الثقافة في معنى من معانيها هي تطويع النفس والمنطق والسلوك ضمن استخدام يصب في احد الانماط التالية : نمط الاغتراف من معين الفنون الجميلة والعلوم الانسانية وهو ما يعرف بالثقافة عالية المستوى , ونمط السلوك الذي يعتمد السيميائية العالية والتعلم الاجتماعي , واخر يمثل مجموعة الاتجاهات المشتركة والقيم والاهداف والممارسات التي تميز مؤسسة او منظمة او جماعة , اما استعمالها اليوم فيرتبط كثيرا بالدلالة على الرقي الفكري والادبي والاجتماعي للافراد والجماعات , واذا ما سارت الثقافة ضمن المؤدى الايجابي الذي ترسمه الانماط الثلاثة فانها تشكل نقلة واضحة في معالم المجتمع الذي تعيش فيه , اما اذا فهمت ديناميكية الانماط الثلاثة بشكل كما الهرم المقلوب فيحدث عندنا ثقافة ضد الثقافة ويبرز عندها التناقض بشكل واضح , فكما يوجد ثقافة عالية المستوى اصبح وبلحاظ ما تقدم من تناقض وجود ثقافة مناقضة لها وهي ثقافة متدنية في الرؤى والمنطلق والتعبير والغايات , وهكذا ثقافة تجني على الثقافة واخرى ترتقي بها وثقافة توجد الرجعية والتخدير واخرى ترسم على محياها سيماء التقدم والفعالية والنشاط وثقافة تنحر الحرية عبر الترويج للاستبداد والانظمة الشمولية واخرى تُنظر للحرية والديمقراطية واريحية التعبير , وثقافة تبرر الوضع القائم من خلال توجيه سهام النقد لما اعوج من حركة صغيرة او كبيرة فكلاهما يؤثران في عملية البناء والعمران المدني والمجتمعي , والناظر الى الدول العربية ومنها العراق يجد وبوضوح حركة التناقض هذه في منظومة الثقافة بشقيها (الهادمة والبانية) ويتحسس سخونة الصراع بين الثقافتين لذا يجب وبكل وضوح على اولئك الذين تبنوا الثقافة العاملة بجد لبناء هرم الحياة وفقا للانماط التي ذكرناها في مقدمة هذه المقالة ان يجدوا ويجتهدوا لملء المساحات الشاغرة حتى لا يتوهم ارباب الثقافة الاخرى انهم الاقرب لمفهوم الثقافة الاصيلة .