هناك حدثان مهمان يمکن إعتبارهما خط التالوك في تمييزهما و فصلهما لمرحلتين زمنيتين مهمتين حساستين عن بعضهما، الحدث الاول سقوط الموصل و الثاني سقوط صنعاء، وفي السقوطين نجد الکثير من التداعيات و المستجدات تفرض نفسها، لکن الذي يجمع بين السقوطين أن هناك دور خاص يتسم بطابع من الحذر و التربص للنظام الايراني يقوم برصد و توجيه مرحلة مابعد السقوطين.
سقوط الموصل الذي کان أساسا حاصل تحصيل سياسة طائفية إنتهجها رئيس الوزراء السابق نوري المالکي بدفع و تحريض من طهران خصوصا عندما بدأ النفس الطائفي يفوح من کل مفاصل الدولة التي هيمن عليها المالکي و جعلها أداة و وسيلة لتنفيذ نهجه المشبوه، کما ان الظروف و الوقت الذي دخل فيه داعش، کان أيضا مواتيا و مناسبا للمالکي و لحليفه النظام الايراني کي يقوما بإستغلاله و توظيفه بالصورة الامثل لصالحهما، خصوصا بعدما قام النظام الايراني بإدخال وحدات من قوات الحرس الثوري بدعوى محاربة تنظيم الدولة الاسلامي الارهابي و المحافظة على المراقد الشيعية المقدسة، في حين أراد المالکي توظيف هذا الحدث لشن حملة طائفية واسعة النطاق تستهدف التطهير الطائفي على خلفية محاربة الارهاب، وتبعا لذلك، فقد قام النظام الايراني بتصنيف الارهاب الطالح و الارهاب الصالح، فالارهاب الطالح هو تنظيم الدولة الاسلامية لما يقوم به من أعمال و ممارسات إجرامية في حين أن الارهاب الصالح”بنظر النظام الايراني طبعا”، هو تلك الميليشيات التي تم تأسيسها و تنظيمها و يتم توجيهها من قبله من قبيل عصائب الحق و قوات بدر و غيرها، ولأن هذه الميليشيات تحارب تنظيم الدولة الاسلامية فإنه ليس هنالك من تثريب عليها وان ماإرتکبته من جرائم و مجازر بحق السنة من قبيل مجزرة جامع مصعب بن عمير وکذلك تعليق جثث القتلى على أعمدة الانارة و القتل المتعمد فقط بسبب الانتماء الطائفي ناهيك عن تهجير أحياء و مناطق بکاملها، کل هذا لايعتبر إرهابا بنظر النظام الايراني، وهو يريد بذلك الضحك على الذقون و تمويه الحقائق و قلبها و تحريفها.
ماقد حدث في صنعاء من دخول قوات الحوثيين الممولة و الموجهة من قبل طهران، هو إمتدادا لما قد حدث في دمشق و بغداد و لبنان، حيث تقوم التنظيمات المتطرفة الارهابية وعبر سيطرتها على هذه العواصم بتنفيذ أجندة إيرانية معينة تکرس النفوذ و الهيمنة المطلقة لطهران ليس على هذه العواصم وانما على المنطقة کلها کهدف نهائي.
سقوط صنعاء، لم يکن مفاجئا خصوصا بعد أن لم يتم إتخاذ أية خطوات عملية مناسبة لمواجهة إمتداد نفوذ النظام الايراني و مساعيه الحثيثة من أجل فرض سيطرته على دول المنطقة، واننا نرى أن الوقت أکثر من مناسب من أجل توسيع
نطاق حملة مواجهة الارهاب بحيث لاتقتصر على إعتبار مجموعة تنظيمات محددة من قبيل القاعدة و تنظيم الدولة الاسلامية و النصرة و أحرار الشام کتنظيمات إرهابية وانما يجب العمل من أجل إضافة الميليشيات التابعة للنظام الايراني و الحرس الثوري الايراني أيضا لقائمة المنظمات الارهابية خصوصا وان هناك ليس دليل وانما آلاف الادلة على هذه الحقيقة و يتم بذلك صفع النظام الايراني بأن يوضح له بأن الارهاب کله طالح و في مقدمته ذلك الذي يصدر من داخل عبائاته المشبوهة.
*[email protected]