أن مفهومنا لتعريف الشخصية الاكاديمية العلمية المثقفة والتي يطلق عليها صفة “المستشار” : بأنه ذلك الشخص الأكاديمي المتخصص المهني صاحب الكفاءة والنزاهة في مجال عمله وتخصصه ومقدرته الذاتية العالية في إبداء الرأي والمشورة في مكانها ، والذي يستعان به من قبل الحكومات والوزراء والشركات التجارية الكبرى برأيه بصفة خاصة في موضوع من المواضيع العديدة والمتشعبة في كافة مجالات الحياة المختلفة سواء أكانت العامة أو الخاصة لوضع تصوره المهني ،وكذلك الذي يستعان به بصورة أكثر تحديدآ من قبل رجالات الدولة والحكومة ومنهم الرؤساء والوزراء في الشؤون أو المواضيع السياسية،الاقتصادية،الاجتماعية،والثقافية وحتى في المواضيع العسكرية والأمنية والأستخبارية.
في الدول المتقدمة التي تحترم شعوبها نلاحظ مسالة غاية في الأهمية حيث تكاد تنعدم فيها مسألة تعيين الأشخاص “المستشارين” في مواقعهم المهمة،وفق المحسوبية العائلية أو الحزبية أو العلاقات الشخصية الضيقة ذات المصالحة النفعية الفاسدة،أما في البلاد العربية نجد أن أهم شيء يتميز به الشخص (المستشار) هو وجود درجة قرابة من نوع ما سواء أكانت عائلية أو شخصية أو معرفة سابقة برجالات الحكم أو الدولة والقريبين منهم حيث يتم تعينه على هذا الأساس بمنصبه المهم،ومن النادر ما تجد أن شخصية “المستشار” أتت من خلفية أكاديمية بفضل مواهب عديدة يحملها في مجال تخصصه دون النظر إلى مسالة الواسطة والتزكيات الشخصية أو الحزبية عديمة الفائدة.
في العراق اليوم هناك جوانب مهمة ما تزال مخفية عن أعين الرأي العام وأخرى علنية ظاهرة من ركام جبل الفاسد بسبب الكارثة والفجيعة والمأساة التي حلت بنا بعد الغزو والاحتلال الامريكي البغيض والذي اعتمد بدوره على جيش من المستشارين الذين كانوا اغلبهم من العاطلين عن العمل والفاسدين وحتى الملاحقين قضائيآ في دولهم بجرائم جنائية وقضايا فساد واختلاس المال العام , ولكن اساليب المحتلين الخبيثة ولحاجتهم الملحة الى امثال هؤلاء كانت بداية النهاية لما هو قائم الان . حيث تم انتقال عدوى وباء المستشارين الفاسدين بالإضافة الى الجهلة والأميين الذين لم يحصلوا الكثير منهم على شهادة دراسية اولية وإنما فقط لانتمائهم الى أحزاب الاسلام السياسي الطائفية الحاكمة حيث نلاحظ بوضوح شديد جدآ على افتقار هؤلاء الذين يسمون أنفسهم ويطلق عليهم جزافآ صفة (المستشارين) إلى ابسط مقومات المسؤول الحكومي أو حتى الذي يتم إسناد له حقيبة وزارية أو أية مسؤولية مباشرة حتى على مستوى دائرة صغيرة. فمعظم هؤلاء الذين نراهم اليوم في الحكم قد أتوا من خلفيات اجتماعية متدنية جدآ وكانوا يعيشون معظمهم على هامش الحياة وعلى كافة الأصعدة بدون أي إدراك أو وعي مستقبلي لديهم،فمنهم من عمل بمهن وضيعة جدآ،ومنهم من عمل بإعمال يحاسب عليها القانون : كتزوير الوثائق والمستندات الرسمية وتهريب البضائع والعملة وحتى البشر. إضافة إلى تميزهم بعقليتهم الطائفية المريضة الاقصائية المنغلقة،وتفكيرهم الساذج الذي يتميزون به بكافة الأمور وتعليمهم المدرسي المتدني جدآ،بحيث نلاحظ أن ما يطلق عليهم بـ (مستشارين) رئيس الوزراء السابق (نوري المالكي) أو حتى قبلها في الحكومات المنصبة التي تعاقبت على الحكم بعد الغزو والاحتلال الأمريكي البغيض،معظمهم لديه شهادات دراسية مزورة،أما عن أصحاب القرار اليوم في مثل هذه الحكومات فحدث ولا حرج فما زال معظمهم إلى اليوم يؤمن بشدة بالعمل الحزبي المعارض ولا يستطيع الأنفكاك عنه،مع العلم أنهم يعتبرون مسؤولين على شعب بكافة قومياته وديانته وميولهم السياسية والدينية والاجتماعية،فهؤلاء قادة الاحزاب وأتباعهم ومعهم المستشارين الجدد يعتبرون أن العراق مجرد غنيمة لهم،وان كرسي الحكم والسلطة يجب أن لا ينتزع منهم تحت أي مسمى،ويعتبرون هذا من حصتهم في الغنيمة،بل نجد أن هناك (مستشارين) لا يجيدون حتى القراءة أو الكتابة واغلبهم أصبح لديه شركات تجارية عائلية خاصة لغرض الربح المادي من وراء المنصب،حتى ما يسمى بـ (المستشار الديني) فهو رجل دين بسيط وساذج لا يفقه في أمور الدين إلا كتاب الله واسمه فقط.
