مما يثر الدهشه والاستغراب حقا اليوم لدى زوار بغداد من غير العراقيين عرب وأجانب على حدا سواء التناقض الحاد بين شهرتها كعاصمه تاريخيه لامراطوريه أطبقت شهرتها الآفاق كعاصمة للحضاره العربيه الاسلاميه حيث كانت بغداد آنئذ المركز التكنولوجي للعالم ودارا للخلافه العباسيه التي حكمت العالم القديم عبر خمس قرون. لاشك فأن خسارتها لمنجزات ذلك الميراث الإبداعي الثقافي الفريد لتلك الحضارة الانسانيه الثرة يكاد أن يكون شاملا.
التراث المعماري البغدادي
للأسف فأن من مجموع ما يزيد على أكثر من مليون مبنى سكني ومرفق عام في العاصمه العراقيه الآن ليس هناك اليوم في بغداد سوى)133( معلم تاريخي كان مسجل في الرصافه في ثمانينيات القرن الماضي منها فقط)6 ( مباني عباسيه- بعد أن تم الكشف عن أساسات باب الطلسم أثناء انشاء شارع محمد القاسم للمرور السريع- وفي جانب الكرخ هناك فقط (3) مباني عباسيه كذلك فأن هناك )14( مبنى آخر ذات أصول عباسية وما بقيه من مباني تاريخية فهي مباني عثمانيه.
المورث المعماري البغدادي كان مكون من قصور ومدارس ومساجد ,ومزارات وكنائس وأسواق ومقاهي وخانات وحمامات وبوابات وشرائع كما أسلفنا فأن هناك ثلاثة مباني تاريخيه في جانب الكرخ مع عدد من القبور التاريخيه لمشايخ المتصوفه في مقبرة الشيخ جنيد وعددمن الأسواق اما في الأعظميه فهناك ثلاثة مباني وبنايتين في الكاظميه – الروضه الكاظيه ومسجد أبو يوسف- وأسواق , بيد أن المدينه القديمه على جانبي نهر دجله ومدينتي لكاظميه والأعظميه كانتا أيضا حتى نهاية القرن العشرين تمتلكان عدد لايستهان به من التحف ذات العمران التقليدي رائع الجمال من البيوت البغداديه التقليديه والتي يعود تاريخ تشيدها في الغالب الى القرن الثا سع عشر والنصف الأول من القرن العشرين. أن الطبيعة اللينة المطواعة لمادتي البناء الأساسيه الطابوق والخشب مكنت البنائين والحرفين البغدادين من التمرس التقني والفني في التزيين والتجميل ولذلك فقد أبدعوا في أداء اللمسات الفنيه غايه في الروعه والجمال التي ترمز الى هوية مدن العراق الثقافيه.
ان الألوان المهيمنه على المشهد الحضري البغدادي هو اللون الأصفرالباهت للطابوق العراقي الابتكار ولون الشناشيل الخشبيه البني والقباب التركوازيه المتناثره بجوارالمنائر متوجه بلون التركواز المزجج و مزينه بالسراميك بأشكال هندسيه.
وعليه فأننا نستنبط من ما مر ذكره سالفا بأن المناطق القديمه في جانبي الرصافه والكرخ والأعظميه والكاظميه والبتاويين كانت حتى منتصف ثمانينيات القرن العشرين تزخر بالدور التراثيه البغداديه التقليديه الجميله. لذلك فأن استعراضا وأن كان غير تفصيلي للمكونات الأساسيه للبيت التراثي البغدادي ستؤدي الى تعميم الوعي ليس بجمالية البيت البغدادي حسب وانما أيضا الى استكشاف عالم العلاقات الاقتصاديه/الاجتماعيه التي كانت الأساس في تطوره الفني و تكوينه الوظيفي.
تصميم البيت البغدادي:-
أن تصميم البيت البغدادي التقليدي في الغالب الأعم يتألف من طابقين طابق أول (أرضي) وطابق ثاني هذا النمط من البناء يحدد خط أفق المدينه ومشهدها الحضري اما تخطيط البيت فيكون في العادة ذا شكل هندسي و ذو تناظر واضح للعيان وهو لذلك يمثل بطبيعته التصميميه والهيكليه استجابه لمتطلبات البيئيه العراقيه الحاره شبه القاريه ونموذجيا لهيكل التنظيم الأجتماعي الشرقي ذات التقاليد المحافظه . تكون الفضاءآت في البيت التقليدي غير معرفة الأستعمال- الوظيفه- تطوق الحوش (ساحه مفتوحه نحو السماء) و ينفتح حوش الدار على رواق معمد. اما سطح البيت البغدادي فأنه يؤلف فضاءا اضافيا لفعاليات الحياة اليوميه للعائله اذ كان يستعمل للمنام في فصل الصيف الى جانب استعماله لأغراض صناعة الأغذيه الموسميه كتجفيف الخضار وتحضير المربيات و معجون الطماطم وصنع دبس التمر والرمان والمخللات وخزن بعض الأثاث المنزلي ….الخ و سطح البيت في العاده يسيج بزريب من القصب مؤلفا ستاره ارتفاعها يزيد على قامة الأنسان وذلك للحفاظ على خصوصية الحياة العائليه. كذلك فأن خصوصية حياة العائله البغداديه المحافظه تستوجب أن لاينفتح مدخل البيت على حوش الدار مباشرة وأن لاتتواجه مداخل الدور المتقابله على جنبي زقاق واحد.
