23 نوفمبر، 2024 10:19 ص
Search
Close this search box.

في ذكرى رحيل الصـــــدر3/ الجـــمعة البيضــاء

في ذكرى رحيل الصـــــدر3/ الجـــمعة البيضــاء

بعد غزو الكويت من قبل الديكتاتور ، ثم الهجوم الامريكي (البري) على الجيش العراقي في اذار 1991..وحصول ظروف مناسبة للانتفاضة الشعبانية، ولانكسار الجيش والفرار المهين للعسكريين المشاة عن طريق البصرة… ويبدو ان الثوار، كانوا بأمس الحاجة لعنوان ديني يتصدر الواجهة، وقد وجدوا في شخصية السيد محمد الصدر (رض)غايتهم، فضلا عن استعداده للثورة والتضحية، ابراءا للذمة، كما وضح الصدر في الايام اللاحقة..

وقد اعتقل على أثرها الصدر وتعرض الى التعذيب، وكان معه ولده، وخاصة السيد مقتدى، وقد وفر لهم الاعتقال فرصة أوسع في التثقيف الثوري، واستطاعوا بلورة قواعد خاصة من المعتقلين، الذين كان لهم الدور البارز في إيجاد تجمعات صدرية، لاحقا، في أكثر من محافظة..ثم أفرج عن الصدر وولده. وبدأت تلك القواعد الخاصة التي تمخضت عن ايام الانتفاضة والاعتقال تنمو وتتكاثر، لوجود حاجة في الداخل العراقي الى قيادة ثورية تملا الفراغ الواسع في الساحة..وقد كان العمل السياسي والحركي ممنوعا، منعا باتا، من قبل الديكتاتور، وكانت القواعد الشعبية مستعدة للتضحية..ومتأججة بسبب ضغط السلطة والحصار، فضلا عن تكاثر الشعور بالعاطفة الدينية لدى المجتمع عموما..

كانت الساحة العراقية تحتاج الى قائد وتنظيم، في ظل حكم بوليسي دموي، يعتبر (الاعدام) من العقوبات المخففة.. وفي هذا المناخ اللزج بالدم.. تفتق العقل الصدري الفذ، ليستثمر قضية فقهية خلافية، بين السنة والشيعة.. وهي اقامة صلاة الجمعة..!

صلاة الجمعة، كانت تقام بشكل طبيعي من قبل اهل السنة في العراق، بينما تتحفظ حوزة النجف على إقامتها، خوفا من تدخل وزارة الاوقاف الحكومية في الخطب، وكما هو المتعارف حينها.. ويبدو ان الصدر نجح في خلط الاوراق على الحكومة، وبالغ في اثارة الخلاف الشرعي مع الرافضين لصلاة الجمعة، في النجف، وهو قد وضع (الطعم) في السنارة، للسلطة، الواقفة الى جانب اقامة صلاة الجمعة، مبدئيا. وبدأ باقامة صلاة الجمعة في المحافظات، وكانت الخطوة الاساس في اقامة اجتماع دوري لأول تنظيم عقائدي معارض للسلطة، استثمره الصدر باقصى حد ممكن، ليفرض سلطته الروحية مقابل السلطة البوليسية التي رفضها الشعب عموما.. وتميزت جمعة الصدر باللون الابيض، وكان خطباؤه يرتدون

الكفن (قماش ابيض) .. تعبيرا عن الاستعداد للموت والشهادة.. وهو يعني، ضمنيا، عدم الخضوع للضغط الحكومي، الحالم بالتدخل في مضمون الخطبة وما يلازمها..

توفرت الفرصة الصدر الثاني لبيان اطروحاته فيما يخص قضايا هامة وحساسة، بعد اقامة صلاة الجمعة، في محافظات العراق باستثناء النجف ، ثم اقامها بإمامته في مسجد الكوفة، بعد ان وفر لها المقدمات والتحشيد النظري والجماهيري.

امتازت نهضة الصدر نظريا وعمليا، بنتاج حركي وتعبوي ، وتوفرت فرص تربوية لم تتوفر على مدى القرون الماضية. وترتبت على هذه النهضة نتائج معتد بها، غيرت طبيعة الفرد العراقي عموما، ورفعت محتوى الوعي لدى المجتمع وخاصة اتباع الصدر. وكان الصدر يبث روح الثورة، ويحرض على التحدي ضد السلطة، ويربي روح التضحية.. مثلا: ورد عن السيد حسين بحر العلوم (رض) قوله: التقيت السيد الصدر بعد تصديه إلى الجمعة فقلت له: سيدنا على كيفك خطبك نارية وأنت تصعد يوما بعد يوم يقول: فقال السيد :وأشار إلى رقبته :..اكو غير هاي خل تطير.. أنا منتظرها تطير..انتهى..

وكان الصدر يقول: ..ان القتل على أيدي شرار خلق الله، هذا هو الجيد والصحيح والمفخرة , وكلما كان القاتل أردأ عند الله وأدون عند الله وابعد عن الله، كان المقتول اشد فخرا واعتزازا. انتهى.. وللحديث بقية.

أحدث المقالات

أحدث المقالات