19 ديسمبر، 2024 7:01 ص

مع الاخ فلاح المشعل .. اجوائنا والشيعي المفقود

مع الاخ فلاح المشعل .. اجوائنا والشيعي المفقود

صدقني سيدي الفاضل انني لا اقدّر ما تكابده من الم وحرقة على وضعنا الماساوي مثلك مثل كل مخلص نجيب بل انه المي واعايشه زاداً كما انت كل حين.

ولكن هنالك امور ارجو ان نلتف اليها وبكل جدية هنا ونحن نترحم بالم على فقداننا طاقة جليلة مخلصة اثرت الساحة الفكرية الاسلامية، فهو رجل يستحق كل هذا التكريم فسلام عليه يوم ولد ويوم رحل ويوم يبعث حيا.

مفهوم طبعاً ان ما تقصده بالشيعي المفقود في اجوائنا العراقية بصفته المقيدة التي تحكمها خصال الراحل والا فالاجواء العراقية تغص بالشيعة على النحو المطلق كما هو ثابت.

لست في معرض نقاش طويل هنا وان لم يكن في ذلك ضير لاننا لانبغي الا الفائدة وتكاتف الجهود المخلصة بنوايا يعلمها الله نحو ما يريح ظمائرنا ويرضيه تعالى في جهد يحاول تلمس الطريق للخلاص من كل الرواسب التي يحق لنا اطلاق مانشاء عليها من الفاظ تقييماً وجدانياً لاوصفاً عاطفياً.

ولكن ما احاول ان ابينه هنا وببساطة هوعدم وصول اي داعية مهما كان ثقله الى تحقيق ما اراده الله من الدعوة الاسلامية في رأب الصدع بين اتباع المذاهب، بل لم تبقى الحال على ما هو عليه بعد زمن الخلفاء الراشدين واستمرت في نكوص مستمر رغم تطور البشرية ووصول العالم الغربي في القرن الحادي والعشرين الى ما وصلوا اليه بحيث انني علمت مؤخراً بحكم اختصاصي في العيون اننا بصدد تجارب تبشر بانها ستبصر الاعمى، نعم هكذا هم ولكننا نصل الى الواقع الداعشي الذي فاق مهزلة هولاكو وهو بالتاكيد لم يحصل لولا الحالة المذهبية التي يعيشها الاسلامويون. فلا يمكن اعتبار الانسان مسلماً لمجرد نطقه للشهادتين وانتهى الامر بل هو مشروع الله في الارض الذي يبتدأ بالحالة الحضارية ( المسلم من سلم الناس من لسانه ويده )، ولايجبر الآخرين على فعل شيء ( لا اكراه في الدين ) ويرعى بيته نحو الافضل ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) ويبني ( هو الذي خلقكم منها واستعمركم فيها ). اي مجموعة اخلاقية حضارية متكاملة تهدف الى البناء . لهذا نقول ونؤكد بان الاسلام وحدة لاتتجزأ، وان المذاهب تخطت تحذير الرسول (ص) ولم تكترث له وهو يحذرها ( ستفترق امتي الى سبعين فرقة كلها في النار الا واحدة ).

الامر الذي حفزني للخوض في تجربة ربانية للكتابة في هذا المنحى تحت سلسلة بعنوان ( نحن والاسلام ).

هنالك فرق كبير بين ان يُعجب الانسان بشي وبين ان يحبه وبين ان يعشقه فعندما تصل الحالة الى العشق الوجداني يصبح العاشق مستعداً لتقديم كل مالديه حتى روحه في سبيل معشوقه.

ويستحضرني هنا شعر رابعة العدوية بعد ان تحول عشقها من حب ذلك الواقع الفاسد الى عشق الخالق الواحد، ( الا ليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب ).

لست انا ممن يقيم الناس طبعاً والله وحده من يزكي الانفس ونحن نثني على كل الدعاة الذين بذلوا كل ما يستطيعونه في سبيل الاصلاح كل حسب مقدرته فليس لنا الا الدعاء لهم ( اللهم اغفر لاخواننا الذين سبقونا في الايمان ).

ولكن الا تتفق معي بان المراجع والرجالات الدينية تتحمل مسؤولية تردي اوضاع المسلمين قبل غيرها من الشرائح؟.

ثم الا ترى معي اخي العزيز ان الوقت قد حان فعلاً للضغط وبشكل حقيقي وحازم لاهوادة فيه في وضع النقاط على الحروف للوصول الى امر واضح في مسيرتنا الاسلامية ليتبين لنا الخيط الابيض من الاسود.

لقد زخرت الاجواء العراقية بدعاة امتازوا باكثر مما ذكرته في تأبينك للراحل (ره) ولا اريد ان اخص بالذكر الشيخ عبد الكريم الزنجاني والسيد علي السيستاني لكونك ربما تُشكل على ذكري لهم بان اصولهم ايرانية ولو انني اعتبرهم عراقيين لسببين اولاً ان الانسان ابن بيئته، والثاني انطلاقاً من تعليلك للامر كما اعزيته لمعايشة الشيعي العراقي للظروف الاستثنائية العصيبه حسب اعتقادك انت فهم عايشوا هذه الحالة.

ولكن لايمكن نسيان الشيخ محمد مهدي الخالصي الذي لم يدعُ للوحدة الاسلامية بكل ما مكنه الله عليه، بل دفع ثمناً غالياً وسفه وحورب بسبب تصديه للخرافات وبعض الطقوس الدخيلة والممارسات النفعية والضارة بالفكر والتي تكرس التخلف وتردي الوضع الاسلامي.

