اعتاد المؤرخون ان ينظروا الى مراحل تطور الدولة بعين العلم والواقع…وما ينتج عن الممارسات والسياسات من تجارب واخطاء ,فلا يأخذهم العجب ولا تخطف ابصارهم الاحداث والانتكاسات والفشل الاداري والامني والاقصادي وحتى الترابط الاجتماعي..التي انتابت العراق خلال الفترة المنصرمة مابين 2003 و2014 خلال تدرج الحكومات المتعاقبة والتي بدأت من “مجلس الحكم “الذي ولدت منه المحاصصة الطائفية في تشكيل تلك الحكومات ولحد تكليف السيد العبادي .
ان بعض السياسيين ما زالوا ينظرون الى تلك الاحداث المؤلمة والتي تسيدت فيها الطائفية والفشل والازمات المتلاحقة باعتبارها مظاهر طبيعية ونتائج متوقعة لا يمكن ان تنجو منها اي دولة فتية.
غير انهم يسجلون على الدولة مدى حكمة المهيمنين على شؤونها او تهورهم قياسا الى مايبدو منهم من روية وتعقل او غباوة وقصر نظر في تخفيف وطأة تلك الاحداث المأساوية.
وما بين التجربة والخطأ يتطلع السيد العبادي في برنامج حكومته الجديدة “التصحيح” ومبدأ التصحيح حدث في اغلب الدول الغربية وبعض قليل في الشرق الاوسط والشرق العربي تحديدا..حدث التصحيح في “المانيا” وهي الان تتسيد الاتحاد الاوربي سياسيا واقتصاديا وحدث التصحيح في امريكا والنمسا وبريطانيا وجنوب افريقيا وعلى سبيل المثال” راوندا” والهند والصين واليابان…الخ,وفي الوطن العربي كمصر ابان حكم عبد الناصر وسوريا في الحركة التصحيحية التي طرأت على الحزب ابان حكم حافظ الاسد..وغيرها وقد يطول الحديث وتطول القائمة والبرامج التصحيحية في البلدان التي ولدت منها التقدم وارقي والرفاهية وسعادة الناس.
ويبدو ان السيد العبادي من خلال طرحهه برنامج حكومته الجديدة في اول مؤتمر صحفي له من خلال اجراء مصالحة شاملة لا تستثني احد وحتى مع المسلحين,واعادة هيكلة الجيش العراقي على اسس وطنية بعيدة عن المحاصصة الطائفية ونتمنى منه ان يعيد نظام الخدمة الالزامية,ومد جسور الثقة والتواصل مع الاكراد والعرب السنة ودعمه لتسليح “البيشمركة”ضد داعش وتوجيهه الطيارين وقادة الفرق بالكف عن القصف العشوائي وتعمير المدن المتضررة وعودة النازحين والمهجرين الى ديارهم,والاهم من ذلك اختياره وزراء اكفاء ممن يحملون المؤهلات العلمية من “التكنو قراط” واصدار عفوا عاما ,ومحاربة الفساد والفاسدين في مفاصل الدولة ,وتعديل بعض فقرات الدستور ومد يد المسامحة وطي صفحة الماضي,واعادة العراق الى محيطه العربي والاقليمي والعالمي…يشكل صفحة وطنية صادقة بيضاء لاعادة ماء الوجه الى العراق المحتضر ,ولم شمل اهله المتشتتين المتناحرين وهم اخوة في الوطن والدين.
وهكذا يبقى الصراع من اجل “الحركة التصحيحية” للسيد العبادي دائرا ما بين الخطأ والتجربة…والفشل والفساد.. والطائفية والمليشيات …والعفو والمصالحة ..وان آخر العلاج هو الكيء بالنار وهو (الاصلاح والتصحيح ) بمسار المصالحة الشاملة والاصلاحات……!!!