25 نوفمبر، 2024 10:42 م
Search
Close this search box.

اشكالية العرب السنة في العراق ..انت داعشي الى ان يثبت العكس

اشكالية العرب السنة في العراق ..انت داعشي الى ان يثبت العكس

اخطر ما واجه العراق بعد اسقاط نظام صدام حسين هي الضبابية التي رافقت عمليات ما كانت تسمى بالمقاومة العراقية والتي كانت تستهدف وحسب ما يدعي افرادها اخراج المحتل الامريكي من العراق .

فلأول مرة يشهد العالم جماعات مسلحة ملثمة لا يعرف اهدافها الحقيقية ولا الاجندات التي تعمل على ضوئها باستثناء شعارات اعلامية تؤكد على ضرورة محاربة الاحتلال وإخراجه , وكانت الساحة حينها مفتوحة امام اية مجموعة مسلحة للدخول من خلال هذه الشعارات تحت بند المقاومة العراقية بما فيها مسلحوا القاعدة , في سابقة هي الاولى من نوعها نتج عنها اخراج القوات الامريكية والإبقاء على التأثير الايراني ليصبح عامل الحسم الوحيد في الواقع العراقي بعد التغيير .

ويظهر ان الشارع السني تنبه في وقت متأخر بان شعار المقاومة ومحاربة القوات الامريكية قد استغل لخدمة سياسات دولة اقليمية وتنفيذ اجنداتها بأيدي سنية عربية عادت نتائجها بالضد من الخصوصية السنية العربية في العراق . فبدئوا باعتصامات سلمية استمرت ما يقارب العامين ليظهر بعد ذلك مرة اخرى عامل المجاميع المسلحة الاسلامية ويجهض الاهداف الحقيقية لتلك الاعتصامات .

ان ظهور المجاميع الاسلامية المتطرفة في المنطقة , وتوقيتات تدخلها في ازماتها , والسيناريوهات التي تتحرك وفقها , لا تخدم الطرف السني بقدر ما تضر به .. امنيا و سياسيا وحتى عسكريا , فكما ان تدخلها في سوريا وضع الثورة هناك امام حيثيات معقدة صبت في صالح النظام , ومنعت اي تعاطف دولي حقيقي معها , كذلك فان دخولها على خط الازمة العراقية وضع المكون السني امام خيارين لا ثالث لهما …. اما محاربتها مما يعني دخوله في حرب غير مضمونة النتائج , تستنزف طاقاته البشرية … او تجنب مقاتلتها ما يعني افساح المجال لها كي تسيطر على المناطق ذات الاغلبية السنية , و اعطاء المبرر السياسي والأمني للمكون السياسي الاخر لضرب مناطق التواجد السني مدعوما بتأييد دولي , ويظهر ان المكون السني قد اختار الخيار الثاني الذي يفسح له مجالا ( وان كان ضئيلا) عله يستطيع الضغط على الطرف الشيعي سياسيا مستغلا التوقيت الزمني لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة .

هناك بعض الاستنتاجات التي يمكن لنا استنباطها من دخول داعش المفاجيء والقوي في الازمة العراقية الحالية .. ويمكن تلخصيها على النحو التالي : –

* عدم قدرة هذا المكون في بلورة افكار سياسية تعارض الحكومات العراقية المتلاحقة منذ تأسيس الدولة العراقية ( لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها هنا) , جعلها غير مهيئة للتغير الذي طرىء على العراق بعد اسقاط نظام صدام حسين , فاقتصر التمثيل السني في العملية السياسية على شخصيات لم تعبر عن طموحات هذا المكون ولم ترتقي الى المستوى المطلوب .

* بسبب النقطة اعلاه فان قيادة هذا المكون اقتصر على رجال دين يفتقرون للحنكة السياسية التي يستطيعون من خلالها الخروج من الازمات المتلاحقة بأقل الخسائر .

* وقوف اغلبية المكون السني في العراق ضد العملية السياسية وتبنيهم لنظريات المقاومة ( المجهولة الهوية كما ذكرنا سابقا) , مع استمرار حزب البعث وبقاياه في الادعاء بأنهم محور المقاومة العراقية ( في الوقت الذي لم يمثل حزب البعث طوال العشر سنين الماضية سوى دور ال ( كومبارس) في المسرح السياسي العراقي ) , جعل منهم فريسة سهلة للجماعات الاسلامية المتطرفة في سيطرتهم على الاراضي التي يقطنها هذا المكون .

* بطلان الادعاءات السابقة في وجود مقاومة عراقية خالصة اجبرت الجيش الامريكي على الانسحاب . فيظهر ان من قاتل الجيش الامريكي سابقا كانت مجاميع اسلامية متطرفة من خارج الحدود , تحركت وفق اجندات لا تصب في مصلحة المكون السني , وإلا فكيف لتلك المقاومة المزعومة(ان وجدت) ان تعجز عن التصدي لداعش وقد هزمت من قبل ( وحسب ما يدعون) الجيش الامريكي .

* التناحر الذي تعيشه الشريحة السياسية للمكون السني , وإخفاق الكثير منهم في تحقيق مكاسب شخصية لهم قبل دخول داعش ادت بهم للانجراف وراء اجندات داعش المجهولة , الامر الذي ادى الى اتهام المكون السني بالكامل بتأييد المجاميع الارهابية من قبل المكون الاخر المقابل .

لا شك ان المكون السني اليوم يتحمل مسئولية كبرى في اثبات عدم ولائه للتنظيمات الارهابية كما يحاول ان يصوره البعض . وهو من يقع عليه جهد اخراج داعش من مدنه , فمهما كانت قوة وشكل الضربات الامريكية فلن يكو بمقدورها احداث تغير فعلي على الارض ان لم تنتفض العشائر السنية العربية ضد وجود هذا التنظيم , وكيفما كان خطاب حكومة المنطقة الخضراء في ضرورة اخراج داعش من العراق , فهي بالتأكيد غير معنية بمن يسيطر على الموصل او صلاح الدين طالما كانت بغداد والجنوب بمنأى عن خطر هذه المجاميع الارهابية . على ذلك فان السنة العرب مطالبين اليوم بالابتعاد عن الفوضوية الفكرية التي عانوا منها طوال المرحلة الماضية , وترك العنتريات الاعلامية التي عودهم عليها حزب البعث المنحل , كي يتسنى لهم رؤية الواقع السياسي الجديد بعيدا عن خيالات الماضي وأمجاده , والمشاركة الحقيقية في العملية السياسية بطرح مطالب تتلائم والظروف الحالية للعراق , متحررين من قيود دول وجماعات لم تجر عليهم سوى القتل والدمار على مدى عقد من الزمن .

أحدث المقالات

أحدث المقالات