17 نوفمبر، 2024 11:17 م
Search
Close this search box.

الكابينة الوزارية للدكتور حيدر العبادي … الواقع والتحديات/ الجزء الثاني

الكابينة الوزارية للدكتور حيدر العبادي … الواقع والتحديات/ الجزء الثاني

تكلمت في الجزء الأول من المقال عن بعض المؤشرات التي أرى أن حدث بها تغيير أو تفعيل أساسي سيساعد بالخروج من الأزمة العراقية المتفاقمة منذ أكثر من عقد من الزمن ، ولم تستطيع أي من الوزارات المتعاقبة من التوصل الى أي حلحلة لها ، مما أثر على الوضع العام للعراق ، و المؤشرات التي تتطلب تغيير / تفعيل ، أو أعادة نظر حسب رأي المتواضع و التي ذكرتها في الجزء الأول هي مايلي :
( تعيين وزير الدفاع ، تعيين وزير الداخلية ، المليشيات ، أستقلالية القرارات الستراتيجية ،
والنزاهة ) .
وفي هذا الجزء نستكمل هذه المؤشرات :
* التنمية :
منذ عام 2003 والى الأن والعراق على حاله ، كما هو عليه في أو قبل السقوط ، لا تغيير في نمو كل القطاعات / الزراعية ، الصناعية ، الصحية ، التشييد و الأعمار ، الأسكان ، التجارة والخدمات ..
أما الوضع بعد نيسان 2003 ، كارثي ، فقد أفاد السيد صباح الساعدي / عضو لجنة النزاهة لوكالة السفير نيوز ، حول الموازنات العمومية بقوله ( الموضوع منقول بتصرف ) :
الموازنات العمومية للسنوات 2006 لغاية 2012 بلغت 614 مليار دولار
الموازنة العمومية لعام 2013 بلغت 113 مليار دولار
الموازنة العمومية لعام 2014 بلغت 174 مليار دولار
( أنتهى كلام السيد الساعدي )
أذن نحن نتكلم عن مبلغ وقدره 901 مليار دولار تحقق للخزينة العراقية للأعوام من 2006
ولغاية 2014 ، وهو مبلغ لم يتحقق لا للعراق / سابقا ، أو لأي حكومة عربية عدا الدول النفطية / السعودية وقطر والكويت … ، وسائل يسأل ، ماهي سبل الأنفاق لهذه الأموال الضخمة ، من المسوؤل عن التوزيع و التخصيص القطاعي ، ومن المسؤول عن سيطرة ومراقبة الأنفاق ، وما هي المكتسبات التي تحققت للشعب العراقي بعد السقوط !! والميزانية بهذه الضخامة !!
فالحكومة / على سبيل المثال وليس الحصر ، بينت أن الأنفاق على الجانب العسكري بلغ ذروته ، عدة وعددا وتسليحا وتجهيزا وتدربيا ، ومع الأسف القوات المسلحة هزمت في أول مواجهة فعلية لها ( في الموصل ، سهل نينوى ، تلعفر ، تكريت ، بيجي وسامراء .. ) ، أضافة الى الهزائم هناك طامة كبرى هو عمليات الفساد التي نخرت صفقات قطاع القوات المسلحة !! وغيره من القطاعات ..
الكلام كثير ولكن أستنادا الى هذه الأموال التي تذهب أكثرها في مسالك الفساد ، أرى لو أنفق جزءا منها على الشعب لحصلت كل عائلة عراقية على دار / مثلا ، مساواة بالمسوؤلين الذين يملك كل واحدا منهم بدل الدار عمارات وأبراج وفنادق وفلل !! فهل يستطيع د. العبادي أن يحقق هذا !!
على حكومة العبادي تفعيل العمل بالنهوض القطاعي وحسب الأولويات الملحة ، وهذا يتطلب كادر لغرض التخطيط المالي ، وكادر منفذ على قدر من الأمكانيات و التأهيل والأبتعاد عن مخططي الفساد المالي !!

