25 نوفمبر، 2024 10:52 م
Search
Close this search box.

إلى الساسة الشيعة  في العراق  الذئب على أبوابكم

إلى الساسة الشيعة  في العراق  الذئب على أبوابكم

بضعة ايام مضت على حوار صحفي اجراه الصحفي الاميركي الشهير توماس فريدمان مع الرئيس اوباما. الغريب ليس في اجراء الحوار ، بل في مضمون اجابات الرئيس الاميركي لأسئلة فريدمان والتي سأورد جزءاً منها … هل كان من الأفضل بقاء القوات الأميركية في العراق لمنع العنف؟ كان جواب الرئيس … “أننا لم نكن بحاجة لبقاء قوات أميركية لولا إن الغالبية الشيعية الحاكمة أضاعت فرصة تقاسم السلطة مع الأكراد والسنة، فالشيعة أقروا قوانين ظالمة كثيرة كإجتثاث البعث وغيرها ضد السنة والأكراد”. وفي سؤال اخر حول تقديم الدعم للحكومة في معركتها ضد داعش كان أوباما واضحا جدا حينما قال ” لا نستطيع ان نفعل لهم ما هم غير مستعدين ان يقوموا به لأجل أنفسهم وسوف لن نتورط بشكل أكبر في العراق إلا عندما يتوصل الساسة العراقيون لعملية سياسية شاملة لا يوجد بها غالب أو مغلوب” . وتابع أوباما قائلا ً” ما لم نستطع أن نقدم صيغة تستجيب لتطلعات السنة والأكراد ، فحتما سنواجه مشكلات كبيرة ولسوء الحظ، أتيحت فترة كافية جداً من الوقت للأغلبية الشيعية في العراق لم يدركوا خلالها ذلك والآن بدأوا يستوعبون ذلك”. عندئذ قال له فريدمان كيف تفسر قرارك في إستخدام القوة العسكرية لحماية اللاجئين من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وأيضا لحماية كردستان؟

رد أوباما ”عندما تكون لديك أقلية يُخشى عليها من الإبادة الجماعية، وتكون هناك رغبة عامة في وجودنا هناك، ويكون لديك إجماع دولي قوي بأن هذه الأقلية بحاجة إلى الحماية، وتكون لدينا القدرة على فعل ذلك، إذن سيكون لزاما علينا القيام بذلك”. كما دعا أوباما الساسة الشيعة إلى إظهار عزمهم على الإستعداد لمحاولة الحفاظ على وحدة العراق ، وأنهم على استعداد لمواصلة بناء قوات عسكرية و أمنية غير طائفية وفعالة تكون مسؤولة أمام حكومة مدنية موحدة. واستطرد أوباما قائلا ً أنه ” لسوء الحظ ، لا يزال لدينا داعش والتي أعتقد أنها لا تنال إلا جزءاً صغيراً من رضا السنة العاديين ، والسؤال المهم لنا جميعا هو ليس كيفية التصدي لهم

عسكريا، ولكن كيف سنتحدث إلى أغلبية سنية متضررة في تلك المنطقة أصبحت اليوم بمعزل عن العالم”. ماورد أعلاه هو الجزء المهم من الحوار الذي نشرته التايمز الأميركية والذي يخص العراق ، وما علينا الآن إلا أن ننظر بعمق لما دار في هذا الحوار … وكلامي سأسوقه لساسة العراق الجديد من الشيعة حصراً … يا من سرقتم كل أحلام الشيعة في التغيير يا من نحرتم الوطن الموحد بأيديكم فعراق اليوم مقسّم وينبغي تقبُل تلك الحقيقة، بخلاف عراق الأمس الذي كنا نعرفه والذي لم يعد له وجوداً. ، يا من أسأتم لعلي و خذلتم الحسين مرة أخرى … أتعلمون ما المطلوب منكم في المرحلة المقبلة ؟ ما مطلوب منكم هو أن تخلعوا عقال الثأر والحقد الذي يُحجم رؤسكم … وأن تُقدموا على فعل الشئ الصحيح وسط جبل الأخطاء التي أقترفتموها منذ 11 عاماً … وأن تنسلخوا من عقلية الذل والتبعية … وأن تغسلوا أدمغتكم التي تسيطر عليها نظرية المؤامرة … وأن تزيلوا من طبخاتكم السياسية نكهة المعارضة التي عشتم فيها عقوداً من الزمن ومقاليد الحكم اليوم كلها بأيديكم.. وأن تتعلموا التصرف كرجالات دولة ولو على الطراز السوري ( وهذا أضعف الإيمان ).. وأن تدفعوا بنماذج مشرفة في الواجهة السياسية كـ… وليد المعلم وفيصل المقداد وبثينة شعبان وبشار الجعفري وهم يصارعون كل شياطين الأرض على الساحتين السورية والدولية منذ ثلاث سنوات وبكل هدوء . لقد أصبحتم اليوم تعيشون عزلة دولية واضحة بعد أن فشلتم في مد جسور التواصل مع الأكراد والسُنّة طيلة السنوات العجاف التي مرت من حكمكم للبلاد ، فيما يتجه المجتمع الدولي اليوم وبكل قواه نحو دعم الأكراد و السُنة مبتعداً عنكم . وها أنتم اليوم قد فقدتم السيطرة على العراق ولم يبقَ مكان تحكموه غير بغداد ومدن الجنوب . هل تعلمون إن أنطباعاً دولياً أصبح سائداً بشأن العراق يُثقف بإتجاه أن الشيعة الذين حصلوا لسنوات طويلة على التأييد الدولي فشلوا في حكم العراق ومزقوا وحدته الإجتماعية . ودليلي ما حدث في الأيام القليلة الفائتة من دعم غربي ( أميركي – أوربي ) وتقديم الأسلحة والأموال وتوجيه الضربات العسكرية في المنطقة الشمالية حصراً ضد عناصر الدولة الإسلامية” عندما حاولوا الاقتراب من إقليم كردستان، بينما تجاهلت واشنطن طلب الحكومة في بغداد بتوجيه ضربات جوية عندما سيطر التنظيم ذاته على مدن الموصل وتلعفر وتكريت وأجزاء واسعة من الأنبار بذريعة الإمتناع عن منع الحصانة لجنودها ، مما يشير بشكل واضح للأسف إلى إن المجتمع الدولي بدأ يعبر عن عدم رغبته بالتعامل مع الشيعة، بل يرغب بالتعاون مع الأكراد والسُنة ودعم قادتهم. ناهيك عن قرار الاتحاد الأوربي بتسليح المقاتلين الأكراد “البشمركة” حيث حطت أولى شحنات الأسلحة الأميركية والأوربية في مطار أربيل الأسبوع الماضي، وهي المرة الأولى التي يتجاهل المجتمع الدولي فيها الحكومة الاتحادية في بغداد ويقوم بتسليح البشمركة دون أخذ

