لعل من التداعيات التي تثير المتتبع ؛ مايلي :
1. لماذا قدّمت بريطانيا مشروعها هذا بعد أحداث نينوى ، عن أثر قيام داعش بجرائم لا إنسانية ضد المدنيين المسيحيين والمساس بمقدساتهم الدينية ؟
2. لماذا لم تتقدم دولة غير بريطانيا بهذا المشروع ؟
3. لماذا روّج لهكذا مشروع بعد تنحي السيد المالكي وتسنم الدكتور العبادي مهام الحكومة في العراق ؟
4. من هي الجهات الحكومية التي وراء تمويل وتسليح الجماعات المسلحة ؟
5. لماذا لم يأخذ القرار أثره الرجعي في حيّز التنفيذ ؟
6. ماهو أثر فوز الرئيس بشار الأسد في الإنتخابات السورية على استصدار هذا القرار ؟
7. لماذا جاء خطاب مندوب المملكة الأردنية الهاشمية يحمل نفساً طائفياً سنياً ؟
8. لماذا جاء خطاب مندوب العراق يحمل روحاً إنسانية ؟
9. لماذا تم التصويت بالإجماع على القرار ؟
10. ماذا يعني قيام تركيا وقطر والمملكة العربية السعودية بتقديم التسهيلات للتنظيمات الإرهابية ، وقد صوّتت على القرار ؟
11. هل يندرج المسلحون في ليبيا واليمن ومصر مع الجماعات الإرهابية المسلحة؟
12. هل ستستمر الدول المحاددة للعراق وسوريا بفتح حدودها للجماعات المسلحة ؟
13. كيف سيتم تطويق وتجفيف منابع الجماعات الإرهابية المسلحة ؟
14. من وراء تمويل وتسليح الجماعات الإرهابية ؟
15. ماهو أثر المقاومة اللبنانية الممثلة بحزب الله في حادثة عرسال الحدودية بين سوريا ولبنان؟
16. ماهو تأثير كتائب حزب الله ولواء أبي الفضل العباس التي شاركت مع الجيش العربي السوري ضد الجماعات الإرهابية المسلحة ؟
17. ماهو تأثير فتوى المرجع الشيعي الأعلى السيد السيستاني في العراق الداعية إلى الجهاد الكفائي ؟
18. ماهو موقف جمهورية إيران الإسلامية من هذا القرار ـ وقد صوتت عليه ـ إذا ما تم اعتبار حزب الله اللبناني جماعة إرهابية مسلحة،وحماس الفلسطينية جماعة إرهابية مسلحة ؟
19. كيف سيدخل هذا القرار حيز التنفيذ ؟
20. هل سينهي هذا القرار الإرهابَ في المنطقة والعالم ؟
أسئلة وأسئلة تحتاج إلى من يجيب عليها ؛ والأجوبة عنها معقدة وشائكة وطويلة ، إلا أننا نحاول أن نجمل معظمها بما يأتي :
لم تكن العمليات الإرهابية حادثة حصلت لأول مرّة بعد غزو داعش لمحافظة نينوى في العاشر من حزيران 2014 كي ينتفض المجتمع الدولي لأجل إصدار قرار مجلس الأمن المؤرخ 15/آب/2014القاضي بحظر تمويل الجماعات الإرهابية المسلحة ودعمها . فهذه سوريا التي تعاني منذ أكثر من ثلاثة أعوام من خطوب العمليات الإرهابية المسلحة ، وهاهو العراق الذي يعاني منذ عام 2003 حتى اليوم من جرائم الإرهابيين . إلا أنه يبدو أن الدم المسلم ليس غالياً على المجتمع الدولي أو مجلس الأمن ، فالجرائم التي عانى ويعاني منها المسلمون الأبرياء في
مدينة الصدر ومناطق الشعلة والشعب والكاظمية وبغداد الجديدة والطوبجي ذات الأغلبية الشيعية المسلمة وغيرها من المحافظات الشيعية كالحلة وكربلاء والنجف والبصرة ، وما طال مرقدي الإمامين العسكريين(ع) بسامراء .. لم تهز الضمير العالمي ، ولم توقظ وعي مجلس الأمن ، بحيث تتحرك أية دولة مهمة كالمملكة المتحدة لتقديم مشروع إنساني يدعو العالم إلى عدم دعم وتمويل الجماعات الإرهابية المسلحة كما حصل اليوم ؛ حيث قدّمت بريطانيا مشروعها هذا الذي تمت المصادقة عليه بالإجماع الدولي .
لقد جاء قرار مجلس الأمن المؤرخ 15/آب/2014 متأخراً جداً .. مع الأسف الشديد ! ..