ان نمط خصوصية الحاله التقليديه المجتمعيه المحافظه للعائله البغداديه اقتضى استحداث عزل فضائي داخل البيت حيث يقسم البيت الى قسمين منفصلين قسم الديوانيه (الديوانخانه) أو البراني وفيه يتم استقبال الضيوف من الرجال وقسم الحريم (حرملك) أو الدخلاني حيت تجري فيه الفعاليات العائليه اليوميه.
ان الأهتمام المعماري في عمارة البيت التقليدي يتركز على التزيين والتجميل في تصميم البيت البغدادي الداخلي في حين أن عمارة المحيط الخارجي للبيت تكون متواضعه نسبيا وواجهة البيت المطله على الطريق العام أو الخاص – الدربونه- عباره عن جدار طابوقي يكاد أن يكون أصم في أغلب الأحيان ولايحوي سوى على فتحة الباب وفي بعض الحالات قد تتواجد بعض فتحات النوافذ في أعلى جدار الطابق الأرضي . تتربع على جداران الطابق الأرضي شناشيل الطابق العلوي الخشبيه ذات النقوش الجميله والزجاج الملون. ولأسباب مناخيه فأن الدربونه الضيقه في المدينه القديمه تنفتح في اتجاه النهر لغرض استدراج تيارات النسيم البارده ذات الرطبه النسبيه من النهر. تطل على الدربونه أبواب ذات نقوش نباتيه جميله والخصوصيه الأجتماعيه للعائله البغداديه تجعل موضع تلك الأبواب غير متقابله الأبواب تلك تنفتح على مجاز في نهايته فتحه جانبيه تقود الى حوش الدار الذي كما أسلفنا يكون مربع الشكل في أكثر الأحيان وتكون فيه فتحتان متقابيلتان وأرسيان من الشبابيك يقعان على طرفي الحوش بالقرب من فتحة المجاز على الحوش وفي بعض الأحيان من المجاز مباشرة توجد فتحة السلالم التي تقود الى رواق الطابق الثاني مقام حول الحوش هذا الرواق تفتح عليه غرف وفضاءات الطابق العلوي و رواق الطابق العلوي يكون ذو ارتفاع أعلى من راوق الطابق الأرضي .يكون الطابق العلوي ذات هيكل خفيف بسبب كمية الخشب الكبيره المستعمله في تشيده . يستند الطابق العلوي على هيكل ذو كتله طابوقيه محاكه من الطابوق تتخلله الفتحات لتعزيز متانته كذلك يطعم بالخشب لأضافة مسحه ذات رونق عليه. أرتفاع الطابق العلوي للدار التقليدي البغدادي يكون كبيروفي احيان كثيره قد يعادل ضعف ارتفاع الطابق الأرضي ويحوي الطابق الثاني في الغالب على مزنين أوعلى الأقل في بعض أجزائه يكون المزنين ذا غرف صغيره. كذلك يحوي البيت البغدادي على فضاء للخزن- قبو- او سرداب والذي كان يغمر بالماء في موسم الفيضان ويستعمل للقيلوه ولتبريد الفواكه في موسم الصيف الحار.
أهمية التراث:-
من الأهميه بمكان قبل الولوج في موضوع العماره التراثيه البغداديه أن نشيرهنا بايجاز الى دواعي وضرورة الأهتمام بالمورث المعماري والى عوامل الاهمال والتخريب المتعمد التي تسببت في هدمه وتخريبه ذلك التراث الفريد لحضارة الاسلام العظيم الذي تراكم في دار السلام بغداد عاصمه الحضاره العربيه. ان مفردات المورث الثقافي ومنها مفردة المورث المعماري هي الأدوات التي تساهم في تشكيل وعي الأمه ووجدانها وبناءا على ذلك فهي التي تحدد من نحن كمجتمع انساني؟ ومن أي خلفية أتينا؟ وماذا انجزنا عبرالقرون؟ أن الاجابات على هذه الأسئلة تؤشير دون أدنى شك الى منبع فخرنا واعتزازنا بأنفسنا وبقيمنا وبالتالي تعبر عن قوتنا وثقتنا بأنفسنا وهكذا يمكننا التوجه بثقه وعزيمه الى استشراف المستقبل لبناء غدا أفضل لأجيالنا القادمه. لذا كان لزاما علينا الاقرار بأهمية المورث الثقافي الذي تركه لنا آبائنا .ان الحفاظ على الهويه الثقافيه لبغداد خاصه ولمدن العراق بصوره عامه قضيه غير قابله للمساومه والتسويف وذلك بسبب ارتفاع معدلات التحضر في بلادنا وبسبب النمو الحضري المتسارع في بغداد فمن المتوقع أن يتواصل معدل النمو المرتفع في العراق على الأقل في حسابات المستقبل المنظور وعليه فأن موضوع الحفاظ على التراث الذي هوملك الأمه وضميرها وهويتها الوطنيه يكتسب أهميه قصوى وذات مستعجليه بالغه . وأنه لمن أولويات الفئات التنويريه الواعيه من مثقفين وأكاديميين ومتعلمين ومهنيين العمل الجاد والمخلص في تنوبر المجتمع البغدادي وأبناء العراق بألأهمية القصوى لضرورة تعهدهما لمورث العراق الثقافي وذلك بغية تعزيز الهويه الوطنيه العراقيه التي تؤلف أصل حضارة العرب والمسلمين والا فأن مورث ألامه الثقافي وهويتها المعززه لوحدتها لوطنيه التي طالها التدهور والتخريب والتشويه و الترييف من جراء الاهمال من ناحيه والتدمير المتعمد من ناحيه آخرى ستؤول عاجلا الى الانقراض لاسمح الله ولات ساعة مندم..
