مؤسف جداً ان يمتليء الوطن بالقصص المحزنة والمناظر الدامية، ووقائع يعتصر له القلب، من جثث الأطفال في ساحات الحدائق والمدارس، وأكف المصلين تقطع في الجوامع والحسينيات، وهي تبتهل الى السماء لسلامة الشعب والمظلوم، الى تناثر الأرواح في الأسواق ومساطر العمال، ثم مذابح سبايكر وتهجير المسيحين وقتل الرجال الأيزدين وسبي نسائهم وبيعها في سوق النخاسة، ومحنة نازحين يهيمون في العراء، تاركين اموالهم وبيوتهم يواجهون مصير مجهول، يموت اطفالهم بين أيديهم عطشاً وجوعاً.
ما يؤسف له ان التعامل الرسمي لم يكن بمستوى الحدث والكارثة الإنسانية، وعدد الضحايا يرتب تغيير ديموغرافي وأجتماعي ونفسي وصحي بإرادة خارجية.
ألاف الأطفال مشردين تحت حرارة الصيف اللاهب، يطاردهم الإرهاب والأمراض، ومصيبتهم بلا قواعد بيانية ولا لجان أغاثة تستطيع حتى أسعاف رمق حياة بعضهم، ويصمت العالم أمام جريمة نكراء ولا يتنادى الى الكارثة الإنسانية الكبرى.
مواكب وجوامع وحسينيات، استنفرت رجال ونساء من محافظات الوسط والجنوب، بكل ما يملكون، لإستقبال النازحين بغض النظر عن الإنتماء، وساهمت المرجعية الدينية بوكلائها ومعتمديها والعتبات المقدسة ودور الزائرين، حملوا في قلوبهم روح الأخوة والأنسانية لدفع المعاناة، ومواجهة كارثة لا تتحمل تأجيل بيروقطراطية وروتين المؤوسسات الحكومية، التي تجعجع ولا تعطي طحين، لما يقارب 1.6 مليون مشرد نازح لا يعرف المصير.
وضع تجاوز في خطورته مستوى المسؤولية الطبيعية، أنذر الى مضاعفة الجهد والعمل والتفاهم المشترك والتنازلات، بعقلية حل الازمات وتصفيرها لا خلقها وتفقيسها.
تشكيل حكومة وطنية ذات مقبولية واسعة على مبدأ شراكة الاقوياء، يتحملون مسؤوليتها جميعاً وعونا لرئيس الوزراء المكلف بروح الفريق المنسجم، خطوة لوضع العراق على الطريق الصحيح من جديد، .
قائمة طويلة من الازمات تنتظر، ومشاكل سياسية بين مختلف الأطياف، اخطرها الإرهاب والفساد وأصعبها فقدان الثقة بين ابناء الوطن الواحد، وتهديد ضاغط يدعونا الى الإسراع قبل انتهاء المدة الدستورية المقرة.
لا نريد العودة الى الوراء، وقد جرببنا نتائج اتفاقات اللحظة الاخيرة والمصالح الخاصة، وعهود ووعود الغرف المغلقة، ولا ضمانة حقيقية سوى الدستور واتفاقات نابعة من اتفاق ائتلافات وكتل لا اشخاص ومصالح، التحصن خلف حقوق كفلها القانون والدستور،لا تتصلب تحت المطالب، حينها تلتقي الأطياف والقوميات على الحق الدستوري القانوني، ونستعد الى خطوة كبيرة الى الامام، تتجاوز الماضي بكل ازماته واخطائه.
لا مجال الاّ بالعمل على نظرية سقف الحقوق لا سقف المطالب، فما جنينا من الازمات والاختناقات والمشاكل إلاّ مزيد من فقدان الثقة.
ثلث العراق مستباح من قبل عصابات الارهاب، واكثر من مليون ونصف عراقي مشرد من دياره ، ندرك جميعا ان المشاكل والازمات التي تراكمت على مدى السنوات السابقة، لايمكن ان تحل في ايام او اسابيع، وإرادة الحل اليوم هي الفاعلة المنتجة، وتشكيل الحكومة اكبر ضربة توجهها القوى الوطنية للإرهاب، فقد انتظر العراقيون طويلاً، ودمائهم تسيل كل يوم بلا ذنب، ولا مجال للهروب من المسؤولية.