من الضروري جدا اخضاع السياسيين العراقيين لفحص كلي يتناول بنيتهم وتركيبتهم العقلية والعقائدية وذلك في مراكز متخصصة وتحديدا في مصحة المركز الكوني لامراض اللوثة العقلية والذهنية , لأنهم يحتاجون لمسح كامل ولقاحات جوهرية في كل مسامات جلودهم وخصوصا لأعضاءهم التناسلية حتى لا ينجبون لنا اطفالا مصابين بالشلل الكلي في منظومتهم الاخلاقية والوطنية وبعاهات آباءهم المستديمة وينتشر وباءهم القاتل الى افراد الشعب الذي بدأت تظهر عليه هذه الاعراض التي تبدا بالعطاس الطائفي والاسهال المناطقي والقيء الديني , مما حدا اخيرا بمنظمة الصحة العالمية ومنظمة الامراض المستوطنة بعد مطالبات عديدة من منظمات التراث الوطني والتصحر القومي ان تجلب هؤلاء مرغمين لإخضاعهم الى هذا الفحص وإيداعهم في احدى الردهات . قررت من جانبي زيارة هؤلاء السياسيين المرضى والاطلاع على احوالهم , ورغم محاولاتي المتكررة لدخول ردهة هؤلاء المرضى لكن محاولاتي باءت بالفشل , فقررت هذه المرة رشوة الحارس المدجج بالسلاح والذي كانت مهمته منع الزيارات الخصوصية والعامة ورغم ايماني بان الرشوة هي ممارسة غير صحيحة ولا تمت للوطنية بشيء ولكني اقنعت نفسي بنظرية الغاية تبرر الوسيلة وان هذه الخطيئة ستغتفر امام خطايا هؤلاء وشذوذهم وساذيتهم وقبل الحارس رشوتي رغم مساوماته العديدة بالمزيد من المال , واخيرا دخلت الردهة حيث كانت محطتي الاولى الجناح الخاص لكبار المسؤولين فوجدت احدهم يضع سبورة على الحائط ويكتب بالطباشير خطوطا اربعة ثم خطا مائلا على هذه الخطوط كما يحصل في تسجيل للعبة الدامينو والطاولي او انتخابات المؤسسات والاندية , كنت اراقبه عن كثب حتى امتلأت السبورة كلها وراح يمارس تعداده وعده على الحائط ثم وقف وقد انهكه التعب وهو يعد ويحصي وفجأة صرخ بهيستيريا (انا صاحب الحق في الحكم , انا الزعيم , انا القائد , انا امير المذهب بدون منازع) مما اضطر الاطباء والمنتسبين لإنقاذه وتهدئته ولكنه استمر بالصراخ والتمرد وامام هذه الحالة الصعبة تقدمت احدى النساء التي هي الاخرى تخضع للعلاج لتقول للجميع انا افهم هواجسه وجنونه لاني من نفس مذهبه ومن نفس فكره الاقصائي فوضعت يدها وهي تربت على كتفه وقالت له بوداعة سيدي الرئيس انا مثلك اعددت اصواتي ودونت ارقامي على كل ملابسي فوجدت ان نسبتي الرقمية تقترب جدا من ارقامك , ولكني وصلت الى نتيجة حداثوية وهي ان امارس هرطقة اخرى في الموسم القادم فإن الوافدين من التجار لمضارب قريش ولسوق عكاظ سيزداد عددهم وعدتهم ودراهمهم , وهذه غنيمة لن تخرج من جعبتنا هذه المرة لاننا اصحاب مكة واهل مكة ادرى بشعابها , ابتسم الرجل قائلا حسنا في الموسم القادم سأعد للخونة جيوشا وفيالق ولن اعطيهم الامان حتى لو دخلوا بيت ابو سفيان . لم اتمالك نفسي جزعا من هذه السخرية المقززة فقررت الذهاب الى جناح آخر وانا في طريقي ماشيا الهوينة استوقفني مشهد اثنان يلعبون الشطرنج وهم في استرخاء تام وسكينة مطلقة وفجأة حرك احدهم اصبعه قاذفا قطعة الشطرنج ( كش ملك ) وهو يبتسم ابتسامة صفراء قائلا لصاحبه لقد مات الملك واصبح صاحبنا خارج اللعبة , اخرجت سيكارتي لانفث منها دخانا مرا واذا بالحارس يقذفني من الباب الخلفي خارج المكان وهو يصرخ ممنوع .. ممنوع اعتذرت له وقلت انني اردت ان ادخن خارج المكان لكنه بقى يصرخ في وجهي لاتعود ثانية الزيارة انتهت .
ملاحظة : وهذا ماحصل فعلا فقد عدت من حيث اتيت قبل اسابيع قليلة الى امريكا ليطردني الوطن.