-1-
من أخطر العيوب وأشدّها ضرراً على النفس والمجتمع ، الدوران حول (الذات) والسعي المحموم وراء المصالح والمنافع الفردية ، بعيداً عن الحسابات الموضوعية والعقلانية …
لماذا ؟
لان هذا الدوران – حول الذات – يعني تقديم المصلحة الذاتية على المصالح العليا للدولة والناس أجمعين ، ومثل هذا التقديم مرفوض بكل المعايير السماوية والأرضية ، فضلاً عن كونه مرفوضاً بالمعايير الانسانية والحضارية والأخلاقية والسياسية …
-2-
والمحترفون السياسيون العراقيون – الاّ مَنْ خرج بالدليل – لم يحيدوا عن اتخاذ هذا المسلك الوخيم دَيْدَنَاً لهم .
ولم يُثْنهم عن ذلك ، احتلال (داعش) للموصل، وتدنيسها للعديد من المدن والحواضر العراقية وجرائمها النكراء التي يندى لها جبين الانسانية خجلاً واقامتها لدولة الخلافة المساوِقَة لإطفاء وهج العراق بكل ما يملكه من حضارة وعراقة وامتيازات …
إنَّ هذا الخطر الداهم ، كان يجب أنْ يُجمدّ كلَّ الخلافات والصراعات بين السياسيين ، وان يجعل التنافس بينهم على دحر العدوان، وتحرير الأوطان ، وانقاذ الانسان العراقي ، من كل تلك البراثن الرهيبة ….
-3-
الشعب العراقي ، ووراءَهُ العالم كلّهُ ، ظلوا يترقبون ولادة الحكومة الجديدة التي كلف بتشكيلها د. حيدر العبادي، وتمنوا ان ترى النوربأسرع وقت ، قويّةً برموزها الكبيرة من المهنيين النزيهين المعروفين بالكفاءة والقدرة على النهوض بالمسؤوليات الجسام …،
واذا بنا نفاجئ برفض الترشيق ،وتكثيف أساليب التضييق، للحيلولة دون ولادة الوزارة الجديدة وفق الآمال المعقودة عليها ..!!
-4-
لم يسمعوا صوت المرجعية الدينية العليا وهي تدعو للترشيق وإبعاد الفاشلين عن مواقع المسؤولية ….
ولم يصغوا لنداءات الملايين من العراقيين الذين يطالبون بالتغيير طبقاً لمقتضيات الوضع الراهن .
ورفضوا كل التوجهات الاقليمية والدولية نحو حكومة حدة وطنية عراقية تحظى بالقبول في الفضاء الوطني …
وظلوا يستمعون الى نداء ذاتي شيطاني يقول :
نكونُ والاّ فليكن ما يكون ..!!
-5-
جاء في التاريخ :
أنَّ الحُطيئة – (جرول بن اوس) المتوفي سنة 45 هجرية – نظر الى وجهه في حوض ماء فقال :
أرى لي وَجهاً شَوَّهَ اللهُ خَلْقَهُ
فَقُبّحَ مِنْ وَجْهٍ وقُبِّحَ حامِلُهْ
واذا كان (الحطيئة) معروفاً بانه شاعر ” الهجاء” فانه قد هجا نفسه، كما هجا الناس .
وسياسيو الصدفة عندنا يهجون الناس ولكنهم لايهجون أنفسهم ..!!
لقد فاقهم الحُطيئة وأحرجهم ..!!
إنّ قبيحهم يملأ الجدران بِصُورِهِ، وكأنّه استوفى كل معاني الوسامة والجمال …!!!
-6-
لن يتعافى العراق مع استمرار نَزعْةِ الشبق السلطوي …. التي
تُحرّكُ معظم اللاعبين السياسيين في الساحة .
واذا كانت الاحزاب (المعارضَة) في الدول الراقية ، لا تقلّ أهمية عن الحزب أو الأحزاب (الحاكِمَة) فانَّ (سياسي الصدفة) في العراق لن تروقهم الاّ الحقائب الوزارية، لانّها تدر عليهم من الأرباح ما يمكنّهم من الانتفاخ،
وهكذا تتكرر دورات المعاناة السياسية المرّة …
*[email protected]