التصميم والتقنيات:-
ان تصميم وتقنيات البناء في عمارة بلاد وادي الرافدين – مابين النهرين- قد تحددتا منذ زمن سحيق يعد بآلاف السنين وفق معطيات العراق البيئيه كالمناخ ومواد البناء المتوفره محليا و التنظيم الأجتماعي/الديني. ولا يوفتنا هنا أن نذكر بأن تاريخ العمارة ا لبغداديه القديمه باصوله هو بامتياز تاريخ عبباسي وأن فن العماره العباسيه العربيه الاسلاميه ولد وتطور في حاضنته بغداد وقد تميز عن نظيره الفن المعماري الأموي بأرتباطه العضوي بالجذور المحليه الأصيله لعمارة وادي الرافدين القديمه وبالفن المعماري الشرقي فحين ان العماره الأمويه التي سبقت بزوغ العماره العباسيه تعود في أغلب مكوناتها وفي تطورها الى اصول العماره اليونانيه والطرز المعماريه القديمه التي برزت في العصور المتأخره قبيل القرون الوسطى التي عمت القاره الأوربيه.
خصائص العماره العباسيه الأساسيه:-
لقد تميزة العماره العباسيه بالضخامه والمعلميه وفي استعمال الأنظمه البنائيه المؤلفه من دعامات طابوقيه كبيره
وكذلك في استعمال الأقواس والأعمده- التين كانتا معروفتان في العمارة القديمه لوادي الرافدين – وفي اسثثمار التزيين بالنقوش الجصيه والطابوقيه والخشبيه والزجاجيه. مع ذلك فأن بناء المساجد العباسيه قد أعتمد على العديد من مفردات تصميم المساجد التي اعتمدت في تصاميم المساجد في الفتره الأمويه فلقد استمر في العماره العباسيه اعتماد التصميم الأموي ذو الشكل الرباعي المنتظم والذي يتكون من ساحه مكشوفه(حوش) محاطه برواق ذات أعمده يرتكز سقفه على صفوف من الأعمده المزينه بالزخارف الطابوقيه و.الجصيه
الخلفيه التاريخيه لمورث بغداد المعماري:-
ان الغالبيه العظمى من العماره التاريخيه المتبقيه في بغداد هي في الواقع من المباني العثمانيه والعماره العثمانيه تعود في تطورها الى عناصر تصميم العماره السلجوقيه المبكره المتأثره الي حد كبير بفنون العماره الايرانيه والبزنطنيه والى تقاليد تقنيات العماره المملوكيه الاسلاميه ذات الفضاء الداخلي الواسع المغطى بالقباب. ان تأثير العماره العثمانيه على عمارة بغداد كان محدود نسبيا ويكاد يلاحظ حصرا في عمارة المساجد. حيث قد تم الاستعاض عن تصميم مخطط الساحه العربي التقليدي باعتماد الفضاء ذات السقف وذلك من خلال استحداث فضاء مركزي للصلاة مغطى بقبه . فعين الوقت فأن التأثير العثماني في عمارة البيت البغدادي كان طفيفا للغايه فقد اسنمر كلا من الطابوق والخشب كمادتا البناء الرئيستين في البيت التقليدي ولم يتجاوز التأثير العثماني عليه سوى الزياده في استعمال الخشب في الطابق الثاني مع ادخال عنصر التزين بالأزهار الى جانب مواصلة نمط التزين والتجميل العربي ذو الأشكال الهندسيه . أن العماره البغداديه مثل عمارات كل حضارات وادي الرافدين السالفه ذات طبيعه هشه عناصرمكوناتها الرئيسه هي الطابوق المصنوع من مادة الطين المفخور والجص والنوره والقير والخشب المحلي والخشب ذات النوعيه الجيده في الغالب يجلب اما من شمال العراق أويستورد من الهند وبلدان شرق آسيا . وعليه فأن مقاومة تلك المواد للعوامل البيئيه تكون ذات طبيعه متدنيه. في العصور السابقه كان للمهارات والحرفيه المهنيه التي قد تطورت وترسخت لدى البنائين البغداديين والعراقيين في العهد العباسي القابليه والمهاره على العمل بنجاح قل نظيره على ادامة هيمنة مفردات المنجز المعماري للحضاره العربيه / الاسلاميه والمحافظه على مشهد مدينه بغداد الحضري وكذلك تمكنت من الحفاظ على شكل وهيئة عمارتها وابقاء ملامح وعناصر العماره العباسيه حيه لفتره طويله من الزمن.
