ما أن يتم الاتفاق على تشكيلة الوزارة العراقية المقبلة حتى تنهار بسبب التنافس المحموم بين الساسة على الوزرات في حكومة حيدر العبادي. و كان رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري متفائلاً حين نبه النواب يوم الاربعاء الماضي في الثالث من شهر أيلول الجاري الى احتمال دعوتهم لجلسة طارئة للمصادقة على تشكيلة الحكومة العراقية مالم تقدم في جلسة السبت السادس من نفس الشهر.
فقد مرت مياه كثيرة من الخلافات داخل وبين الكتل السياسية لتغرق تفاؤل الجبوري حيث انهارت التوافقات الأولية بين هذه الكتل وداخلها بسبب التسابق من قبل أعضائها لنيل المناصب الوزراية التي ماأن تستقر على مجموعة أسماء حتى يبرز معترض يخلط التوافقات من جديد.
“إيلاف “اتصلت بمقربين من هذه الكتل الذي كشفوا تفاصيل من الخلافات الداخلية والخارجية فيها مشترطين عدم نشر اسمائهم مجمعين على عدم التوصل الى أي توافق على التشكيلة الوزارية خلال اليومين المقبلين بل حتى موعد انتهاء المهلة الدستورية لرئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي في العاشر من الشهر الجاري، مرجحين أن يشهد يوم الاثنين أو الثلاثاء مفاوضات اللحظة الاخيرة التي يعول عليها الجميع مع منح غير الحاصلين على مسعاهم من المناصب التي تسابقوا للفوز بها وعوداً في مناصب وكلاء الوزراء والهيئات المستقلة.
فوزارة النفط باتت رهن التجاذب بين نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة الحالي حسين الشهرستاني ونائب رئيس الجمهورية السابق عادل عبد المهدي ووزارة الدفاع مابين إصرار زعيم كتلة بدر هادي العامري على تقلدها وبين اعتراض الكتل السنية على كونه زعيم ميليشيا بدر ولايمكن لزعيم مليشيا سابق أو حالي ان يتقلد منصباً أمنياً كوزير الدفاع.
وزارة الخارجية التي كان تحالف القوى السنية وُعد بها عادت لسوق التنافس مابين رئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري ووزير التعليم العالي الحالي علي الأديب.
وتشهد وزارة النقل سباقا بين القياديين في كتلة المواطن باقر جبر الزبيدي وعبد الحسين عبطان اللذين قد يحرمهما كليهما منها اذا تقلد زملاؤهما في الكتلة عادل عبد المهدي وزارة النفط وهمام حمودي منصب نائب رئيس مجلس النواب حيث سيقضم هذا المنصبان معظم نقاد كتلة المواطن في الناصب الوزارية التي يجري توزيعها وفق عدد المقاعد النيابية.
أما وزارة الثقافة فقد حطت رحالها الأخير لدى التحالف الكردستاني استرضاء له من حرمانه من وزارتي النفط أو الخارجية اللتين تشهدان أقسى تنافس لحد الآن انحصر داخل الكتل الشيعية. لكن قد تعود حقيبة الثقافة للتحالف السني ضمن عملية مبادلة حقائب في اللحظات الأخيرة وفق ماكشفه لإيلاف مقرب من العبادي.
أما المناصب العليا كنائب رئيس مجلس النواب فبات محسوماً للمجلس الاسلامي بقيادي عمار الحكيم ومرشحه الوحيد حتى الآن هو الشيخ همام حمودي، ومثله في الحسم منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية الذي سيشغله رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي، حيث سيضمه هذا المنصب من أشد خصومه في السنوات الثمان الماضية وهما رئيس الوزراء السابق أياد علاوي ورئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي اللذين بات ترشيحمها في حكم المنتهي وفق ما أخبر إيلاف مقربون منهما.
مصادر إيلاف قالت إن كل الاتفاقات التي تحصل ماتلبث أن تنهار خلال ساعات والسبب في وجود كتل داخل الائتلافات تقوم بالاعتراض على توزيع حصصها من الوزارات فيحضر زعيم الكتلة المعترضة مدعياً أنه يمثل ائتلافه كمفاوض مع رئيس الوزراء المكلف ويقدم مرشحيه للوزارات، وحين يتسلمها منه العبادي يعود زعيم الكتلة لائتلافه معلناً اتفاقه مع رئيس الوزراء المكلف على تشكيلة الوزارة فيشب العراك ليذهب زعيم كتلة أو اكثر بقائمة جديدة، وهذا يشمل جميع الكتل.
الوزارتان الامنيتان الاكثر أهمية وخطورة اتفق على تقسيمها بين الدفاع للشيعة والداخلية للسنة بعد ان ظلتا تداران بالوكالة طيلة الربع سنواات الماضية بسبب احتدام النزاع الطائفي في العراق ولما يزل ماثلاً.
فمرشح السنة هو جابر الجابري للداخلية ولم يتم الاتفاق على بديل لهادي العامري بين الشيعة لحد الان مع تسريبات أن يقبل به المعترضين عليه في اللحظات الأخيرة إذا تم منح السنة منصب ترضية أو يرشح العامري من قبله من يراه مناسباً وفق ماأخبر إيلاف به مقربون من المفاوضات.
أما مناصب نواب رئيس الوزراء فقد أكد من اتصلت بهم إيلاف أسماء المرشحين الذين نشرتهم إيلاف أمس وهم أحمد الجلبي مرشحاً عن كتلة الاحرار الصدرية ومرشح الكتل السنية صالح المطلك ومرشح التحالف الكردستاني هوشيار زيباري.
ورأت مصادر إيلاف أن توزيع مناصب نواب رئاسات البرلمان والحكومة والجمهورية دون وجود اعتراضات على من سيتقلدها حتى الآن تعتبر خطوة إيجابية ستقود الى تفاهمات بين الكتل على قائمة ترضي الجميع بأقل قدر ممكن من الخسارات ومثله من المكاسب بعد نحو شهر من التقاتل بالكلام والوشايات والتأمر الجانبي بين الكتل وداخلها، فعدم الاتفاق على تشكيلية الحكومة العراقية حتى يوم الأربعاء المقبل ستعيد الجميع للمربع الاول في تكليف مرشح بديل للحكومة.
يذكر أن الحكومة العراقية المنتظر تشكيلها الاسبوع المقبل أول حكومة بعد انسحاب القوات الاميركية عام 2011.
وتم تكليف حيدر العبادي من ائتلاف دولة القانون بتكشيلها بعد اعتراضات الكتل المنافسة لرئيس الوزراء نوري الحالي نوري المالكي على ولاية ثالثة.