حيث تشير الإحصائيات المعلنة (ولا أعتبرها دقيقة ، لأن الحكومة العراقية تعتم والإدارة الأمريكية المدنية في العراق كانت تعتم ، لأسباب سياسية) إلا أن عدد ضحايا العمليات الإرهابية في العراق تجاوزت الـ 250ألف ضحية ً؛ منذ أحداث 2003 حتى اليوم ، لكن نوع الضحايا بسبب العمليات الإرهابية قد اختلف ، من حيث طبيعة القتل وآلته ، فما قبل أحداث الأنبار، وما بعد ساحة الاعتصام ، وما حدث من مواجهات مباشرة بين القوات المسلحة للجيش العراقي وتنظيمات داعش في الأنبار ونينوى غير نوع القتل الذي سببته الجماعات الإرهابية المسلحة بالغدر؛ ويمكن توصيفه كما يلي :
1. ضحايا العمليات الإرهابية بسبب الغدر
2. ضحايا العمليات الإرهابية بسبب المواجهة
فضحايا الشعب العراقي الذين قتلوا بسبب العمليات الإرهابية نتيجة الأحزمة الناسفة والأسلحة الكاتمة والسيارات المفخخة والعبوات اللاصقة ، غير الضحايا بسبب المواجهات العسكرية المباشرة مع مسلحي داعش هنا وهناك . فقد شهدت مناطق من العراق عمليات إرهابية غادرة راح ضحيتها العديد من الأبرياء .. أطفال وشيوخ وشباب ونساء ؛ لم يكونوا في خندق المواجهة مع الإرهاب .. كانوا أناس مسالمين يتبضعون من الأسواق ويذهبون إلى أعمالهم اليومية أو يرافقون ذويهم ، وكانوا يتعرضون إلى القتل والجرح والعوق بسبب العمليات الإرهابية الغادرة الجبانة ، بينما استشهد آخرون بسبب انخراطهم للعمل في وزارة الداخلية والدفاع والأمن الوطني ؛ فكانوا في خندق المواجهة المسلحة ضد الجماعات الإرهابية المسلحة . هذان النوعان من المضحين ؛ كلاهما ماتوا أو جرحوا أو عوِّقوا بسبب العمليات الإرهابية ، فمن المسؤول عنهم أمام الضمير والقانون الدولي ؟!!! أليست الجهات الممولة والداعمة للإرهاب هي التي تحمل أوزار من قتل العراقيين أو تسبب في موتهم ؟!!! وهل الدم العراقي الذي ينزف منذ أن نزلت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية حتى يومنا هذا كان رخيصا ؟! ثم ؛ ما هي الأسباب التي حرّضت الجماعات المسلحة التي جاءت بإسم القاعدة والتنظيمات التي تدعي الإسلام والجهاد ضد الوجود الأمريكي والأجنبي في العراق منذ19/آذار/2003؟!!! فمن المسؤول عن دخول الجماعات الإرهابية المسلحة التي تدّعي الجهاد في العراق غير الولايات المتحدة والدول المساندة لها في الحرب التي أسقطت النظام الدكتاتوري لصدام حسين عام 2003 ؟!!! ومن المسؤول عن إعادة الأمن المجتمعي للجماهير العراقية البريئة ، التي تقتل بسلاح الجماعات الإرهابية ؟!!! ومن المسؤول عن إخراجها من العراق ، أو تسبب في دخولها أرض وادي الرافدين ؟!!!
إذا كان ((الفاتيكان)) قد حث بريطانيا المسيحية إلى أن تقدم مشروعها الذي يحظر تمويل الجماعات المسلحة بسبب الحيف الذي وقع على أخواننا المسيحيين في نينوى ، فقد كان الأحرى بمجلس الأمن والأحرى بالمنظمة الدولية لحقوق الإنسان أن تحث المجتمع الدولي على استصدار قرار الحظر هذا منذ أن وقع الحيف على العراقيين بسبب الغزو الأمريكي للعراق في 2003، ولو كانت الأمم المتحدة من خلال مراقبيها الدوليين ومنظماتها الإنسانية و الإعلامية قد وثقت الجريمة الإنسانية التي وقعت على الأبرياء في المناطق الشيعية والمساس بمقدساتهم في سامراء وتلعفر وكركوك خلال السنوات المنصرمة ، لما تطاول العدوان الإرهابي على أخواننا المسيحيين في نينوى وأخواننا الأيزيديين في سنجار ، ورحم الله السيد روح الله الخميني حين قال:(( لا تساندوا العدوان فينقلب عليكم )) !!!