اذن اجوائنا لاتخلو اخي العزيز. ولكن سؤالي لماذا لانمجد نحن العراقيون الا الاجانب من كـتّاب ومفكرين من ناحية، فنحن نذهب للاستدلال بمفكر اجنبي بدلاً من العلامة علي الوردي ونحن نتكلم في علم الاجتماع مثلاً رغم ان الرجل يعتبر فلته في هذا المجال، ومن ناحية اخرى لماذا لانركز الا على جهود المعممين في مجال الاصلاح الاسلامي وكأن الامر مرتبط بهذه الفئة او ما يسمى برجال الدين اصحاب الزي الاسلامي رغم انه لايدلل على الاسلام بعمومه انما يكرس حالة التفرقة المذهبية فمن المعرون انك تستطيع ان تشخص صاحب الزي الاسلامي ان كان شيعياً او سنياً من ملبسه.

هذا الواقع الذي اعتبره انا غير صحي لم يحاول ان يصححه اي من هؤلاء الدعاة المعممين بل لم يتم التطرق اليه لحد علمي المتواضع. وعليه وجب على العاشق لهذا الطريق ولاثبات مصداقيته وتضحيته التخلي عن شكل ابراز مذهبيته ومن ثم يستطيع ان يبدأ التغيير في الواقع المريض باعتبار انه بدأ التغيير من نفسه وهذا ما لم يمارسه او يدعو اليه اي من المصلحين مع الاسف الشديد بما فيهم فقيدنا رحمة الله عليه وهو السبب الاكبرلفشلهم مع بعض الاسباب الاخرى على ما ارى.

وانني متأكد من ان هنالك من المصلحين من الفئة المثقفة الواعية المخلصة التي لاتنتمي للحوزات والمدارس الدينية لديها ما يمكن ان يشكل ترسانة فكرية عملية صالحة لرسم طريق مختلف قد يؤتي ثمارة ولا يبقي الحال على ما هو عليه لو استطعنا التاكيد عليها ورفدها.

وبهذه النية المخلصة والتحفز المذكور اجتهدنا في رسم طريق نراه مختلف لا تنقصه الجرأة وفهم كيفية تدارك الواقع المريض وتسليط الضوء على هذا المنهج الخاطيء الذي ينطلق من المذهبية وغير قادر على التخلص منها كما اوضحنا حتى قدمنا مبادرة عملية واوردنا ترشيح بضعة افراد ليس بالضرورة ان يكونوا نفس هؤلاء الاشخاص كما ذكرت في الحلقة الرابعة من السلسلة بل مجرد ان تكون صرخة مثيرة للانتباه لاهمية التفكير الجدي في هذا المنحى.

ان على المخلصين امثالكم خلق تيار فاعل في الساحة “الاسلامية ” يتبنى دعم كل الجهود النيرة التي تحاول التيارات الظلامية تسقيطها كي تقف على قدميها وتستمر في عطائها البناء.

الم نر كيف تصدى هذا التيار الظلامي في محاولته تسقيط الراحل فضل الله لمجرد دعوته الى التحري بموضوع الروايات؟. وهاهو التيار الظلامي لدى الجانب الاخر كيف يصب جام غضبه وينعت الدكتور عدنان ابراهيم بما يحلوا له من اوصاف التسقيط التي لا يمكن ان يمارسها الا السفلة الذين لايخشون الله ولايراعون للمعنى الانساني وحرية العقل الذي كرمه الله اي وزن. والامر نفسه عانى منه الدكتور احمد الكبيسي لمجرد ابرازه رأي جديد ارتأى في جهره مرضاة لله وراحة لضميره.

وهم يثنون على الناقص يوسف القرضاوي رغم وصفه لداعش بانهم اخوانهم في معرض كلامه عن ضرب الامريكان لهم وهويحمل مع الاسف الشديد لقب رئيس اتحاد علماء المسلمين والله تعالى هو الغني عن علمهم ( او بالاحرى جهلهم الذي اوصل الاسلام الى ما هو عليه فتباً لهم ولعلمهم ).

اذن علينا باختصار شديد:

* خلق تيار جديد بعقلية عملية جديدة ( تخرج من الصندوق كما عبر احد الاخوان ) وتبدأ عملياً باسلوب ” لامذهبية بعد اليوم ” وتثبت مقدرتها للتخلص من المظاهر المذهبية.

* عدم السماح للتيارات الظلامية النفعية المتخلفة في كلا الطرفين من اسقاط العقول المصلحة المخلصة النيرة.

* الانتهاء بعد البحث وتلاقح الاراء المجددة الى قرار نهائي لتحديد الامور ووضعها في نصابها الصحيح تماما على خطى الآلية التي رسمناها في السلسلة المذكورة، فاما ان تتوصل المذاهب الى حالة في منتصف الطريق تقرها كل المباديء الاسلامية المتفق عليها، واما ان يصار الى تسوية سياسية قانونية تضمن للجميع السلامة والحرية والاطمئنان للعيش بسلام ودون تعرض البعض للبعض الآخر حتى وان تطلب الامر خلق محكمة دولية بحيث يستطيع من يتعرض للظلم او يغبن حقه ان يطالب بمثول المتعدي امامها.

هذا ما نحتاجه اليوم بكل حزم ومهما حاول المتخلفون الانتقاص من ذلك فقد فشلت المؤسسات الدينية في تحقيق اي شيئ في هذا المطلب كما اسلفنا بسبب عدم تمييزها للاسلوب المطلوب اتباعه وعدم ادراكها لعمق العملية واتباعها لاسلوب المجاملة والمداهنة المذموم بصريح قوله تعالى ( ودّوا لو تدهن فيدهنون )، مما اوصلنا الى الحالة التي نحن فيها التي لاتتقبل الصمت ولاترتضيها كل القوانين الارضية فضلاً عن الاديان والشرائع السماوية واخصها الاسلام.

والله تعالى من وراء القصد

أحدث المقالات

أحدث المقالات