* التعليم :
النهوض بالتعليم أسمى أنجاز ، لأي حكومة ، لأنه البذرة الأساسية للأنطلاق نحو مستقبل أفضل ، أن الأهتمام بالتعليم هو عامل مهم لزيادة الوعي الجماهيري / خاصة أنه يعمل على الأبتعاد / ترك ، العادات والتقاليد والأعراف البالية ، فالمجتمع الجاهل يمكن أختراقه بسهولة ، أما المجتمع المثقف المتعلم الواعي ليس من السهل تمرير أي افكار هدامة أو مشبوهة أو منحرفة بين طبقاته . وكنا قد تعلمنا منذ نعومة أظفارنا أن التربية تبدأ من مرحلة الطفولة ، فأي مجتمع كانت طفولته مصانة كانت أجياله متعلمة واعية ، وذلك لأن الأساس الصالح سيخلق بناءا مستقبليا قويا .
وقد تعاقبت على العملية التعليمية / منذ 2003 لغاية الأن الذوات التالية أسمائهم :
وزراء التربية :
سامي المظفر – حكومة د . أياد علاوي / 2004 – 2005 .
عبد الفلاح السوداني – حكومة د. أبراهيم الجعفري / 2005 – 2006 .
خضير الخزاعي – حكومة نوري المالكي الأولى / 2006 – 2010 .
محمد تميم – حكومة نوري المالكي الثانية / 2010 – 2014 .
محمد أقبال – حكومة د. حيدر العبادي / 2014 .
وزراء التعليم العالي :
طاهر البكاء – حكومة د. أياد علاوي / 2004 – 2005 .
سامي المظفر – حكومة د.أبراهيم الجعفري / 2005 – 2006 .
عبد ذياب العجيلي – حكومة نوري المالكي الاولى / 2006 – 2010 .
علي الأديب – حكومة نوري المالكي الثانية / 2010 – 2014 .
حسين الشهرستاني – حكومة د. حيدر العبادي / 2014 .
على الحكومة الحالية أن تبذل جهدا جبارا من أجل أعادة النظر بالمفاهيم والأسس التعليمية من أجل بناء عراق أفضل ، وهذا يتطلب الكثير من الجهد و المتطلبات للوزارتين / التربية والتعليم العالي ، منها على سبيل المثال وليس الحصر الأتي :
* تعميم فتح المدارس في الأقضية والنواحي ، مع تجهيزها بالشكل المطلوب .
– العمل على البدأ مرة ثانية بحملة القضاء على محو الامية / التي كان معمول بها سابقا .
– التعاون و العمل مع الجهات ذات العلاقة لمنع أشتغال الأحداث وفتح صفوف دراسية خاصة لهذ الغرض / من أجل تأهيلهم من جديد .
– أعادة النظر بالمناهج التعليمية بما يتلائم والتطور والحداثة .
– توجيه / أعادة النظر ، بالكتب الدينية المدرسية بما يؤكد على قبول الأخر ، والأبتعاد عن تكفير الاخرين ، وأن تكون مادة الدين منهاجا لتشجيع المواطنة وليس لتحديد وفرز المواطنة .
* الأهتمام بالدراسات العليا ، والعمل على أبتعاث الطلاب معتمدين على تفوقهم الدراسي وليس على أساس أنتمائاتهم الحزبية أو الفئوية أو المذهبية ، أو على أساس المحسوبية .
– الأهتمام بالبحوث والدراسات ، والعمل على تأسيس مراكز متخصصة لهذا الغرض .
– أعتماد قيادات جامعية مؤهلة ، من أجل تأسيس جامعات رصينة ، وكي تكون الشهادات الممنوحة / الصادرة من هذه الجامعات معترفا بها عالميا كالسابق .
– سحب الشهادات المزورة مهما كان مركز ومنصب حاملها ، ورفع الحصانة عن حاملها ، لأن الشهادات العلمية لا تسرق ولا تزور ، بل يجب أن تؤخذ من منابعها الأصلية ..