فلو كانت الأمم المتحدة وبريطانيا والمجتمع الدولي قد شعروا بعذابات العراقيين ومراراتهم وويلات الحرب الإرهابية عليهم منذ مدة طويلة تسبق العدوان والجريمة الإنسانية على أخواننا العراقيين في نينوى وسنجار من مسيحيين وأيزيديين لما تمددت الجماعات الإرهابية المسلحة ولا تمادت في غيها ، لتنتهك القاصي والداني . لكن يبدو أن الدم العراقي المسيحي أغلى على بريطانيا ومجلس الأمن من دم المسلمين الشيعة في العراق !
وعلى أية حال ؛ فالمسيحيون والأيزيديون أخواننا وشركاؤنا في الوطن .. من يؤذيهم يؤذي الجسد العراقي الواحد ، ومن يحميهم يحمينا . إلا أننا نقول ؛ الحمد الله الذي كشف للمجتمع الدولي مظلومية المسيحيين والأيزيديين ؛ التي هي مظلومية شيعة العراق قبلهم !!!
من هنا نأمل من مجلس الأمن أن ينفذ قراره هذا بأثر رجعي ؛ لكي ينكمش دعم وتمويل كافة الحكومات ومراكز القرار في العالم ، التي كانت وما تزال تدعم الجماعات الإرهابية المسلحة بالمال والسلاح . كما نتمنى على مجلس الأمن الموقر أن يشكل لجنة لتقصي الحقائق ؛ تقوم بمتابعة وتحري تنفيذ هذا القرار بالسرعة العاجلة ، وكشف كافة الجهات التي موّلت وسلحت وخططت وقدمت الدعم اللوجستي للجماعات الإرهابية التي قتلت العراقيين الأبرياء منذ الأزمة التي حصلت في العراق بعد عام 2003 إلى يومنا هذا ، وأن تقوم الحكومات والجهات الممولة والداعمة للإرهاب في العالم بتعويض ضحايا العمليات الإرهابية في العراق .. من عسكريين ومدنيين استشهدوا أو جرحوا أو فقدوا أعضاءهم بسبب جرائم الجماعات الإرهابية .
لقد أحس المجتمع الدولي أن الأجندات التي تدعم الجماعات الإرهابية المسلحة وتمولها أوشكت أن تتكشف أسرارها ، و((إنَّ إرادة الجماهير أقوى من إرادة الطغاة)) . فما شهدته سوريا من استبسال منقطع النظير للواء أبي الفضل العباس وكتائب حزب الله البطلة ، وما شهدته عرسال بالأمس .. وكيف تفوّقَ حزبُ الله لبنان على داعشَ ، وحسم الساحة العسكرية لصالح الخير الوطني ، وكيف أن متطوعو عصائب أهل الحق وبدر والدعوة الإسلامية في العراق قد اثبتوا تفوقهم الجهادي الباسل على الأرض العراقية ، وأذاقوا داعش ومن دعش دعشهم وابلاً من العذاب والهلاك بفضل فتوى المرجع الأعلى السيد السيستاني (حفظه الله) التي عبّأت الجماهير المضحية من كل العراق لتقف وقفتها الجهادية الظافرة بوجه الإرهاب أينما يكون ، والموقف الإيراني والروسي التاريخي إزاء العراق . فراحت الإدارات الغربية تراجع حساباتها من جديد ؛ بعد أن أيقنت أنها لابد أن تقف موقفاً يوحي للجميع وقوفها مع كافة المظلومين والضحايا بسبب الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق ، حفظاً لماء وجوههم الخجولة من تأخر هكذا قرار .
في الوقت الذي يدخل العراق مرحلة جديدة من مراحله الديمقراطية ، التي أوشكت الأطراف المعادية للعملية السياسية في العراق وخارجه أن تحتفل احتفالها الأكبر بموعد حدوث الانهيار السياسي للعراق ، بعدما لاحت في الأفق غمامة قيض عابرة ، انقشعت سريعاً ، فبزغت شمس التوافق السياسي الوطني ؛ بتسنم الدكتور المهندس حيدر العبادي مسؤولياته الجديدة ، بمباركة كافة السياسيين والبرلمانيين والمرجعيات الدينية في العراق .
وإن دلَّ هذا على شيء ؛ فإنما يدلُّ على المزيد من التوحد الوطني والتوافق السياسي الذي يعيشه العراق ، وهذا ما يعزز الوحدة الوطنية ، التي منها وحدة مواجهة الأعداء .. داعش والإرهاب ، أينما كان وأينما يكون ، بتوفيق الله تعالى ونصره المؤزّر ؛؛؛