26 نوفمبر، 2024 10:15 ص
Search
Close this search box.

نقاط الضعف

لا اعني هنا الضعف العراقي بشكل عام , حيث تفرض الأنشطارات الطائفية العرقية ثقل ظلها القاتم على المجتمع العراق , مخزون هائل من التطرف لمكوني الشمال الكردي والشمال الغربي السني , فالأول وبعد ان تأكد من نضوب مخزونه النفطي , دفعته اطماعه وبلا روادع الى التمدد جنوباً حيث الثروات العراقية , الثاني مسكوناً بأوهام عودة سلطتة البعثية واخضاع الأخر لعبوديتة , الأمر لا يقل سوءً بالنسبة لأطراف التحالف الوطني الشيعي, فبعضهم تبعث حتى “وان لم ينتمي” , انه مشتركات الصراع على الثرروات العراقية .
اعني هنا عراقيي الجنوب والوسط, حيث الثروات والتاريخ , انه مجتمع متجانس متماسك , عميق الجذور في ارضه وارثه الحضاري , محافظات ممتلئة بحب بعضها , تجمعها روحياً وحياتياً عراقة الفنون والأداب والفلكلور الشعبي, وثقافة رافدينية راسخة في الضمير والوجدان عبر الاف السنين , تجمعهم وتوحدهم قيم وتقاليد ومقدسات مشتركة , لهجتهم العذبة, طاغية في نفوسهم , ينشدون اطوارهم من رئة الأرض , يشدهم الى بعضهم حزام الأصلاح والتغيير وعشق الأرتقاء .
ديمقراطيون من الطراز الأول , تعدديون مسالمون متسامحون , ضمائرهم لا تشوبها نزعات الشك والريبة , موروثاتهم الحميدة لا يفهما الآخر ويتعامل معهم مغامرات دموية وتناسل احقاد وكراهية لا معنى لها ولا مستقبل .
عراقيو الجنوب والوسط , بوعي وقناعة وحسن نوايا يتدفقون بأتجاه صناديق الأقتراع , لينتخبوا الأقل سوءً من بين المتوفر ليمثلهم , يمنحون ثقتهم واصواتهم بوجدانية وضمائر نقية , في كل دورة انتخابية , يغمرهم الأمل , ان الذين سيمثلونهم , هم انقياء مثلهم , حسني السيرة والسلوك صادقي الكلمة ,هكذا يتطلع شارع الجنوب والوسط .
الأمر في المنطقة الخضراء والبيوتات المغلقة يختلف تماماً , من كان مفروضاً ان يحترم ثقتهم واصواتهم وتعهداته لهم , يقلب صفحتهم , يتجاهلهم ويتجاهل صعوده على ظهورهم , مجاميع واحزاب ومليشيات وسماحات منغلقة على مصالحها , منقسمون متكارهون متشاتمون متخاذلون, انسلاخات طبقية وتطفل فاضح على فقر وتخلف وعذابات الملايين , تكرش المنقول وغير المنقول في حساباتهم السرية, تمددت مصالحهم الطبقية فتشابكت مصيرياً مع من يشاركهم الثروات والمصالح على حساب عزلة ومحاصرة الملايين من ـــ ولد الخايبه ـــ , نظام التحاصص والتوافقات , اصبح العمود الفقري الذي يجمعهم مع غيرهم في جسد الفساد والتواطيء مع الأرهاب .
الحزب الفلاني (الشيعي) يصافح الشيطان للوقيعة بشقيقه الشيعي , والحزب العلاني (الشيعي) , يسقط شقيقه ليسقط معه, لدينا اكثر من عشرة احزاب اسلامية شيعية لطائفة واحدة , وخمسة مراجع عليا لمذهب واحد , جميعهم انجرفوا في تيار العملة الصعبة , فغرق الأولاد والأحفاد في بحر الثروات , يتراشقون باصوات ودماء فقراء الجنوب والوسط , حريصون على تكريس شعوذة التجهيل والأستغباء والأستغفال وترخيص الحياة وتسفيه حق الناس في العيش الكريم , وكأن الملايين ليس اكثر من مشروع موت  .