* الصحة :
كانت المؤسسات الصحية العراقية ذات دور أيجابي في المجتمع / خاصة قبل الحصار ، وكان هناك أسلوب منظم للعمل في القطاع الصحي ، من حيث تنظيم المراجعات ، التشخيص والعلاج ، العمليات ، وكانت المستشفيات مجهزة بمعدات طبية مناسبة ، الاطباء العاملين بها من أرقى الأطباء / العراقيين ، المساعدين والممرضين مهنيين ، الأدوية متوفرة بشكل عام ، وكانت الكثير من الفقرات مجانية أو شبه مجاني ، وفي هذا المجال أود أن أبين أن الكثير من العرب كانوا يأتون للمعالجة عندنا / لغرض الجراحات الطبية ومعالجة الاسنان ، كاليمنيين مثلا وغيرهم ، أنا لا أقول كان العراق في قمة الهرم الصحي عربيا ولكن كان القطاع الصحي يغطي الحاجة المجتمعية تقريبا ، أما الأن القطاع الصحي متدني ، ولم يحظى الفرد العراقي على ما يستحقه من العناية الصحية كالتي كان يتمتع به سابقا ، ولم تعمل الموازنات العامة / التي ذكرت في باب التنمية أعلاه ، أي فرق نوعي أو كمي في القطاع الصحي ، وحتى الوزراء الذين تولوا الوزارة من 2003 لغاية الأن لم يحدثوا أي جهدا مشهودا يذكر في كل الوزرارات المتعاقبة من 2003 لغاية 2014 .
وفيما يلي أسماء وزراء الصحة بعد 2003 :
علاء الدين عبد الصاحب / 2004 – 2005 حكومة د. أياد علاوي .
عبد المطلب علي محمد صالح / 2005 – 2006 حكومة د. أبراهيم الجعفري .
علي الشمري / 2006 – 2010 حكومة نوري المالكي 1 .
نجيب حمد أمين / 2010 – 2014 حكومة نوري المالكي 2 .
عديلة حمود / 2014 حكومة د. حيدر العبادي .
ملاحظات :
أرى على حكومة العبادي أن تعمل على :
– محاولة البدأ بادخال نظام التامين الصحي لكل أفراد الشعب .
– فتح العيادات الشعبية كما كان معمول به سابقا في العراق ، من أجل تغطية العلاج الصحي لذوي الدخل المحدود .
– الاختيارالكفوء للقيادات الطبية من أجل النهوض بالوزارة .
– الأهتمام بالكليات الطبية ومعاهد التمريض من اجل ضخ كوادر طبية وفنية مهنية للمستشفيات والمستوصفات والمراكز الصحية .
– أبتعاث الاطباء الى الخارج / الولايات المتحدة الاميريكية و أوربا ، لغرض الحصول على التخصصات الطبية النادرة ..
* القضاء :
كان ولا زال القضاء هو صمام الأمان لأي دولة ، فعندما ينهار القضاء تنتكس الدولة ، لذا عندما سألوا وينستون تشرشل أن ” بريطانيا العظمى على شفير الأنهيار أجاب أن القضاء لا زال فاعلا أذن الدولة لا زالت قائمة “.
وقد توالى على وزارة العدل منذ 2003 لغاية الأن الذوات التالية أسمائهم :
مالك دوهان الحسن / 2004 – 2005 حكومة د. أيادر علاوي .
عبد الحسين شندال / 2005 – 2006 حكومة د. أبراهيم الجعفري .
هاشم الشبلي / 2006 2010 حكومة نوري المالكي 1 .
حسن الشمري / 2010 – 2014 حكومة نوري المالكي 2 .
حيدر زامل / 2014 حكومة د. حيدر العبادي .
بعض السلبيات :
1- كانت هناك الكثير من الأخطاء في عمليات التحقيق والأستجواب والمحاكمات .
2- عدم أحترام المتهم / حيث أن المتهم برئ لحين تثيت أدانته ، كالذي حدث مثلا في بعض المحاكمات المنقولة تلفزيونيا ، من الضروري أن تعالج هذه الانتهاكات ..
3- وجود الكثير من السجون غير الرسمية / خارج غطاء وزارة العدل !!
4- عمليات التعذيب لبعض السجناء / ومن طوائف معينة !!
5- الكثير من السجون معبأة بالمساجين كعلب السردين ، فيجب أن تراجع نسبة أشغال المساجين للسجون أعتمادا على المساحة المتوفرة .
6- وغيرها الكثير من السلبيات !!!
مهمات أمام وزير العدل الجديد :
– القضاء على الكثير من الظواهر السلبية منها المذكورة بالنقاط سابقا وغيرها .
– أن تنهض الوزارة بالعملية العدلية ككل ، وأتخاذ الأجراءات القانونية تجاه أي فرد مهما كان وضعه الأجتماعي أو الرسمي أنطلاقا من أن الجميع متساوون أمام القانون .
– السجون لغرض الأصلاح والتهذيب وليس للتعذيب والتنكيل .
– الأرتقاء بكتاب العدول ، المحققين و مديري السجون .
