تحقيق أي هدف سياسي .
ومن تداعياتها السلبية العديدة موضوع الإرهاب الذي بين أيدينا .
بروز ظواهر تفكيك المجتمع العراقي وزعزعة الوحدة الوطنية، وأزمة اقتصادية تلوح في الأفق، وتم استدراج القيادة العراقية آنذاك إلى احتلال الكويت عام 1990 فتحركت الولايات المتحدة وحلفاؤها بشكل يثير الدهشة بعد أن كانت داعمة للعراق في الحرب مع إيران واتخذت قرارات من مجلس الأمن غير مسبوقة وأحياناً خارج صلاحيات المجلس وفق نظامه أضرت بالشعب العراقي ولازالت وقع آثارها الضارة لغاية الآن. ومهدت الى احتلاله عام 2003، وقيام تحالف دولي خارج إطار الأمم المتحدة لتحرير الكويت وبعد حرب أمريكا والحلفاء لإخراج الجيش العراقي من الكويت باستخدام القوة العسكرية فاحشة القسوة والتدمير لكافة مؤسسات الدولة العراقية، وتعاملت بأساليب خارج ما هو متعارف عليه في الحروب العسكرية بين الجيوش. وكانت تريد من ذلك توجيه رسالة إلى دول العالم الأخرى التي تخرج عن طاعة الولايات المتحدة سيكون مصيرها هكذا.
وتعاظم الدور الأمريكي بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وتفتحت الشهية للهيمنة الأمريكية على العالم، فأعطت لأدواتها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية (الجات) ونشطت مراكز البحوث والدراسات الغربية وخاصة الأميركية منها وقوى الضغط في الولايات المتحدة أتاحت فرصاً كبيرة لليمين الأمريكي المتصهين لاختراق المؤسسات الأمريكية ودول العالم شرقاً وغرباً . وبروز دور الكنيسة المتصهينة في أمريكا وخارجها. وأصبحت إسرائيل شريكاً فعالاً في بناء النظام العالمي الجديد (العولمة) والترويج لشرق أوسط جديد أو كبير وازدياد دور منظمات المجتمع المدني بإشراف المؤسسات الأمنية الأمريكية وغطاء الأمم المتحدة فتحت الأبواب لاختراق سيادة الدول الوطنية، وأصبحت الأمم المتحدة ومجلس الأمن يدار من قبل الولايات المتحدة لتحقيق مصالحها في العالم .
من النتائج السلبية على الدول العربية
* انهيار منظومة الأمن القومي العربي بالرغم من عدم فاعليتها وتبعيتها للغرب الرأسمالي في الكثير من سياساتها .
* تزايد التدخل الأمريكي في شؤون الدول العربية وإخضاع سياسات العديد منها لسياسات ومصالح أمريكا وخاصة الأمنية والاقتصادية والتنموية وشؤون التعليم والتنمية البشرية.
* ازدياد التطرف الطائفي والمذهبي والاثني في الوطن العربي وتزايد العنف والإرهاب.
* إضعاف الدول العربية اقتصادياً وازدياد البطالة والأمية فكونت مناخاً وبيئة خصبة للعنف والإرهاب.
* وبعد تفجير برجيّ التجارة العالمية بتاريخ 11/9/2001 وتوجيه الاتهام إلى تنظيم القاعدة حقاً أو ظلماً لازال الغموض يدور في الكثير من الدوائر العالمية . بدأت مرحلة جديدة في النظام العالمي من خلال عولمة مكافحة القاعدة الإرهابية والمتعاونين معها، رافق ذلك سياسة أمريكية بالتهديد باستخدام القوة العسكرية والضغوط السياسية والاقتصادية التي ساهمت في إفقار قطاعات شعبية واسعة وخاصة في الدول طور النمو من الدول العربية والإسلامية، وازداد الظلم والتهميش في الكثير من تلك الدول وازدياد البطالة في قطاع الشباب وأصبح الميل نحو الهجرة خارج أوطانهم ظاهرة بارزة.
وفي عصر التطور العلمي والتكنولوجي وعلم الاتصالات والإعلام ، وتركز المال بيد القلة من الرأسمالية اللبرالية التي أطلق عليها بالمتوحشة ساعدت في توفير المناخات الملائمة لنمو وتوسع العنف والإرهاب.
ونستشهد بما أورده “كتاب فخ العولمة، تأليف هانس بيترمارتن – هارالد شومان” تركز المال بيد القلة 10% في العالم لنصف ثروات العالم والنصف الآخر إلى 90% وأثرها في سحق الطبقة الوسطى بقولهم”من سيحصل من الطبقة الوسطى على وظيفة خادم مقابل سد جوعه حظه من السماء”.
فهل يمكن القضاء على العنف والإرهاب بالأحلاف الدولية واستخدام القوة دون أخذ الأسباب الحقيقية لظهوره وتطوره …؟
أم ان الحلف الجديد الذي تدعو إليه الولايات المتحدة بعد ظهور داعش في العراق وسوريا لأهداف أخرى ؟ ربما لشعار القرن الواحد والعشرون قرناً أمريكياً.
* الحرب على أفغانستان واحتلالها والأساليب التي اتبعتها قوات الاحتلال من جرائم ضد المجتمع الأفغاني ومع المعارضين للاحتلال وأساليب التعذيب للمعتقلين والسجناء التي راجت بشكل فاضح بسجن غوانتنامو، وسجن أبو غريب فيما بعد. كلها عوامل لاتساع العنف والإرهاب.
* احتلال العراق
نكتفي بذكر العناوين التالية بعد أن أشبع احتلال العراق بحثاً وتداولاً وتوضيحاً ولتداعياته الوطنية والإقليمية والدولية.
* العملية السياسية والمحاصصة الطائفية والعرقية علاقة متلازمة لتوالد العنف والإرهاب وديمومته في العراق .
* القضاء على الإرهاب في العراق بوحدته وهويته العربية.
* تقسيم العراق عنف وإرهاب سيستمر لعقود قادمة في العراق والمنطقة والعالم .
* إقامة الدولة الوطنية العادلة في العراق القائمة على العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص بين مواطنيه هو الطريق للقضاء على العنف والإرهاب .