ثم أستوى بشر على العراق .. من غير سيف ودم مهراق
وداعش تريد اليوم أن تستولي على العراق بالدم المراق وأحزاب السلطة مؤتمراتهم فاشلة وتصريحاتهم غير مسموعة , ولكن البيئة العراقية ولادة وستقول كلمتها وتعري من تصدى ولم يكن أهلا للتصدي ومن أدعى ولم يكن أهلا للنخوة كمايقول الشاعر :-
حسبتك للنخوات أهلا ولكن .. وجدتك دون مايحلو الكلام
يمكن لآحزاب السلطة الذين يتخذون من مسمى التحالف الوطني أن يسموا أنفسهم كما يشاءون أذا كانت التسميات بلا ضوابط , ولكن لايمكن أن يسموا أنفسهم بالتحالف الشيعي وللشيعة عمق فكري وثراء ثقافي ونضج سياسي ومصداقية في العمل والسلوك لاتوجد بين من يظهرون في أجتماعاتهم وقد أكثروا من الفاكهة وقناني الماء أمامهم وقرى في بغداد لازالت مياهها ملوثة ولازال بعض العراقيين لايستطيعون شراء الفاكهة لآبنائهم , وقد عاتب يوما الشهيد محمد باقر الصدر أحد العاملين معه عندما جلب تفاحا وعنبا لعائلة السيد فقال له : هل كل العراقيين يأكلون هذه الفاكهة فقال الرجل : أن جعفر وهو أبن الشهيد وكان لايزال صغيرا قد طلب ذلك , فقال السيد مؤكدا عتابه : وهل أنت تأخذ بكلام طفل صغير ؟ ثم عقب قائلا كان بأمكانك أن تشتري تفاحة واحدة لجعفر ؟
بهذه الروحية التي تعيش هموم الناس ومعاناتهم كان يفكر السيد الشهيد محمد باقر الصدر مؤلف فلسفتنا وأقتصادنا والبنك الاربوي في ألآسلام والآسس المنطقية للآستقراء التي أنبثقت منها نظرية التوالد الذاتي في تفسير المعرفة البشرية , أذكر ذلك لآنه يحلو لكل من دخل التحالف الشيعي بحزب حقيقي ذي ولادة شرعية جماهيرية سرقتها أهواء نفوس لاتعرف رحمة الله ولا عدله , ومن دخل بحزب هجين مولود ولادة غير عراقية , ومن دخل بمسمى حزب لايملك قاعدة شعبية لآن أعوانه من الذين يبحثون عن وظيفة حتى أصبحت بعض الوزارات متخمة بولاءات تحزب مصلحي ضار للوطن وللحياة السياسية , ومنهم من فشل في حياته الحزبية فراح يبحث عن ولاءات المظاهر بعد أن سكن مساكن الذين ظلموا فرفع شعارا وجمع شتات لاتنتمي لتربية يطمئن لها فكانت مكاتبه مثالا لتندر المواطنين وعزوفهم , وأغلب هؤلاء يملكون فضائيات سيحاسبون عليها يوم لاينفع مال ولا بنون , لآنها لم تكن لتقدم رسالة ثقافية وفنية يستفيد منها الناس فكان أمرها كما قال الشاعر :-
وقصيدة قد قلتها ليقال من ذا قالها
تأتي الملوك غريبة ليقال من ذا قالها
فهؤلاء لافي سلوكهم الخاص ولا في سلوكهم العام يمثلون الشيعة التي بنا تعاليمها ألآسلامية أئمة أهل البيت عليهم السلام ومضى على أثرهم علماء مصلحون زهاد أثروا مصلحة الناس على مصالحهم , فبعض هؤلاء يعمرون اليوم عمائر تفوق مراقد وأضرحة ألآئمة , وبعضهم يضيف السكر للآسمنت في بناء قصورهم وبعض أهل العراق لايحصلون على السكر لطعامهم وشرابهم المنزلي , وبعضهم أصبح يملك المزارع وبحيرات ألآسماك والشركات وهم الى أمد قصير كانوا لايملكون شيئا , وبعضهم جعلوا أبناءهم يتحكمون في مكاتبهم وهم لما يبلغوا مبلغ أتزان الرجال , وجميعهم يمتلكون مكاتبا تحل فيها البيروقراطية ظيفا دائما ويرتحل عنها زهد وتقشف وتواضع علي بن أبي طالب الذي كان يقول : هلك الرجل أذا كثر خلفه خفق النعل , وخفق النعل هو كثرة الحواشي وهؤلاء مغرمون بالحواشي كلهم سنيهم وشيعيهم حد التخمة وكراسيهم التي يجلسون عليها في مكاتبهم هي عنوان ألآبهة والتفاخر لديهم .
وهؤلاء يتخذون من حواشيهم مستشارين يقدمونهم للآعلام وماهم بمستشارين لآنهم لايملكون رصيدا فكريا ولا خبرة سياسية أو أقتصادية ولذلك جعلوا من الحكم هزيلا ومن الدولة غابة للنزوات وألآمتيازات العائلية حتى أصبحت زياراتهم لبعض الدول محطة للسخرية والتندر مثلما أصبحت السفارات محاصصة بينهم
هذا عن الذين يحلو لهم ألآنتساب للشيعة , أما الذين يحلوا لهم ألآنتساب للسنة فهؤلاء ضيعوا المشيتين كما يقال , فلا هم من المنتمين تاريخيا للحزب ألآسلامي وهي تسمية للآخوان المسلمين في العراق والذي تأسس عام 1960 مما يجعل حزب التحرير ألآسلامي أقدم تواجدا في العراق أذ كان يعمل منذ الخمسينات وللتشدد الذي عليه حزب التحرير وميله نحو الشعارات بتطبيق لايراعي مرونة ألآسلام جعله أكثر أنعزالا حتى أرتمى بعضهم أخيرا في أحضان الوهابية التي أستفادت من الثراء النفطي في السعودية مهد الوهابية فراحت تدفع رواتبا لبعض المشايخ في مصر والمغرب وباكستان مما جعل لها موالين ومروجين لفكرتها ومن هنا تأتي الحواضن لداعش اليوم , فالقوى السياسية التي تنتسب للسنة تنقصها المصداقية ويخذلها تاريخها حيث كان أغلب المشايخ الذين علت أصواتهم في ساحات لآعتصام هم ممن كانوا في يهللون ويباركون لصدام وتلك حقيقة تاريخية لايتنصل منها من له أدنى موضوعية فبعضهم كان يحج نيابة عن صدام , والبعض ألآخر من المشايخ لم نسمع لهم مواقفا أعتراضية على ماكان يجري في عهد صدام ومايجري تتبرأ منه الطيور والحيوانات وكل مخلوقات الله لمن يعرف مخلوقات الله التي هي أمم أمثالنا ؟
والبعض ألآخر من غير المشايخ توزعوا بين حزب البعث الذي تحول أداة للقمع بيد صدام حسين , وبعضهم ينتمي للحزب ألآسلامي الذي سكت عن أهانة الجنود ألآمريكيين لآمين عام الحزب ألآسلامي محسن عبد الحميد الذي لم يعد يظهر ربما لآنه كردي ألآصل كما يقول البعض وهو تعليل غير مناسب , وبعضه ينتمي للتيار السلفي ولكنهم لم يوافقوا الشيخ مهدي الصميدي رئيس التيار السلفي في العراق والذي أظهر مرونة وأعتدالا في مواقفه , وبعضهم ظل حائرا في ولاءات لم تألفها الساحة العراقية التي عرفت بأصالتها رغم أنتماء البعض للمعسكر الشرقي اليساري بدوافع يغلب عليها البحث عن التغيير ولكن كان ينقصها الوعي ولذلك رأينا أغلبهم عندما يدخل مرحلة الشيخوخة يتجه للتدين تكفيرا عما مضى وهو عمل من أعمال النفس اللوامة لايمكن رفضه .
