حينما تمارس السلطة بمنطق الربوبية والأبدية، تمتلأ الساحة السياسية بالأصنام والعبيد، ولا يجوز للأحرار دخول حظيرة الكفر والإشراك بالحقوق المدنية، التي يشغلها جملة باكين على السلطة، متباكين على ذبائح أفعالهم، أهرامهم أوهام على رمال ومستنقعات التاريخ، مجبولين على فكر مقيد بأضغاث الاحلام، ينحني الخضعون والمتذللون ظهورهم كعبيد منافع (عالي المقام).
منتوج كل وعاء أصل أخلاقه، ومن المستحيل أن لا تنكشف المراوغة حينما يُدفع الوطن ثمناً، ويقبض العدو مبلغ الأرواح، بعد مخاض عسير وألام لولادة العملية السياسية.
تاريخنا ثورة عبرت جسور الخوف، ودمائنا لم تقف على ممر التاريخ بعشوائية، حتى نقول أننا تعرضنا الى حادث السير السياسي. لقد ظلمنا التاريخ على أعتاب الحكام والجغرافية على بوابة الصراعات، وعلم الإقتصاد في ارض السواد، حينما تربع مَنْ يسرقون ما تحت الأقدام، ولا يجني الشعب سوى مخلفات الخلافات ويعتاش على فضلات المنتجعات والسهرات.
بيننا وبين التاريخ مأسي، نبحث عن حقوقنا بالأبرة وسط الرمال؟! وضعونا بين فكي دوائر مسننة، يؤذينا إعتقادها سرعة الدوران، تعض بحرارة احتكاك أجزائها المتصارعة، وتعود لتهاجم شريكاها ونحن ما بين الفكين.
مشكلة المرحلة القادمة الإبتلاء بمناصب لا أساس لفاعليتها، ومواقع ليس إلاّ أبار لأمتصاص ما تحت الأرض، تعينات في الحظات الأخيرة، من مجلس وزراء بلا نظام داخلي طيلة أربعة سنوات، فلا يعرف الوزير كيف يعمل وعلى ماذا يُعاقبْ؟! ورئيس مجلس وزراء صار رئيس وزراء، يهب الصلاحيات الى نوابه بطريقة إرتجالية لا يعرف معنى أن رئيس الحكومة ممثل لتحالف عريض وجمهور من المحرومين، قُتِلوا ولا زالوا يُطعمون دجلة والفرات بالشهداء؟!
إنتهى رصيد الشعارات والوعد، وإنكشفت العورات على قنوات الفضاء وفي العراء، ولم يعد الهروب سبيل وتبرير لسنوات خلت، يستنكفون الحضور الى قبة البرلمان، ولا قبول مسائلة قيادات الأمن خوفاً من دواعش السياسة في البرلمان، وعلى العملية السياسية من التصدع، يخاف وجوه المترفين بأموال الشعب من قذفة حذاء، أو سقوط مكياج عاليات الجمال بالتراكيب الصناعية من عرق لحظة حياء.
الوطن يباع بأسوق النخاسة وعكاظ المغانم، تنادي بهه أبواق تأكل من قوت الباحثين عن لقمة عيش في مكب النفايات، والنفط سموم أمراض تحمل الأرواح من مستقرها، لتطوف في فضاء الوطن بين ذرات دخان الإنفجارات.
سقط الكثير في مستنقع السياسية، كسقط مشوهاً قبل الولادة لا يعرف كيف تدار الحياة، وخير للبعض أن يضرب ألف مرة بالحذاء، من أن يكون سبب في أزهاق ألاف الأرواح، مَنْ سيقوا الى الموت بلا رواتب لأجل ارتفاع عالي المقام، ولا حياة ولا حياء من أشباه الرجال وأشباه النساء ونساء مسترجلات متاجرين بالدماء، ولا تبكي يا أم الشهيد أن كان أبنك الأول في دجلة، فأن الثاني سيُلقى في الفرات، أذهبي الى شط العرب حيث يلتقي الرافدين، وتجتمع هناك أجساد أبناء الوطن، ووفري شيء من دموعك لأن البكاء طويل من عمق التاريخ؟! لا تبكي ايتها العراقية الشريفة فقد بيع الوطن وقبض الاعداء ثمننا؟!.