كان (الفتى) زنجيا، يتعرض للاعتداء والاهانة، غالبا، دون ان يتجرأ على الرد، ولا يفكر في الدفاع عن نفسه، أو استنقاذ حقه.. ولم يكن له، الا ذلك (الشاب) الذي تطوع للدفاع عنه.. وكان غالبا يحث (الفتى) على ان يكون شجاعا، ويطالب بحقه، ويفرض احترامه على المعتدين.. وبعد ايام، تعرض (الفتى) الى اهانة شديدة واعتداء ظالم، وامسى يفكر في كلام (الشاب) الناصح له.. وقرر ان يكون شجاعا، ويدافع عن كرامته، وخرج من منزله، صباحا، يشد على قبضته، متهيأ للقتال.. وكان اول من صادفه، هو ذلك (الشاب) الطيب، الذي استقبله بالنصيحة، واللوم على سكوته، على ما اصابه من اهانه، ليلة امس… وما كان من (الفتى) الا ان يوجه قبضته الى وجه (الشاب) ويوقعه ارضا..
هذا ما اتذكره، اجمالا، من قصة لكاتب امريكي، زنجي، قراتها قبل اكثر من 30 سنة.. ويمكنني ان اتخيل شعور (الشاب) بالفرح، وهو يتلقى (اللكمة) من (الفتى).. لانه نجح في ان ينزع الجبن من احشاءه، ويصنع من (الفتى).. انسانا يعرف قدره، ويطالب بحقه..!
وهذا هو شعور القائد (المصلح).. الذي عرفناه في تاريخنا، ولا زلنا نحبه لنصيحت الغالية وهو يقول ( إن لم يكن لكم دين, وكنتم لا تخافون يوم المعاد, فكونوا أحراراً في دنياكم [هذه]. وارجعوا إلى أحسابكم).. ولا زلنا نبكي لأننا سددنا له (القاضية)..!
اننا نحتاج اليوم الى (رئيس) يمارس دور (الشاب) ويكون ابا طيبا، يضحي من اجل شعبنا.. ومستعد لتلقي (اللكمة)..! رئيس يعلم الشعب ان يطالب بحقه، ولا يعلمه ان (يهوس) و (يتملق) ليحصل على (مكرمة)..
ان (الرئيس) عنوان عام يصدق على المثلث الرئاسي (الجمهورية-الوزراء-البرلمان) .. واليوم هو (فؤاد- حيدر- سليم).. وهم ممن يستحقون حسن الظن، ويرتجى منهم اين يكونون بمستوى (التضحية)
على مذبح (الوطن) ليكونوا فعلا بعنوان (الرئيس).. وليس ممن ربطوا السرج عليه لقلة الخيل..!
قيل لي، ان الشهيد محمد الصدر (رض).. جاء، يوما، الى مكتبه (البراني).. وهو بيت قديم في النجف، وكانت الجماهير من حوله.. وبعضهم جاء ليدخل المكتب قبله، وعندما وصل السيد، قريبا من باب المكتب، ارتبك من هو امامه، وتوقفوا الحضور عن الدخول، احتراما.. لكن الصدر، انزعج من ذلك، وقال لهم: ادخلوا.. الى متى تبقون هكذا..!
وفي اللقاء الاخير للسيد مقتدى الصدر في فضائية سكاي نيوز.. تحدث عن الرئيس (الاب).. وهو ما اقصده.. ذلك الرئيس الذي لا يستغل (سذاجة) و (عوز) الشعب، ليفوز بالانتخابات.. او يؤسس لديكتاتورية (ما ننطيها)..
العراق يحتاج الى (رئيس ابوي) يضحي من اجل الشعب.. يفتح (حلك) الشعب, على الدولة وعلى حزبه, ويعلمه يطالب بحقوقه.. ويصنع المواطن الذي يفتخر بعراقيته.. وبالرغم من ان هذا الرئيس (الاب) سيتلقى (اللكمة) الاولى من شعبنا.. الا انه سيبقى محبوبا.. ورئيسا تاريخيا.. وبمستوى الرئاسة.. وليس بمستوى منصب (الصدفة) لقلة الخيل..!