نهايةعصر الانحطاط:-
بغداد بعد أن اجتياحها هولاكو في عام 1258 ميلاديه دخلت مرحلة انحطاط حضاري استمر لما يزيد على اربعة قرون و بات التطوير والتعمير فيها امر نادر جدا وقد دام هذا الجمود حتى تولي ادارة ولايه بغداد عدد من الولات الأصلاحيين (في الغالب ماسونيون الذين ناصبوا الخلافه العثمانيه /الاسلاميه العداء)على رأسهم الوالي مدحت باشا في عام1869 ميلادي ومن ثم خليفته الوالي ناظم باشا وقد سجل ذلك منعطفا و معلما بالغ الأهميه في تنشيط الحياة البغداديه من جديد فقد تم لأول مره منذ الاحتلال المغولي استحداث اداره بلديه لمدينة بغداد كذلك قد تم هدم السورالشرقي للمدينه واقيمت بدلا عنه السده الشرقيه والتي عرفة أيضا بأسم سدة ناظم باشا وذلك بهدف حماية المدينه من الفيضان وتوفير فضاء لتوسيع المدينه العباسيه القديمه. وعلى ضفة نهر دجله الشرقيه تم انشاء السراي الحكومي واقيم في باحته المفتوحه باتجاه نهردجله برج الساعه التي لازال يعرفها البغداديون حتى يومنا هذا بساعة القشله. ان استحداث ذالك المنشأ المهم قد سجل علامه فارقه في التوجهات المستقبليه لعماره بغداد وقد أحدث ذلك الحدث العمراني هزه في حياة بغداد الرتيبه وقد تعدى الأثر الوظيفي/ الأجتماعيه لمبنى السراي الى استحداث طراز تعمير ذا طابع غريي في قلب النسيج العمراني التقليدي التاريخي لمدينه بغداد العربيه/الاسلاميه. من الناحيه الأخرى فقد أحتلت بناية السراي الصداره بين مباني بغداد بأعتبارها أطول مبنى على جبهة النهر في بغداد كلها الى الأن فالى جانب كون أن تصميم السراي المغلق قد ألف أول انجاز لمبنى من الطراز لمغلق في المدينه القديمه. لقد تألف مبنى السراي من طابقين بثلاثة اجنحه تحيط بساحه مستطيلة الشكل تنفتح على شاطئ نهر دجله بشكل مباشر وفي وسط ساحه السراي ينتصب برج ساعة القشله. هذا النوع من التصميم المغلق قد تم اعتماده في تصميم كل المباني التي انشأت في تلك الفتره الزمنيه كمبنى البلديه ومبنى دار الأيتام. وكما هو معلوم ففي نحو نهاية القرن التاسع عشر حاول الحكام الأتراك تحديث امبرطوريتهم المريضه و في عين الوقت تصاعدت الأطماع الغربيه الاستعماريه لانتزاع ممتلكات الدوله العثمانيه الضعيفه ولوقوع العراق على طريق الهند –درة تاج الأمبراطويه البريطانيه- كذلك فأن ازدياد عمليات التبادل التجاري بين العراق والدول الأوربيه أيضا قد قاد الى فتح باب بغداد العاصمه الأمبراطوريه للدوله العباسيه لدخول أساليب وأنماط الحياة الغربيه اليها بعد أن كان قد أغلق في وجه الحضاره لعدة قرون على اثر سقوطها عام 1258ميلادي. وعليه فقد انسل تدريجيا عنصر الوظيفه وتحديد الاستعمال في التعمير البغدادي وبتنا نرى في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين بأن البيوت البغداديه قد شرعت في تحديد وظيفه معينه لبعض فضاءآتها. ولقد كان لسكة حديد بغداد – برلين تأثيراته أيضا في تطور شكل عمارة بغداد المعاصره ويمكن ملاحظ ذلك في مبنى محطة قطارالكرخ – جانب بغداد الغربي- حيث أقام المهندسون الألمان بنايه مغلقه بارتفاع ثلاثة طوابق ذات ارواق مزينه بالشرفات.
لاحقا
التطوير الحضري وتمزيق الهيكل العمراني التقليدي:- بيد أن الانطلاقه الحقيقيه في توسع الاعمار في مدينة بغداد قد حدثت في أعقاب الاحتلال البريطاني للعراق عام 1917ميلادي أثناء الحرب العالميه الأولى والذي تبدل من احتلال الى انتداب لاحقا والذي استمرالى عام1932 ميلادي . لغرض تأمين تسهيل عملية تسير متطلبات ادارة البلد المحتل. لقد ركنت سلطات الاحتلال والانتداب الى أستحداث مباني عامه وبنى تحتيه توسع نطاقها في عام 1921ميلادي في أعقاب شروع الاحتلال بتأسيس الدوله العراقيه على اجزاء من ولايات الموصل وبغداد والبصره والتي تؤلف جزاء من سهل وادي الرافدين العراقي وعليه فان انشاء البنى الفوقيه والتحتيه للدوله الجديده قد نال أفضليه ومستعجليه قصوى ومما ساعد على ذلك حصول الدوله العراقيه على موارد ماليه من النفط المصدر من حقول كركوك وتوجيه قسم من تلك الموارد الماليه الى عملية التطوير والتنميه الحضريه.
