بعدان رضخ المالكي أمام التهديدات الأمريكية والضغوطات الإيرانية والعراقية من شركائه في العملية السياسية العرجاء الفاشلة ،على مغادر السلطة غير مأسوف عليه ،وبعد أن اغرق العراق بالدم والطائفية والفساد،كلفت إدارة اوباما حيدر العبادي القيادي في حزب الدعوة بتشكيل حكومة عراقية على مقاس الأجندة الأمريكية ،وهكذا حصل العبادي على مباركة دولية وإقليمية وعربية ،معتقدين أن العبادي بيديه الحل السحري لإنهاء أزمات العراق (وراح يشرمها) بجرة قلم، وما دروا أن السيد العبادي (ما يحل رجل دجاجة) كما يقول المثل العراقي لانه يأتمر بفرمان ايراني ورأينا كيف رفض السقوف العالية كما سماها للكتل الاخرى،وأنهم يركضون خلف السراب ،لا بل هم يريدون(امريكا وإيران) دمية سياسية بدرجة رئيس وزراء تنفذ لهم ما يريدون وما يخططون لتدمير العراق والمنطقة كلها،واليوم تجري المفاوضات السياسية والصفقات السياسية والمراهنات السياسية والبازار السياسي لشراء المناصب السيادية والخدمية ،لتشكيل حكومة تريدها امريكا والمرجعية في النجف وطهران حكومة (للجميع) ،بمعنى إشراك كل المكونات والطوائف والقوميات في الحكومة ،وهذه نكتة أمريكية-إيرانية،لان المشهد السياسي العراقي تمسكه جهة واحدة هي التحالف الشيعي(الوطني)،وتسيطر عليه بنفوذها وسطوتها ومقاعدها التزويرية في البرلمان،فعن اية مشاركة يتحدث هؤلاء الحمقى للطوائف الأخرى والملف العراقي كله(دينيا وسياسيا وعسكريا وميلشياويا بيد حكام طهران،)،نعود الى عملية تشكيل الحكومة،فالطرف السني(معذرة )،قدم مطالب تعجيزية بنظر خصمه التحالف الشيعي،والتحالف الكردستاني قدم مطالبه التعجيزية بنظر حليفه التحالف الشيعي،في وقت يصر المالكي المنتهية ولايته على تدمير وقتل اكبر عدد ممكن من العراقيين من خلال شعاره(الذهاب الى الجحيم بالعراق)،وما يجري في الفلوجة وصلاح الدين وكركوك وديالى من الإبادة الجماعية بالبراميل المتفجرة والصواريخ والطائرات والمدفعية ، من خلال أكذوبة الحرب على الإرهاب ويقصد (السنة طبعا) لأنهم معارضين أشداء له ،ماهي إلا حرب طائفية أعلنها المالكي وميليشياته على أهل السنة تحديدا(وآسف ثانية للمصطلح)،والمثال القريب مجزرة جامع مصعب بن عمير الإجرامية التي نفذتها بتوجيه من المالكي ميليشيات عصائب الحق وفيلق بدر ،اذن المالكي بإعلانه الحرب الطائفية في هذا الوقت ،يهدف الى تحقيق هدفين في ان واحد،الهدف الأول المعلن هو القضاء على السنة وقتل اكبر عدد منهم ،والهدف الثاني إفشال مهمة حيدر العبادي في تشكيل الحكومة نكاية بإدارة اوباما ،ولكي يرسل رسالة لهم بان الأوضاع لن يسيطر عليها الا بتجديد ولايته الثالثة في السلطة ،وهذا ما يعمل عليه المالكي الآن ويصر على سفك الدم العراقي لشهوة السلطة والانتقام الطائفي،إرضاء لأسياده حكام وملالي طهران ،إذن مهمة العبادي تبدو أكثر من مستحيلة ،لعدة أسباب موضوعية،وهي تصاعد حدة العنف والإرهاب الطائفي الذي يؤججه المالكي بضرب المدن بالبراميل والصواريخ والطائرات وتدمير البنية التحتية لهذه المحافظات المنتفضة،ووجود دولة العراق الإسلامية في محافظات نينوى وصلاح الدين وكركوك وديالى وتهديدها للمصالح الأمريكية والإيرانية وتحقيق حلمها في إقامة الخلافة الإسلامية في العالم ،هنا تزداد مهمة العبادي وغيره صعوبة ،في ظل الانهيار الأمني والسياسي للعراق وللدول الإقليمية ومنها سوريا واليمن ولبنان،إضافة الى الصراع السياسي على السلطة وارتفاع سقف المطالب وإصرار الأطراف على تنفيذها الآن قبل تشكيل الحكومة ،إذن لا يوجد اثر لتشكيل حكومة عراقية في المدى المنظور واستحالة تشكيلها وسط انهيار سياسي وامني مريع في المنطقة،وبروز سيناريوهات أمريكية وإيرانية لتغيير ديموغرافية المنطقة تنفيذا لمشروع بايدن-برنارد لويس،وما إعلان اعادة احتلال العراق من قبل ادارة اوباما وعودة الجيش الامريكي للعراق بحجة محاربة الدولة الاسلامية وإخراجها من الموصل وصلاح الدين وكركوك وديالى ،وتحت غطاء دولي واقليمي متفق عليه ،الا اشارة واضحة لتدمير العراق والمنطقة ثانية،وتقسيم المنطقة على الاسس العرقية والطائفية والاثنية والقومية،ومؤشرات هذه اصبحت واضحة للعيان،بعد فشل ادارة اوباما في إزاحة نظام بشار الاسد نتيجة تحالفه مع روسيا وايران والصين،وهي العودة للتحالف مع النظام السوري لمواجهة خطر الدولة الاسلامية، التي اصبحت بنظر ادارة اوباما خطرا على العالم كله،اذن وفي خضم هكذا صراعات وأزمات داخلية وخارجية راهنة ومستعصية،تصبح مهمة العبادي شبه مستحيلة،فما هو البديل إذن،هل إعادة المالكي للسلطة،وهو ما يسعى إليها بكل السبل حتى لو احترق العراق كله من أقصاه الى أقصاه،وهو بالفعل يعمل على هذا بافتعال الأزمات والإصرار على الحرب لكي تنتهي المدة الدستورية ويفشل العبادي في مهمته ،لذا نقول ،نعم سيفشل العبادي في مهمته لعدة أسباب منطقية منها ما ذكرناه أعلاه ومنا ما يخص شخصية العبادي التي تعاني من ضعف تأثيره وشخصيته الملتبسة داخل حزب الدعوة،وسطوة المالكي عليه والتي لا يستطيع الفكاك منها كونه مسئوله الحزبي وأمينه العام ،إضافة الى ضعف علاقاته مع رؤساء الكتل المشاركة ،وكفاءته الإدارية المتواضعة في قيادة سلطة مثل العراق،وكذلك ضعف تأثيره على حكام طهران وقادتها وهم من يمسك أكثر من ملف في العراق ،وبالرغم من ان العبادي يحظى بدعم أمريكي واسع ودولي وإقليمي مهم ،فانه يفتقر ،الى أهم عامل وهو عامل الحسم وصنع القرار السياسي،لكونه تابع لولي الفقيه ،وتحت سطوة صديقه اللدود عدوه الحاضر نوري المالكي،لكل هذا نقول مهمة العبادي مستحيلة، وعلى امريكا ان تبحث عن شخص آخر لا يخضع للاملاءات الإيرانية ،ويعمل مع الكتل الأخرى دون الخضوع لأحد ويعمل بروح وطنية عراقية بعيدا عن الطائفية والتأثيرات الإيرانية والأمريكية،وهذا ما لم يستطع العبادي تنفيذه ، لا هو ولا غيره والى مدى ربما غير منظور لسبب بسيط لان العراق تحتله امريكا وإيران والقرار ليس بيد العراقيين الآن وإنما بيد المحتلين الغزاة………….