في العام 90 اجرت احد الصحف البريطانية مقارنة بين جنرالات الدول التي ستشترك في العدوان على العراق ، وركزت على خبرتهم وسنين خدمتهم فكان الجنرال عبدالجبار شنشل اقدم جنرال في العالم ، وعندما ارتكبت جريمة حل الجيش العراقي كان قد استحق أن يكون مهيبا وعاد ملازما ليتدرج مرة اخرى الى رتبة لواء ركن كل ذلك لم يكن يعني الكثير امام نزاهته الى حد الافراط وحرصه الذي يفوق كل معاني الحرص فعلى سبيل المثال لا الحصر انه عندما كان وزيرا للدفاع ارسل الضابط الخافر له برقية مهمة مغلقة مع سائق الوزير الى داره ليلا فهمش عليها وقام بغلقها وخياطة الضرف بالخيط والابرة واعادها للضابط الخافر واتصل به ليبلغه انه قد خاط الضرف بسبعة نفذات ورجاه ان يلاحظ ذلك عند فتحه المظروف.
أما سلطان هاشم فلم يكن يقل عنه اخلاقا وشرفا ومباديء ذلك القائد الذي لم يكن يحلو له الوقت الا بين جنوده يسألهم عن طعامهم واجازاتهم او ان يسأل عن احوال ضابط كان تحت امرته قبل ربع قرن
انهم قادة بنوا هذا الجيش لأنه بناهم وزرع في نفوسهم معاني الشرف والوطنية منذ العام 1921 ومنذ تأسيس الفوج الاول فيه وهو فوج الامام موسى الكاظم عليه السلام ، وبهذا يمكن القول ان هذين الرمزين لا يمثلان الا تلك المؤسسة العسكرية العراقية صاحبة القيم والشرف والوطنية وأذا اردنا ذكر رموز هذا الجيش لاحتجنا الى كتاب كامل يروي قصة ومعنى ان تنتمي الى وطن وتجعل انتمائك اليه فوق كل الانتماءات…ولذلك تجده جيش سلطان هاشم العربي السني ، وعبدالواحد شنان العربي الشيعي وجواد احمد شيت الكردي ويالجين عمر عادل التركماني ، وصباح مطرود الصابئي ، وتحسين جرجيس المسيحي ، ومن الجدير بالذكر ان نصفهم لم ينتموا للبعث الذي كان حاكما، ونصفهم الاخر لم يصل الا الى عضو فرقة فيه.
لا شك انكم تعلمون ان المتبقين من رموز هذا الجيش هم اما يقبعون في السجون، او يكتوون بنار الغربة قسما منهم بلا جوازات لأن القضاء العادل جدا حكمهم بجرائم مختلفة فمنهم الفريق الركن نعمة فارس المحياوي الذي حكم على الانفال رغم انه كان رئيسا لجامعة البكر خلالها واللواء الركن صباح فليح خلف الذي حكم على تجفيف الاهوار رغم ان صنفه دفاع جوي ولم ير الاهوار حيال حياته….والقسم الاخر تم تصفيته ، والاخر محارب برزقه وبحقوقه التقاعدية التي اقرها البرلمان وصادقت عليها رئاسة الجمهورية وطعن بها المالكي وردت المحكمة الطعن ونشر في الجريدة الرسمية فجاء امر المالكي بايقاف العمل بها ، ولذلك لم يستلم عبدالجبار شنشل حقوقه في راتب الر تبة الاعلى ولا مكافأة نهاية الخدمة وهذا ما اصاب تلك المؤسسة برمتها ، اما رواتب الاجازات المتراكمة فقد رفض وزير الدفاع سعدون الدليمي صرفها لأن ((هذا الجيش لا ينبغي ان يقارن بالجيش الحالي)). ولا ادري هل يقصد انه كوزير دفاع لا ينبغي ان يقارن في خبرته وانتصاراته العظيمة مع شنشل وهاشم وجيشهم الذي انتصر على دولة تفوقه ثلاث مرات في كل شيء واحتل دولة بساعات ، بينما دواعش (قرية) العوجة لا زالو رغم عشرات الهجمات.
رغم الاطالة ساسترسل واقول ان سجن قادة هذه المؤسسة يعد وصمة عار في جبين كل من سكت خصوصا وان المحكمة التي سجنتهم هي محكمة غير دستورية بالمطلق كون الدستور يقول ((يحضر تشكيل اية محكمة خاصة )) فضلا عن ان الحكم نفسه غير دستوري كون الدستور يؤكد بانه ((لا يجوز الحكم على جريمة لم تكن تعد جريمة بموجب القانون وقت اقترافها )) فلينفذ الدستور على علاته وليفك اسار قادة هذه المؤسسة وليجر انصافها بعد الاعتذار وقبل التباكي على عبدالجبار شنشل الخالد