في اثناء فترتي الاحتلال والانتداب مابين 1917م – 1932م. كان للمعماريون البريطانيون الذين عملوا في مديرية المباني مساهمه جديه وتأثير متميز في تطورالعماره المعاصره في بغداد فالمعماري جي.أم ولسن الذي أظهر براعه معماريه في أثناء عمله بالهند من خلال نجاحهه في دمج تقنية البناء المحليه بمفردات العماره الأوربيه ومواد البناء الحديثه وقدعمل في بغداد أيضا على مزاوجة العماره العربيه البغداديه مع طراز العماره الأوربيه الكلاسيكي و من أهم انجازاته المعماريه في بغداد مبنى جامعة آل البيت في الأعظميه (1922م – 1924م) والتي قد جرت صيانتها في نهاية عقد الثمانينيات من القرن الماضي. اما بقية المعماريين اليريطانين الذين كان لهم تأثير في عمارة بغداد فهم أج.أم ماسون الذي كانت اعماله في الغالب تتم بالمشاركه مع زميله المعماري البريطاني ولسن ومن منجزاته المعماريه تصميم مبنى دائرة البريد والبرق(1929م) ومبنى مطار بغداد القديم- مطار المثنى-(1931م). وقصر الزهور الذي قد تم صيانته أيضا لأستعماله متحفا للآثار الملكيه غيرأن نشوب الأزمه الكويتيه قد أدى في حينه الى الغاء موضوع انشاء المتحف. اما المعماري البريطاني الأخر والذي لعب دورا مهما في في تطور عمارة بغداد فهوجي.بي.كوبر وقد حاول كوبرفي تصاميمه استعمال خصائص العماره العربيه /الاسلاميه غير أنه لم ينجح في ذلك اذ بقية معالم العماره الأوربيه بارزه في أعماله. من أعماله المهمه في بغداد مبنى المقبره الملكيه في الأعظميه (1932م – 1934م)والذي تميزبالجوده بين اعماله فلقد أولى تصميم المقبره عنايه خاصه وذلك لأن التصميم كان قد احيل اليه بموجب جدول مواصفات فنيه تفصيلي وفي ظل متابعه متواصله لمراحل اعداد التصميم ومما تجدر الاشاره اليه هو انه قد تم صيانة المقبره الملكيه في عام 1989 كرد جميل وتقدير من صدام الى الملك حسين بن طلال. جزاء لمساندة عاهل لصدام في حربه على ايران و مباني كوبر التي تجدر الاشاره اليها أيضا هو مبنى جامعة آل البيت والتي تمت صيانته أيضا في نهاية عقد الثمانينيات كذلك من منجزاته بناية كلية الهندسه في باب المعظم والتي تم تشيدها عام (1938م) وبنايتي القصر الجمهوري والبرلمان بين أعوام(1957م – 1959م).
دور المعماريين والمهندسين العراقيين:-
في عقد الثلاثنيات من القرن العشرين أي في سنوات الاستقلال المبكره وما بعدها أرسلت الحكومه العراقيه الطلبه العراقيين لدراسة العماره في بريطانيه والبلدان الأوربيه والولايات المتحده الأمريكيه. لقد توافقت دراسة هؤلاء المبعوثين في أجواء مفعمه بفلسفة وفكرالحداثه الذي تخلى بموجبه المعماريون كليا عن التقاليد والطرز المعماريه المورثه من العصور السابقه وقد اعتمدوا في استحداث العماره الحديثه على التقنيات المعاصره والأبداع الفردي في انتاج العماره .. لقد انتهج هؤلاء الرواد المعماريون العراقيون في الثلاثنيات والأربعنيات والخمسينيات من القرن الماضي أبتدا بالمعماري أحمد مختار ابراهيم وزميله حازم نامق مرورا بجعفر علاوي ومدحت علي مظلوم وأقرانهم من المعماريين منهج الحداثه في تصميم العماره بشكل يكاد أن يكون مطلقا عدا بعض الاستثناءآت النادره ويأتي على رأس تلك الاستثناءآت شيخ المعماريين العراقيين المعماري المبدع الدكتور محمد مكيه الذي كان جل اهتمامه ينصب على احياء العمارة العربيه/الاسلاميه واعتماد التقنيات البيئيه المحليه المورثه في التعميرلذلك فقد أختار لطروحة الدكتوراه التي انجزها في عام1946ميلادي موضوعا حدد ملامح توجهاته المعماريه وابداعه الفني المتميز و هو ” تاثير المناخ في تطور عمارة البحر الأبيض المتوسط” لقد كانت قراءة الدكتور محمد مكيه للعماره بأعتبارها ليس رمزا لللأبداع الفني حسب وأنما هي منجز ثقافي و حضاري لذلك فأن تصميم عمارته يزخر بمفردات التراث التقليدي البغدادي وطرز الريازه العباسيه وقد برع في استخدام المفردات الفنيه العراقيه القديمه والاسلاميه كالخط العربي ويقف في صدارة ابداعته التي تحاكي مورث الأمه الثقافي تصميم جامع الخلفاء وتجديد وصيانة منارته التاريخيه وتصميم جامعة الكوفه- التي كان السبب في مطاردته من قبل السلطه الدكتاتوريه- والجامع الكبير في مدينة الكويت وبوابه مدينة عيسى في دولة البحرين. اما في مجال التعليم فقد نال شرف تأسيس القسم المعماري في كلية الهندسه التابعه لجامعة بغداد . المعماري العراقي الآخر الذي سجل منجزأ يشار اليه في مجال العماره والتخطيط ذات الأصول العراقيه هو المعماري العراقي المبدع المرحوم قحطان عوني والتي كانت بداياته في العمل المعماري تبنى فكر الحداثه غير أن تصميمه لمجمع مباني الجامعه المستنصريه ببغداد الذي استلهمه من تراث حضارة العراق القديمه قد نقله الى مصافي المبدعين العراقيين اذ خطط مجمع المستنصريه وفق تخطيط المدن العراقيه القديمه في مجال تنظيم الحركه وتوزيع المباني والفضاءآت .في تصميم الجامعه المستنصريه اختط شارعا رئيسيا في المجمع على غرار شارع الموكب في مدن العراق القديمه حيث تتفرع منه طرق تنتظم عليها المباني والباحات المفتوحه نحو السماء وقد وزع المباني على هيئة مجموعات وظيفيه هي المجموعه التعليميه والمختبرات العلميه ومجموعة المباني الاداريه والعامه (المكتبه.) وقد استعمل في بناء الوجهات الطابوق العراقي البغدادي ذو اللون الأ صفرالباهت وفي عملية رصف ذلك الطابوق طور تكوين معماري مخالف لما هو سائد اذ تخلى عن الجدارذا الشكل الستائري المسطح المعتاد في المباني واستحدث جدارا ذا بروزات تجميليه ذات نسق لوني يتغيرعلى مدى ساعات النهار حسب مسقط الضوء ونمط تكوين الظل عليه.