ونحن بدورنا سوف نطرح سؤال حول من هم المستشارين الجدد الذين سوف يحيطون بحيدر العبادي وكم سوف تبلغ ميزانيتهم المادية والمعنوية والهبات والمنح والامتيازات التي سوف يحصلون عليها كما كان سلفهم سابقآ , فنحن لا نريد أن تدور عجلة الفساد هذه مرة أخرى والتي تسبب من ورائها هؤلاء المستشارين وبكافة صفاتهم من حدوث كارثة بالعراق ولعلى أهمها وأخطرها بعد أن سيطرة ما يسمى بتنظيم (داعش) البرابرة الجدد على معظم اراضي شمال ووسط وغرب العراق وانسحاب فرق عسكرية كاملة مجهزة بأحدث الاسلحة والمعدات العسكرية امام مقاتلين بأسلحة رشاشة خفيفة ومتوسطة لا يتجاوز عددهم بأحسن الاحوال وأفضلها الالفين مقاتل فقط لا غير !!؟ بسبب رأي هؤلاء المستشارين ومن ضباط الدمج لقائدهم العام (المالكي) وحاشيته العائلية اضافة الى تورط هؤلاء المستشارين بقضايا فساد ورشوة ومحسوبية بصورة مباشرة .
صرح السيد اياد جمال الدين في مقابلة تلفزيونية سابقة :” بأن عدد المستشارين في هيئات الرئاسات الثلاث يقارب من 860 مستشار معظمهم تصلهم رواتبهم وامتيازاتهم والمنح المادية والعطايا والهبات وهم جالسين في بيوتهم !!؟.
نقل لي أحد السادة المسؤولين الافاضل حديث كان قد جمعه بعدد من السفراء والدبلوماسيين الغربيين في حفلة عشاء ليطرح على احدهم بدوره السيد المسؤول حول مدى رغبتهم الحقيقية في تغير (نوري المالكي) وإيجاد شخصية بديلة له تكون بمواصفات خاصة تنطبق عليه كما يرونه هم من وجهة نظرهم وأفضل لهم بالتعامل معه مستقبلآ وكان رد الدبلوماسي الغربي على سؤال السيد المسؤول : ” صحيح ان المالكي قد احترقت ورقته لدى الغرب نظرآ لتصرفه السيئ في جميع القضايا السياسية والعسكرية ولكن ليس المهم بالنسبة لنا حاليآ من يكون رئيس الوزراء القادم بعد المالكي ، المهم حسب نظر حكومتي من هم مستشاريه الذين يحيطون به ويسمع رأيهم وينصاع لهم بحيث نستطيع أن نعرف بسهولة ماذا يجري حتى في جلساتهم السرية الخاصة وحتى في أحاديثهم الشخصية مع أفراد عوائلهم “.
خطورة المستشارين الذين يحملون الجنسية الاجنبية تمكن من انهم عيون ساهرة لخدمة اجهزة الاستخبارات بلدان اللجوء الذين حصلوا على جنسيتهم فهؤلاء حلقة الوصل فيما يدور في هيئات الرئاسات الثلاث والوزارات والاجهزة الامنية والعسكرية والمخابراتية … فهل القادم في منصب رئيس الوزراء سوف يحل هذا الموضوع الخطير ويجعل حد له خصوصآ أنه يمس بالصميم الامن القومي العراقي !.