17 نوفمبر، 2024 10:48 م
Search
Close this search box.

الخوف عبادة .. لدى العرب

الخوف عبادة .. لدى العرب

ولربّما لدى “العرب” فقط ومنذ “خُرافة” ولغاية اليوم , ف”اللي ميخاف مو رجّال” .. والشجاعة كما تبدو نادرة بينهم كندرة مياههم لذا فقمّة الشجاعة آنذاك ولا زال الحصول على الماء , من يستطيع السيطرة على بحيرات فكتوريا في أثيوبيا لضمان انسياب مياه النيل أو من تركيا! في مهنة البحث عن الماء “لإرواء العطش” فقط  فقد العرب التفكير الاستراتيجي وكأنّه زال من جينيّاتهم الوراثيّة .. والخوف نتاج “مجهول” لذلك عبد الانسان كلّ مجهول , وعمليّة العبادة بحد ذاتها أشبه بعمليّة “جس نبض” بين “الخائف” و”المُخيف” , فالله مجهول الشكل ومجهول البداية ومجهول النهاية , ويوم القيامة مجهول , “وأماكن المياه مجهولة” وجميعها كانت بحاجة لعمليّة جس نبض فما أن يكشف عن نفسه ذلك المجهول حتّى تُترك عبادته عاجلاً أم آجلاً لأنّ :”الإمام المايشوّر يُسمّى أبو الخرك!” , ومن الخوف تولّد مفهوم قد يكون من الممكن أن نطلق عليه “صناعة الخوف” , وهذه الصناعة تدرّجت في التأثير حتّى بات يُطلق عليها “كهنوت” , ومن الكهنوت وُلد الإله , طبعاً ووفق الرؤية الفلسفيّة القديمة الإله لا يمكن رؤيته إلاّ في المناسبات الدينيّة الرئيسيّة , والإله في مكوّنه الأوّل مع بدايات التجمّع البشري الحضري هوالملك أو الاقطاع , وجميعها وليدة “الانعزال” أيّ اقتضاب في الظهور للحاكم أو لرجل الدين على الرعيّة “لكي تكون أوامرهم مسموعة” أي ما يُمكن أن نطلق عليها “صناعة الهيبة” , فمن المعروف أنّ الأوامر القابلة للتطبيق في غالبها تلك الّتي تصدر من أماكن “مُخيفة” ولذلك فالإله الّذي “لا تراه العين لا يراه القلب” ذلك عند العراقيين مثلاً ولهذا السبب فالإله الّذي يخاف منه الناس لا يجب أن تراه العين إلاّ من عمق مخيف “حجاب” وذو هيبة .. طبعاً  المعنيّون هنا هم السذّج “المنتجين” , ولزيادة الخوف في قلوبهم وُلدت فكرة “الإبهام” اقتبست من المغارات ذات الطبيعة المخيفة من الّتي حيكت حولها الأساطير , فمنها لربّما وُلدت فكرة المعابد , والقصور أوّلاً , ومع التكرار ذو الإيقاع الواحد لتأكيد قوّة المكان ورصانته “خورنق  أو قصر سنّمار” وُلدت الفنون الزخرفيّة أولاها نقشت على أواني تل عبيد , ومنها جُيّرت فيما بعد كطقوس معماريّة وتزيين وعلى أنّها “فنون” إذ أنّ كلّ ما ورثته البشريّة وشاخصاً لغاية اليوم يبدو الخوف قاسمه المشترك .. البيئة لغربيّة “الغرب” لا تبعث كثيراً على الوساوس لغناها الرطب , فخلت من مفهوم “النبوّة”  وضعف التصوّر عن الجنّة  ولم  تدخلها هذه المفاهيم إلاّ بعد دخولهم المسيحيّة ..

الصحراء بمثابة أوسع مساحة  مفتوحة و”مخيفة” لساكنيها , وكأنّها لا نهاية لها  , تأثيرها في النفس البشريّة نفس تأثير الكهف الّذي حيكت حوله الأساطير .. السير في الليالي وسط صحراء لا نهاية لها أكسب سلاّكها ثقافات الوسوسة  “الوسوسة أصلها بديل ذاتي عن  خوائه في المحيط الخارجي” خاصّةً لمن يقطعون مسالكها  فرادا , ومن الوسوسة الأرجح  منها ولدت مفاهيم دخلت الديانات كالشيطان والجنّ , فظهر أوّل مفهوم لمخلوقات غير ملموسة نسميها “هذيان” اطلق عليه “خرافة” ويُقصد به “خرافة” , وخرافة هذا شخص من بني عذرة أدعى أن الجنّ خطفته وبقي عندهم فترة من الزمن ثم عاد إلى قومه يروي لهم مغامراته مع الجن وكان يصعب تصديقها لغرابتها وبعدها عن المعقول , لكن على ما يبدو قد تسللت تصوراته تلك شيئاً فشيئاً لتصبح من ضمن قصص الديانات مع مرور القرون وعلى هذا فالدعاء برأيي هو نداء عميق لم يعد كذلك نفهمه لبعد “سببه” .. نحن العرب , كغيرنا وبغض النظر عن من تكن أصولنا , تخضع سلوكيّاتنا وحتّى أشكالنا وحتّى أمزجتنا لنوع البيئة الّتي نشأنا وسطها , وعليه يمكن أن تدفع بنا عمليّة “التبادل المؤثّر” بيننا وبين بيئتنا لأن نتحكّم بسلوكيّاتنا لا أن نخضع لها فنتركها تنتصر علينا فيما لو أردنا صياغة واقعنا مجدّداً وهو ما يعمل عليه الفلاسفة والحكماء والأنبياء , ومن فكرة النفور من الوسط البيئي “التجذّر” وُلدت الاقطاعيّات , ثمّ الممالك فالامبراطوريّات , أي  علينا أن لا ننطلق من مكوّن بيئي فقط , أي فطري نتعرّض بسبه “للأسر ” متى شاء الآخر ,  أي لا أن نتماهى مع الغريزة ,  أي أن لا نخضع لسطوة المياه مثلاً بل نسلخ تأثيرها ونقتلعه من لا وعينا بما يصبح وكأنّه شيئاً لم يكن كي نتجرّد في لغة القرار والمصير المحتوم فنخرج بأدبيّات جديدة لا مستوردة نكهاتها إ, ذ عندها وكأنّنا ما فعلنا شيئاً , لأنّ مؤثّرها لو بقي عالقاً ستقف أمانينا “أدعيتنا” عند نقطة مسدودة مجرّد حصولنا على الماء “صلاة الاستسقاء مثلاً” وتقف , لا أن ننظر للماء على أنّه ملكنا أيضاً , كالعلم , نطلبه ولو كان في “المسسبّي” ! وهو ما انتهجه الشركات العابرة حين اعتبروا نفوط العالم أينما كانت هي نفوطهم .. لقد سبقونا ! في حين كان بيدنا أن نفعل ذلك قبلهم , ولربّما فعلناها فوصلنا لأعالي البحار ولما عُرفت بأميركا ولما اشتقّ اسمها من “ماريقا” أي المكان البعيد في اللغة ..

أحدث المقالات