لم يقتصر مسح الوجه الحضاري التاريخي لبغداد على العماره الحداثيه التي أغرق فيها المعاريون العراقيون بغداد من أقصاها الى أقصاها وانما تعدى ذلك الى أن يدلوا أعلام الحداثه الدوليه أيضا بدلوهم في تشويه المشهد العربي/الأسلامي لمدينة السلام. فعلى أثرتأميم الدكتور محمد مصدق للنفط الايراني أجبرت شركات النفط الغربيه العامله في العراق على تقاسم عوائد النفط مناصفه مع الحكومه العراقيه التي خصصت 70% من تلك العوائد النفطيه للاعمار وعليه فقد حظى معماريون عالميون بأعمال تصميمه في بغداد مثل الأمريكي رآيت ولوكاربوزيه وأدوارد آلتو وكروبيوس وجيو بونتي وغيرهم . من بين هذه الصفو الدوليه كان الوحيد الذي نصح الجهات العراقيه بأهمية الحفاظ على بغداد التاريخيه هو المعماري الأمريكي رآيت الذي قد كلف في حينه بوضع تصاميم دار الأوبرا اذ قام بنصح السلطات العراقيه ببناء عاصمه أداريه جديده للدوله العراقيه جنوب مدينة بغداد بالقرب من مدينة المدائن التاريخيه لغرض الحفاظ على معالم بغداد التاريخيه والتقليديه.
انحسار موجة الحداثه:- لقد كانت حصيلة عملية الحداثه المعماريه على النطاق العالم مخيبه للآمال اذ تم استحداث مدن ومباني متشابه بدون ملامح عديمة الهويه في مختلف أصقاع العالم وللأسف فأن بغداد المدينه التاريخيه وعاصمة الاسلام العظيم على أعتاب الانخراط الكلي في سلسلة تلك المدن مالم يصار الى اعادة صياغه شامله لفلسفة وأساليب اعمار بغداد وتعميرمدن العراق القديمه .
مع تصاعد القلق المشوب بالسخط من نتائج العولمه الكارثيه على الثقاليد المحليه والانتماء الوطني في كل مكان في العالم وبزوغ موجة ما بعد الحداثه شرع المعنيون بالتنميه والاعمارالتمعن في الثقافات والتاريخ المحليين بغية اعادة اكتشاف التراث المحلي والأقليمي.
عليه في العراق في خضم عملية التنميه الانفجاريه التي أعقبت زيادة عوائد النفط في سبعنيات القرن الماضي لم تستطع السلطات تجاهل أوالتملص من استحقاقات العمق التاريخي للعراق ولمدينة بغداد لذلك فقد أقيم مابين 15 – 17 أيلول 1980 ميلادي عقد ندوه موسعه في بغداد تحت عنوان ” التراث المعماري والعماره العربيه المعاصره” كان من نتائجها شروع أمانة بغداد باعتماد بعض مفردات التراث في تصاميم المباني كالأقواس وتحديد ارتفاع المبنى في المناطق التاريخيه والمراكز الدينيه والعمل على اعادة استحداث النسيج الحضري التقليدي حول المراكز الدينيه – كالحرم الكاظمي الشريف والحضره الكيلانيه ومرقد الامام الأعظم- كما باشرت الأمانه في تنفيذ و اعداد دراسات حفاظيه عديده بالاستعانه بالخبرات المحليه والتخصاصات الدوليه في الحفاظ والعماره الاسلاميه وأدناه أهم تلك المشاريع:
– بناء دور تراثيه في منطقة باب الشيخ وشارع حيفا والكاظميه.
– صيانه سوق السراي- لم يكن الحفاظ دقيقا اذ لم تجري عملية الصيانه وفق تصاميم ومعايير حفاظيه-
– دراسة الحفاظ واعادة تطوير منطقة البتاويين والتي انجزت في شهر كانون الثاني عام1983.
– دراسة الحفاظ واعادة التطوير لمركز بغداد التاريخي (الرصافه) والتي تم انجازها في أيلول عام 1984.
– دراسه تحليليه لتطور العماره والتخطيط في مدينة بغداد في العصور الاسلاميه المختلفه . لقد تم الشروع بالدراسه بموجب اتفاق بين أمانة بغداد ومنظمة العواصم والمدن الاسلاميه وقد قامت أمانة بغداد بتمويل الكامل للدراسه.على مايبدو لم يتبقى لدى أمانة بغداد أي شيء من كمية أوليات الدراسه وقراصها المدمجه وتقاريرها النهائيه في حين أن منظمة العواصم والمدن الاسلاميه قد أخفت الدراسه لأسباب لاتغيب عن اللبيب. لذلك يتوجب على أمانة بغداد مطالبة منظمه العواصم والمدن الاسلاميه تزويدها بنسخ من الدراسه وذلك لغرض تعميم فوائدها العلميه بأعتبارها الدراسه التحليليه الوحيده للعماره العربيه الاسلاميه.
