الشئ الوحيد الذي تغير في فؤاد معصوم بعد أن أصبح رئيسا للجمهورية هو إنه صار أكثر تواضعأ على المستوى الشخصي, وأشد تصميمأ على مواجهة التحديات والأعباء التي ينوء بها منصبه لاسيما على صعيد صيانة الدستور ودقة تطبيقه. ومع امتلاكه الجدية والفهم الواضح للكيفية التي يمكن بها الخروج من الازمات والمشاكل لكنه ومن منطلق المسؤولية التي باتت ملقاة على عاتقه يسعى لان تاخذ سياقاتها المؤسساتية بعيدة المدى.
الرئيس معصوم ومن خلال الحوارات واللقاءات الرسمية منها والصحفية التي أجراها مؤخرأ قدمّ رؤيته الخاصة للكيفية التي يتم في اطارها بناء مؤسسات الدولة عبر الإلتزام بالدستور بوصفه العقد الإجتماعي الضامن لوحدة البلاد. لكن هذه الضمانة لايمكن تحقيقها فضلأ عن ترسيخها عبر بوابة التوافقات والاتفاقات او المواثيق والعهود بين القادة والزعماء ممثلي المكونات والكتل والقوى والاحزاب على أهمية بعضها احيانا. الطريق الوحيد لهذه الضمانة يتمثل في بناء المؤسسات العابرة للمكونات والأعراق والطوائف والأحزاب. في حوار جمعني به مع عدد من الزملاء الصحفيين على مائدة غداء في منزله والذي إمتد لأكثر من ساعتين ترك لكل واحد منا إختيار الزاوية التي ينظر منها للشان السياسي الجاري في البلاد وفي المقدمة منه تشكيل الحكومة الجديدة. بينما هو لم يكن يتوقف كثيرأ عند كل ما يتعلق بذلك بمن فيه ملابسات تكليف حيدر العبادي واستبعاد المالكي وما جرى على هامشه من قصص وحكايات عن الساعات الاخيرة التي سبقت قرار التكليف والتي كانت ساعات حاسمة اتخذ خلالها الرئيس معصوم قراره بعيدا عن ضجيج الدبابات والقنوات الفضائية.
ماتوقف عنده الرئيس معصوم هو ما يشغل باله للمستقبل وليس للكيفية التي ادار بها معركة التكليف التي بدت في جزء منها خلافية وهو لايريد الخوض فيما بدا بالنسبة له اجرائي لا تاسيسي. التاسيس بالنسبة لرجل مثل فؤاد معصوم هو ما يتعلق بكيفية وضع الخطط الكفيلة ببناء الدولة. ولعل أهمية هذه الرؤية تكمن في قضية رئيسية واحدة وهي انه لم يعد ممكنا بعد احد عشر عاما من التغيير وثلاث دورات إنتخابية إهدار المزيد من الفرص. لابد من وقفة ومراجعة جادة والبدء بخطوات التأسيس. خطوات التاسيس تتمثل في تشكيل المجالس العليا مثل مجلس اعلى للدفاع على مستوى كل ما يتعلق بالامن والدفاع . ومجلس اعلى للسياسات الاستراتيجية بوصفه اهم مركز لصناعة القرار في البلاد. ومجلس اعلى للاعمار يختص بمشاريع البنية التحتية. فلقد حان الوقت للانتقال من الاقتصاد الريعي الى الانتاج والاستثمار في كل الميادين والقطاعات. وعلى صعيد مجلس الاعمار الذي كان معمولا به في العهد الملكي فان الاجيال الحديثة من العراقيين لايعرفون ان مشاريع البنى التحتية العملاقة التي لاتزال تمثل قيمة كبيرة في العراق مثل مشاريع الري وفي المقدمة منها مشروع الثرثار والطرق والجسور العملاقة ومنها الجسر المعلق وجسر الجمهورية والمتحف الوطني ومبنى وزارة التخطيط ومبنى جامعة بغداد ومدينة الطب وغيرها هي من إنجازات مجلس الإعمار. فكم هي صائبة رؤية الرئيس معصوم التي تحتاج الى مؤازرة كل اصحاب الخبرات والكفاءات من المفكرين والعلماء والمثقفين وكل ذوي الطاقات والهمة العالية.