وهؤلاء الحائرون في ولاءاتهم غير المحددة أيديولوجيا أصبح بعضهم تبعا للسعودية وهي تابعية تنقصها المعرفة , وبعضهم أصبح تبعا لمصر من أيام جمال عبد الناصر وهؤلاء لم يعرفوا أن القومية وجود وليست رسالة فخلطوا بين ألآثنين فلم يفلحوا , وبعضهم مال الى تركيا بعد ظهور حزب العدالة والتنمية ألآوردكاني الذي حقق تنمية أقتصادية في وسط أنظمة تبعية متخلفة , وهؤلاء الذين غرهم ألآقتصاد لم يدفعوا عن أوردكان تظاهرات ساحة تقسيم , ولم يعرفوا أن الولاء ألآسلامي لايقوم على ألآقتصاد فقط , وأنمايقوم على سلة متكاملة من التنمية البشرية أولها ألآخلاق , فألآخلاق في ألآسلام قبل التدين , وهذا مما لايعرفه الكثيرون ومن هنا سقطت داعش وكل العصابات التكفيرية ألآرهابية لآنها لم تقدم خلقا وأخلاقا تجتذب بها الناس ولوقدمت ألآلتزام بألآخلاق لما جاز عندئذ للمدعو ” أبو بكر البغدادي ” أن يدعي أنه خليفة المسلين ويطلب من أتباعه المبايعة على السمع والطاعة التي راحوا يلقنونها للاطفال أستعراضيا , وألآطفال ليس لهم هذه المهمة , وأنما لهم حق التعليم والتنشئة الصالحة , والتنشئة الصالحة تقوم على ” الكلم الطيب والعمل الصالح ” ونشر الفرقة بين المسلمين وأستعمال الذبح وقطع الرقاب وأغتصاب النساء وسبيهن وتخريب الممتلكات والمنشأءات وألآنشغال بالتفخيخ والتفجير ليس عملا صالحا والله لايحب المعتدين .
أما الذين يعملون بأسم ألآكراد ويحتكرون السلطة والزعامة لهم , فألآكراد شعب من الشعوب ألآسلامية , وأمة من أمم ألآسلام , لايمكن لقبيلة أو حزب أن يلغي تاريخهم وأنتمائهم , ولذلك أصطدم المحتكرون للعمل بأسم ألآكراد بحادثين أولهما ” داعش ” التي أقتربت من أربيل فظهرت أحزاب السلطة الكردية في ألآقليم عاجزة عن المواجهة مما جعلت أيران أول الذين قدموا المساعدة بالسلاح بأعتراف السيد مسعود البرزاني ولهذه المسعدة ضريبة فأيران لاتقبل بألانفصال الكردي وسالار الزعيم الكردي ألآيراني يرفض ذلك , وعبدالله أوجلان الزعيم الكردي التركي يريد حقوقا للآكراد وليس أنفصالا وهو لاينسى ماقدمته له سورية أيام حافظ ألآسد مما جعله يقول هذا دينا في رقبتي لاأنساه , وهذا الوفاء مطلوب من زعماء أكراد العراق للعراق , وألآمر الثاني الذي يواجه الحزبين الكرديين في العراق هو توجه مئات الشباب ألآكراد للآلتحاق بداعش , وفي الجيوسياسة يعني ذلك أن زعماء ألآقليم الكردي في العراق غالوا كثيرا ولم يعملوا بما يحقق الرفاه الحقيقي وألآستقرار النفسي الحقيقي للفرد الكردي وأهم أمن من هذه الناحية هو ألآمن العقائدي , فألآحزاب الكردية لم تكن كردية في توجهاتها العقائدية والسياسية , أذ أن التقارب مع أسرئيل يزيد من مشاكل الكرد ولايحل مشاكلهم لا ألآقتصادية ولا النفسية حيث لوحظ أزدياد عمليات ألآنتحار في كردستان العراق مثلما أزدادت حالات القتل غسلا للعار , والكردي السياسي هو من يعمل على أزالة مثل تلك المظاهر , فالروح الكردية والمشاعر الكردية حالها حال مشاعر العربي الذي يرجع لحاضنة الدين عندما تشتد ألآزمات , فمثلما فشل سياسيو الشيعة والسنة لآبتعادهم عن تقديم النموذج المقبول للحاضنة الدينية كذلك فشل سياسيو الكرد العراقيين في أبتعادهم عن الحاضنة الدينية التي تحرك مشاعر غالبية ألآكراد , وفشل ألآرهاب التكفيري وداعش ليس ببعيد عن سباب الفشل التي ذكرناها .