– المؤسسه العامه للآثار والتراث قامت بأعمال حفاظيه وأعمال صيانه كثيره أبرزها صيانة مبنى السراي (القشله) وهنا أيضا كان مستوى الحفاظ التقني متدنيا. اما صيانة قصر الزهور التي انجزته السياحه بالتعاون مع مكتب سبرد روبنسون البريطاني فقد كان عملا حفاظيا متميزا و كذلك فقد شاركت جهات عراقيه عديده بما في ذلك فريق من أمانة بغداد في تخطيط وتصميم وتنفيد مشروع اعادة اعمار محلة التكارنه في جانب الكرخ بطراز وبتخطيط تراثي بغدادي.
العوامل التي قادة الى تخريب المورث المعماري البغدادي:-
أدناه بعض العوامل الأساسيه و المسببات التي خربت مخزون بغداد التاريخي والتراثي.
– لقد تعرض قسم كبير من مورث عمارة مدينه بغداد الهش للتدمير جراء الغزوات الأجنبيه والفيضانات والظروف البيئه المتطرفه الحاضنه للكثير من التأثيرات المضره بالمبنى كألبون الساشع بين درجات الحراره اليوميه والموسميه والمياه الجوفيه والنمل الأبيض(حشرة الارضه) …….الخ.
– لم تحظى بغداد العاصمه الأمبراطوريه العتيده و الرمزالخالد للحضاره الاسلاميه باهتمام السلطه العثمانيه المسلمه علىالرغم من منافسة الايرانين لهم في العمل الدائم للسيطره على بلاد وادي الرافدين.
– أن عمليات الاعمار والتطوير الذي حدثت في بغداد نتيجه لتدفق الموارد الماليه من الثروه النفطيه في خمسينيات القرن الماضي قادها خبراء وفنيون عراقيون ذوي تعليم وثقافه غربيه –نخب مسغربه – لم يكون بالأساس من أولوياتها الحفاظ على هوية بغداد الثقافيه ذات الأصول العربيه/الاسلاميه- البعض يبرر هذا الأغتراب الثقافي لتلك النخب العراقيه كعامل أساسي في خضم الصراع الطبيعي بين التجديد المعاصر ومذهب التخلف الحضاري على نمط الدعوه الى ابقاء ما كان على ما كان أولى-.
– المضاربات العقاريه التي تلهث وراء الربح المادي السريع حسب اذ يتم والى يومنا هذا للأسف الشديد حرق أو قلع دور تراثيه ومباني تاريخيه بحاله جيده في البتاويين والسعدون ومركز الرصافه والكاظميه وفي بعض الحالات تكون تلك المباني المقتلعه بحاله انشائيه جيده جدا ويتم ذلك أمام أنظار المسؤولين وربما يجري ذلك بالتواطؤ مع موظفين عمومين فاسدين.
– تعقيدات الملكيه العقاريه حيث يتم تجزئت ملكية العقار جراء انتقالها عن طريق الميراث الى عدد كبير من الورثه وعليه فأن حق الانتفاع يتضائل لدى المالكين الوارثه وهكذا يتم اهمال المبنى ولاتجري عليه عمليات الصيانه الضروريه لادامة المنشا التراثي.
– قوانين وتعليمات تجميد الايجارات التي تحرم المالك من حافز الريع العقاري وبالتالي يؤدي ذلك الى عدم اهتمام المالك بتطوير وصيانة المبنى التاريخي العائد له.
– انخفاض مستوى التعليم لدى المواطن العادي و أفتقاره الى ادراك أبعاد أهمية الهويه الثقافيه الوطنيه فللأسف أن الأهتمام والوعي الشعبي بأهمية الهويه الثقافيه للأمه و للمدينه يكاد أن يكون معدوما وعليه فأن العديد من الدور التراثيه سيما في مركز بغداد التاريخي تستعمل للأغراض التجاريه وللخزن وكمعامل نجاره ومعامل أحذيه وورش تصليح مما يؤدي الى سرعة اتلاف قسم لايستهان به من تراث بغداد.
– المؤوسسات الرسميه :السلطات الحكوميه المعنيه في حماية التراث كالسلطات البلديه(أمانة بغداد) والمؤسسه العامه للأثار والتراث والأوقاف وغيرها قد ساهمت على نطاق واسع في ازالة معالم بغداد الآثاريه والتراثيه- فعلى سبيل المثال لاالحصر فقد قامت في مطلع ستينيات القرن العشرين كلا من أمانة العاصمه وديوان الأوقاف بعملية هدم منطقة رأس الجسر في جانب الكرخ والتي كانت تضم حمامي الجسر التراثيين الرجالي والنسائي وسوق الأظلم التاريخي والعديد من خانات بغداد القديمه ومقهى البيروتي الشهير وجامع باب السيف العباسي وهنالك الأمثله العديده الأخرى على عدم حرص الموظفين العمومين على مورث الأمه الثقافي فعلى سبيل المثال لاالحصر فأن دراسة الحفاظ واعادة تطوير مركز بغداد التاريخي قد أحصت 3897 دارا تراثيا قام قسم التصميم الأساسي في الأأمانة بناءا على مسح سطحي الى تقليص ذلك العدد الى 1414 دار تراثيه فقط وحتى بعد هذا الشطب غير المسؤول (العبثي) لمخزون الأمه الثقافي تقدموا مجددا في شهر تشرين الثاني/1991 بمذكره رفعها مدير عام دائرة التصاميم الى وكيل أمانه بغداد يطلب فيها تقليص عدد الدورالتراث التي يجب الحفاظ عليها في مركز بغداد والبتاويين بهدف استحداث مباني مضاربات عقاريه بحجة اضافيه فضاءات حضريه للتنميه و النتيجه الحتميه هي مواصلة طمس معالم بغداد العربيه/االاسلاميه .في عام 1994 ميلادي شكيلت أمانة بغداد فريق عمل لدراسة تقليص عدد الدور التراثيه و لحسن الحظ فقد شارك في فريق العمل ممثلون عن الجامعه لذالك كانت النتيجه الدراسه هي التوصيه بضرورة العمل على الحفاظ على ماتبقى من تراث بغداد.