– الأهتمام بالمعاهد القضائية ، من أجل الارتقاء بمستوى الوظيفة والموظف القضائي معا .
المجتمع :
أذا فرضنا كل المؤشرات السابقة / وغيرها الكثير ، عولجت أو عوملت بالشكل الصحيح أو الملائم ، فنستطيع القول أن المجتمع وضع أقدامه على العتبة الأولى لبنائه من جديد .
فالمجتمع العراقي / الأن هو ليس المجتمع الذي كنا نعرفه سابقا !! مجتمع كان طابعه الغالب الترابط ، وقوة الوشائج ، تقاليده كنا نتباهى بها أمام الأخرين من العرب ، مجتمع كله أيثار وتضحية وأخلاص في سبيل الأخرين ، كانت المودة تجمعه ، متكاتف متعاضد ، يمد يد المساعدة للأخرين دون أن يسأل عن الدين أو الطائفة أو المذهب أو القومية .
الأن المجتمع أنهارت كل مقوماته بالكامل / تقريبا ، مجتمع فقد كل الأسس السليمة التي عرف بها من قبل ، الخطف والسلب والابتزاز منتشر ، المذهبية و الطائفية سادت وفرقت أفراد المجتمع الواحد ، المخدرات وكل العادات السيئة الأخرى أنتشرت بين أفراده ، التهجير والترحيل طائفيا سائد في المدينة الواحدة ، المنطقة الغربية و الوسط والجنوب و كوردستان .. كل منها يحمل الحقد ضد الأخر ، الكل ضد الكل ، الوحدة الجغرافية الواحدة ضد الباقي ، السنة متفرقين والشيعة غير موحدين ، المسيحيين / أصحاب التأريخ والارض هجروا ورحلوا بملابسهم الشخصية ، وكذلك الأقليات الاخرى / اليزيدين والشبك والتركمان … هكذا أصبح حال هذا المجتمع الذي ولد من جديد مشوها من رحم الأنهيار / السقوط الذي حصل بعد نيسان 2003 .
كل هذا وغيره أنعكس/ بالنتيجة ، على الثقافة التي أصبحت كالعار على روادها لأنهم ماتوا قهرا وحاجة وفقرا وحسرة ، وسادت الأن ثقافة العهر والدنس والسرقة والأبتزاز والكذب … فهل من الممكن أن نرى شارع المتنبي / مثلا ، يعود من جديد الى سابق عهده الذي كان يعج بالكتب وبالقراء / الذي أراه كدليل أيجابي على عودة الوعي الثقافي ، وكي ترجع المقولة التي كانت معروفة سابقا / الكتب تؤلف في مصر وتطبع ببيروت وتقرأ في بغداد ، بغداد المأسوف على وجهها الحضاري المغيب !!
* المجتمع الذي فقد مقوماته ، لا يمكن لا لحكومة العبادي أو غيرها من الحكومات من النهوض به بأجراءات نمطية ، لأنها تحتاج لثورة مجتمعية .
لذا أمام حكومة د. حيدر العبادي الحالية تحديات ضخمة جدا من أجل أعادة بناء مجتمع قد تصدعت أركانه الأساسية .
* خاتمة :
حكومة الدكتور حيدر العبادي ، أما أن تغرق كمثيلاتها السابقات في مستنقع الأزمات ( حكومات نوري المالكي الأولى والثانية ، حكومة الدكتور أبراهيم الجعفري و حكومة الدكتور أياد علاوي ) ، أو أن تسير على الطريق القويم / المملوء بمخاطر منظورة وغير منظورة وحتى غير متوقعة !! لأن الطريق القويم يعني ضرب مصالح مراكز القوى ، ومراكز القوى في نيسان 2003 هم ليسوا نفس مراكز القوى في 2014 ، لأن الذين كانوا موظفين عاديين لدى مساعدي مراكز القوى أنذاك / في نيسان 2003 ، أصبحوا الأن مراكز قوى ولديهم مساعدين وموظفين … يعني مراكز القوى تتوالد كالأرانب !! وهذه الأرانب ألتهمت قوت الشعب وألتهمت / مسبقا ، قوت الأجيال القادمة أيضا !!
فخيار/ النهوض بالعراق من جديد أو الغرق في مستنقع الأزمات كالحكومات السابقة ، أولا و أخيرا سيبقى مرهونا بيد د. حيدر العبادي !!

أحدث المقالات