سأجـد من يستغرب من هذا العنوان ، وله الحق في ذلك ، فبيني وبين سيد الشهداء عشرات القرون . لكن الذي لم يعرفه أحد أن سيدي الحسين يسكن في أعماق أعماقي دون إستئذان ، وهو يفرض حبـا راقيا يتملكني كلما واجهت ربي لغرض عبادته والأعتراف بوحدانيته وعبوديتي ، وأنه ليس بحاجة لي ولا لغيري ، فلو كفر من الأرض جميعا فلن ينقـص مـــن ملك الله شيئا ، ولو آمن من الأرض جميعـا فلن يزيـد فـي ملكـــه شيئـا ، وكلمـا عفـرت وجهـي بالتراب ساجـدا لعظمتـه إزدادت ثـقتـي باللـــــــه الواحد الأحـد الفرد الصمد أنه وحده من يغفر الذنب ويقبل التوب شريطـة توفر النيـة والتوبــة النصوح . وإذا ما عدنا بالزمن الى الوراء وقلبنا صفحات التاريخ نجد إن سيدنا الحسين بن علي وأخيه الحسن رضي الله عنهمـا وعن أبيهما قـد تربيـا في حجر جدهـم صلى الله عليه وسلم وأنه كان يحبهما حبا جما ، ربما لأن الله لم يأذن لنبيه بولد ذكر مـــــــن صلبه ، أو لكونهما من ذرية بضعته سيدتنا فاطمة الزهراء البتول رضي الله عنها وأرضـــاها ، وكــان هــــذان السيـدان أقرب الـى رسول الله مـن نفسـه، فلا تكاد تمر لحظة وهما بعيدان عنه دون ان يلاطفهما ويحملهما على عاتقـه الشريف وممــا روي بحديـث صحيح أن سيدنا الحسين حينما كان صغيرا صعد على ظهر جده وهو ساجد! فلـم يـقـم النبي من سجوده ، حتى نزول الحسين من على ظهر جده ، وحين سألوه عن سبب عدم نهوضه من السجود قال : كرهت أن يقع ولدي على الأرض فيصاب بمكروه ! صلى عليك الله يا علم الهدى ، وسبحان من قال عنك ( وإنك لعلى خلق عظيـــــم ) وقـد حرص رسول الله على تربيتهما تربية عظيمة لفرط حبه لهما ، كما روي بالحديث الصحيح أن الحسين بن علي مـد يده – وهو غلام صغير الى وعاء فيه تمر الصدقات ليتناول واحدة منها فمنعه جده قائلا له : (( كخ )) إن آل محمـد لا يأكلون أوساخ الناس !، في إشارة واضحة لحرمة الصدقات على بني هاشم ! فقال عنها ( أوساخ الناس ) .. وحين دار الزمن دورتـه وعظمت شوكة الأسلام توسعت بلادهم وكثرت الفتوحات ودخل الناس في دين الله أفواجا فانتقلوا من عبادة البشر الى عبادة رب البشر ، والشواهد على ما قلت كثيرة جدا لن أتمكن من حصرها في ورقة او ورقتين مما أكتب ، وإن كتبت فسوف أنسى ، حينها سأقع في شر أعمالي ولن يرحمني أحـد ! ومن هذه الشواهد ما حصل مع كسرى عظيم الفرس آنذاك ، إذ إنه الوحيد من بين الملوك الذي مزق رسالة النبي وهم بقتل السفير لولا تدخل بعض حاشيتـه ، لذلك نجـد أن النبي عليه السلام دعى ربه ان يمزق ملك كسرى كل ممزق ، فاستجاب له ربه في موقعة القادسية الكبرى ..على أي حال إن ما أردت أن أوصل لحضراتكم : هـو أن البشر ، ومهما أمتد به العمـر صائرالى زوال وهلاك ( وما أبن آدم إلا هالك وابن هالك .. وذو نسب في الهالكين عريق ) لنعد الى صلب الموضوع ، ولنسأل سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنهما وأرضاهما : مالذي جرى معك ، ومن كان سببا في قتلك بهذا الشكل الفضيـع هل هم أهل العراق حقا أم غيرهم ، وهل أمرت أتباعك وأحفادك بقتل العراقيين وأخذ الثأر منهم ، كما قرأناه في مؤلفات نسبوها الى أحفادك جعفر بن محمد وغيره ؟ أم انك سكت عن ذلك بالله عليك أخبرني ، فلقد قتل الكثير من عباد الله بزعم انك من أمرت بقتلهم أنتقاما لما حدث لك ، وهل امرت ( الاتباع باللطم وشق الجيوب ومعاقبة الجسد بالحديد والسيوف والنيران ) وهل صحيح ان من زار قبرك فأن زيارته تعدل سبعين الف حجة ، وهل امرت الأتباع أن يكون ( المرجع ) من بعدك أعجميـا حصرا .. وهل أمرت بقتل ( المراجع العرب ) كما حصل مع محمود الصرخي الحسني وأتباعه ، وهل امرت بأرسال أموال ( الخمس ) الى بلاد فارس دون سواها من بلاد المسلمين ..وهل امرت بقطع الشوارع وغلق الطرقات وإشاعة الفوضى وقطع أرزاق العباد من عمال وغيرهم بسبب هذه الممارسات وفي أوقات محددة من السنة ، وهل ، وهل ؟ أسئلة كثيرة ومتعددة توشك ان تقتلني شر قتلة بل إلبعض منها سبب المصائب التي يعيشها أهل العراق هذه الأيام ، هل هذا هو الدين الذي أرتضاه الله لعباده .. ملل ونحل وفرق وطوائف كل واحدة منها تلعن الأخرى وتكفرها وتتوعدها بالويل والثبور وعظائم الأمور حتى صرنا محط سخرية اليهود والمجوس والبوذيين والهندوس وأتحنا المجال لكل ( سافل منحط ) ان يزدرى هذا الدين الحنيف ويتهمه بالتطرف والأرهاب والقتل وسفك الدماء . يا سيدي يا أبا زين العابدين أتوسل اليك أن تريحني مما انا فيه وتخبرني الحقيقة ، أستحلفك بجدك المصطفى أن تنور لي الطريق كي أسير بموجبه أو اخبر الناس كي يعرفوا الصدق ويميزوا الخبيث من الطيب .. لقد اجاب سيدي الحسين عن تساؤلاتي ففرحت جدا ودرت حول نفسي كدرويش زاهد رآى برهانا مفرحا . أتدرون ما قال هذا الرجل العظيم ؟ أليكم ما قاله بالحرف الواحد:( خذوا مني فأن رأيتم ما نسب لي من قول يتناغم مع القرآن فهو قولي ولن أتنازل عنه مهما حصل .. اما ما يعارض كتاب الله فليس مني اللهم إنا نحن اهل البيت لانخلوا ممن يكذب علينا وينسب الينا أقوالا لم نقلها ) .. في حلقات قادمة سنعرف من هم الذين قتلوا سيدنا الحسين وما هي هوياتهم .. علما لن أعتمد كتابا لأهل السنة أبدا إنما عشرات الكتب التي ألفها علماء الشيعة فحسب ، والذي أطلبه من الجميع ان يتحرون تلك الكتب ثم يصدرون الأحكام ، ثم سنعرف الذين يكذبون على أهل البيت وما قالوه عن هؤلاء الكذبة حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود وليصاب بالخرس كل نباح وزمار وغبي قبل أن ينكر ما جاء في بطون تلك الكتب ، فانتظروني يرحمكم الله ، وليكن بعدها ما يكون فقد سئمنا وضجرنا وزهقنا وأصابنا البغي بغير حق ..