وعليه فأن الأمانه والمؤوسسه العامه للأثار والتراث والأوقاف وغيرها يتحملون كل المسؤوليه التاريخيه والأخلاقيه وليس جزءا منها عن خسارة بغداد لمورثها الثقافي لذالك فقد باتت بغداد اليوم في أشد الحاجه الىهويه ثقافيه تجمع وتوحد أبناءها وقد وصلنا الى ما يشبه الطريق المسدود بسبب عدم حرص المسؤولون العموميون على موروث الأمه الثقافي البغدادي التاريخي وتعمد تدمير نسيجها التقليدي. لذلك يبقى السؤال المألم هو هل أن هؤلاء الناس يكنون هذا القدرالكبير من الكراهيه لماضي الأمه؟ او أنها مجرد مسئلة عدم ادرك ابعاد أهمية الذاكره الجمعيه في تجذير الانتماء الوطني؟.
ان الحفاظ على التراث البغدادي واحياء المناطق القديمه هو من القضايا التي يجب أن تحظى باهتمام فائق نظرا لأرتباط ذلك بوحدة المجتمع الثقافيه وهوية الأمه الوطنيه. ومهما بدا من صعوبات وتعقيدات في سبيل انجاز عمليات حفاظيه واسعة النطاق على مستوى العاصمه وفي المراكزها القديمه كالرصافه والكرخ والأعظميه والكاظميه والبتاويين وغيرها فأن ذلك ممكن التحقيق عبر توفير الأدوات الأزمه لذلك والدليل على ذلك هو النجاح منقطع النظير الذي تحقق في أحياء المدن العربيه القديمه في بلدان المغرب العربي الفقير.
الأجرآءات المطلوبه للحفاظ والاحياء:-
ان المحافظ على تراث بغداد وأحياء المدينه القديمه من الناحيه العمرانيه هي في التطوير العمراني للمبانى التراثي وذلك برفده بالوسائل واالخدمات المعاصره كالتدفئه والتبريد والحمايه من أشعة الشمس الصيفيه ومن العواصف الترابيه….الخ وعلى المستوى القطاعي يتوجب رفد المنطقه الحفاظيه بالخدمات والتسهيلات الأساسيه كالمؤوسسات التعليميه والصحيه وخدمات التنظيف والمجاري وتنظيم حركة المرور للسابله وللحافلات …..الخ
أن الاجرآءات التي يجب تتوفرلانجاز احياء المناطق القديمه هي كمايلي:
– تشريع نظام البناء المعد لمدينة بغداد منذ ثمانيات القرن الماضي
– اصدار قرار من المجلس البلدي بتحديد مناطق الحفاظ والاحياء. وتجميد رخص البناء فيها وعلى أن يصار دون ابطاء الى اقرار نظام البناء الذي أعدته مكاتب خبره عراقيه وأجنبيه في ثمانينيات القرن الماضي لصالح أمانة بغداد.
– الشروع باعداد مخططات التحسين والتصميم الحضريين لأغراض الحفاظ والاحياء على أن يغطي ذلك من خلال التخطيط لترحيل التنفيذ وتطوير الضوابط التخطيطيه والمعماريه والانشائيه ووضع القانونين والأطرالماليه والاداريه بما في ذلك وضع المقترحات التي تضمن المشاركه الفاعله للقطاع الخاص في مراحل التخطيط والتصميم والتنفيذ.
– تعزيز وتطوير قسم التراث في أمانه بغداد وذلك برفده بالملاكات الفنيه والتدريب المهني.
– الشروع بترحيل الاستعمالات الصناعيه والحرفيه والتخزين الى خارج مناطق الحفاظ والتطوير.
– تطوير صناعه انشائيه عراقيه لتوفيرالمواد الأنشائيه اللازمه لعملية التعمير الحفاظي.
– الاستفاده من تجارب وخبرات مدن المغرب العربي والبلدان المجاوره ومن المساعدات الفنيه الأمميه في انجاز الحفاظ والاحياء لمناطق بغداد القديمه وفي تدريب الملاكات الفنيه العراقيه.
– أن اعادة اعمار شارع المتنبي تجربه الحفاظ على تواضعها من ناحية التعامل مع العناصر التراثيه غير انها تدعو للأرتياح لاهتمام الدوله بالمناطق القديمه و تبعث الأمل في امكانية الشروع في احياء أسواق بغداد القديمه المتهرئه باعتبار أن ذلك أمر فوري ولايتطلب انجازه الى تخصيات كبيره بسبب امكانية اشراك الملاكين واستعداد المنتفعين (المأجرين) بتمويل مثل هذا النوع من المبادره.