من هنا تبدأ نقاط ضعفنا وخراب بيتنا وانكسار حاضرنا ودمار مستقبل اجيالنا واسباب موتنا, ويبدأ تخلفنا وجهلنا واوبئتنا وضياع الفرح والعافية والحلم والأمل وتفقد حياتنا طعمها الأنساني, الخوف من المجهول يفسد امننا واستقرارنا ونتوقع ابشع الأحتمالات وكأننا اموات مؤجلة الدفن, ومن هنا ايضاً, نستطيع ان نتغير ونغير , نستعيد ماهيتنا وهويتنا التي فقدت او ربما مزقت, عراقيون قبل ان نكون طوائف ومذاهب واحزاب وملشيات رعب جماعي .
هنا على مراجعنا ورموز احزابنا ومليشياتنا ان يقتدوا ولو بالقليل من شخصية اجدادهم, وحتى يصبحوا (عظماء بجدارة) عليهم ان يحظوا بثقة وحب واحترام العراقيين ومجتمع الجنوب والوسط بشكل خاص من دون ابتزاز الجانب الروحي لهم, يتجنبوا خدش الحرية والأنتقاص من الكرامة والتلاعب في استقلالية وارادة الرأي العام, او التدخل في تفصيلات حياة المواطن واضعاف وعيه وتدمير مواهبه وابداعاته ونتاجاته الفكرية والعلمية والفلسفية, ويتخذوا من سيد المعرفة ومعلم الدهر امير المؤمنين علي (ع) قدوة في الزهد ومثال في الكفاءة والحكمة والعلم واحترام العقل, فالجهل كفر والفقر رذيلة والعقل فضيلة والحفاظ على ثروات الوطن وارزاق الناس ايمان  .
 ـــــ  مالعمل اذن … ؟؟؟ .
ان نعمل … ان نتسلق سلم المستقبل بعد التأكد, ان اقدام الحاضر ثابتة على درجات التاريخ, محاولة الأرتقاء بلا وعي مجازفة سقوط, واعتماد العواطف انحدار مريح, في العقل وحده نستطيع اكتشاف الذات وتشخيص القيم وفلترة الواقع, وتصبح القوة الروحية والمادية فعل ايجابي, لنا وللشريك, وصيانة حقوقنا ومستقبل اجيالنا, احترام لحقوق ومستقبل الآخر, هكذا ينبغي ان يكون دليل عملنا, طريق سليم للتعايش والتكآفؤ والتسامح والمحبة والأخاء .
متى سيخرج العراقيون من تحت جلد المرحلة, ليروا واقعهم من خارجها ـــ وللمراحل نهايات ـــ اين هم الآن, وبأي اتجاه يسيرون, اين يقف حاضرهم, خلفهم امامهم, ام انهم راكبون بغلة مصيرهم بالمعكوس..؟؟ كيف يتعاملوا مع من ينسيهم واجبهم تجاه انفسهم ومعاناة اراملهم وايتامهم ومعوقيهم ومشرديهم والحذر من الأخطار التي تزحف الآن من تحت اقدامهم, واذا كان الأمر يتعلق بمصير اهلهم وجغرافيتهم وثرواتهم, فلا يؤجلوا مبادراتهم الى موعد خطبة جمعة او فتوى مؤجلة, لا يعلموا, قد تقول لهم دافعوا او تقول لهم تخاذلوا واستسلموا والصمت عن الباطل تقية, عليهم ـــ وقد تأخروا كثيراً ـــ ان يخرجوا من سبات اميتهم, ليتعلموا القراءة ويصبحوا مؤهلين لأعادة قراءة تاريخهم واستيعاب نصوص حقيقتهم وعلاقة نهضتهم بمباديء الحرية والعدالة والمساوات والسلم المجتمعي .
هنا فقط سيتجاوزوا عتبة خوفهم وتخلفهم وجهالتهم, فالعقل طريقهم الى الله والنور وصدق الأيمان وسماحة المعتقد ورجاحة التمييز بين الخير والشر والصدق والكذب والعلم والخرافة , والرغبة في تبادل المحبة والوفاء للأرض والأنسان .

أحدث المقالات