موافقتها . وبعد كل ما تقدم يتضح جلياً أن هناك اهتماما دولياً متزايداً ومتسارعاً بالكرد ، فإقليم كردستان وأربيل خاصة تمثل منطقة مهمة للمجتمع الدولي والولايات المتحدة، لأنها المنطقة الوحيدة التي تعتبر آمنة في العراق بعد 2003، كما أنها تمثل تجربة اقتصادية ناجحة ومحطة مهمة لأغلب أجهزة المخابرات الدولية تحت يافطة المنظمات الدولية والإنسانية والشركات التجارية ومن مختلف الجنسيات. والسبب الآخر الذي جعل المجتمع الدولي يقف إلى جانب إقليم كردستان هو فتحه الحدود أمام مئآت آلالاف من النازحين المسيحيين من الموصل والطائفة الآيزيدية من سنجار والسُنة من الأنبار. لقد نسيتم ياساسة وانتم تتخبطون ان هناك حواضن مدللة للغرب بمثابة الخط الأحمر للنظام الدولي الجديد وكردستان هي إحدى تلك الحواضن وعليكم ان تدركوا جيدا معنى الانحناء للعاصفة الهوجاء التي إن أتت فستقضي على الغث والسمين ، فأتركوا منهج (القديس علي) و دعوه جانباً فهو لا يصلح لزمن الشياطين والأبالسة الذي نعيشه الآن و خذوا السياسة من إبن آكلة الأكباد أو إبن النابغة فالزمن الذي نعيش هو زمن العهر السياسي بل هو زمن اللا أخلاق الذي يتماشى مع زمن إبني النابغة وآكلة الأكباد. اقول لكم لقد أضعتم الوطن وعما قريب سيكون ضياع الشيعة في العراق على أيديكم ،لأن شيعة العراق وعلى أختلاف توجهاتهم الفكرية والثقافية والاجتماعية سيدفعون ثمن ركام الأخطاء الهائل الذي ستخلفوه وراءكم و سيكونون حطباً لمحرقة أنتم من أوقدها و أجج نارها بسياساتكم البليدة. فالحذر الحذر من الذئب الذي يقف على أعتاب ابوابكم كما يصف الرئيس أوباما لكنه لم يفصح عن هوية ذلك الذئب الذي تصورتموه بغبائكم أنه تنظيم داعش … لا.. لا بل ما كان يقصده سيادة الرئيس أوباما ان هذا الذئب هو لحظة المزاج الاميركي التي تأتي بشكل سريع ومفاجئ لقلب الطاولة على من تشاء دون أي أستحياء أو إنذار مسبق لتباغت الضحية بأنيابها ، عندها سوف لا ينفع الإذعان ولا الرضوخ ولا تقديم المزيد من التنازلات، كما حصل في الماضي القريب لرموز عربية تعد هي الأولى في موازين العمالة و الولاء للغرب ومن يحالفه. فأتعظوا وتعلموا من التاريخ الذي يحمل في بطونه الكثير من الدروس والعبر ، وأعلموا ان كواليس السياسة الغربية قد أجمعت على ضرورة تغيير طريقة الحكم في العراق لضمان عدم تكرار طريقة المالكي المشبعة بالفشل في الحكم ولثمانية سنوات مضت متمنياً عليكم إ عادة النظرفي العديد من الملفات كالسياسة الخارجية والانفتاح على الجميع دون أستثناء بعيدا عن الشعارات السخيفة التي مللنا سماعها منذ نعومة أظفارنا فضلا عن ترتيب البيت العراقي والقبول الحقيقي بالتعايش والمشاركة الفعلية مع الآخر بعيدا عن لغة الأغلبية والأقلية وحل المؤسسات التي أسست لثقافة الانتقام والحقد والأعتماد على الكفاءات التي نتفاخر بها … لا حفنة من الأميين والفاشلين والانتهازيين الذين أحرقوا الوطن بفشلهم وفسادهم ولله من وراء القصد .

أحدث المقالات

أحدث المقالات