لم تغب المرجعية الدينية يوما, عن لعب دور في حياة الناس, والتأثر والتأثير فيها.
منذ عصر الغيبة الكبرى, والعلماء والمراجع يقودون حياة الناس, رغم أن هذه القيادة أحيانا تتراجع ولو ظاهريا, ولا تبدوا واضحة للعيان, إلا أن أثرها موجود ومحسوس لمن يدقق النظر..وعلى مر العصور السالفة.
حاولت المرجعية وطيلة تلك الفترات, النأي بمؤسستها وشخوصها, عن التدخل العلني في لعبة الحكم والسياسة, إلا في المواقف والأحداث المهمة ..فكانت تتخذ موقفا واضحا وصريحا, وأحيانا غير معلن, لحماية مصالح الدين والبلاد والمجتمع, ولنا في مواقفها من مختلف الانتفاضات والثورات, ودعمها لحركات التحرر والنهضة, ومقارعة الاستعمار, أمثلة وشواهد.
بسقوط نظام حكم البعث عام 2003, وبروز نظام جديد, وتيقن مراكز القوى أن المرجعية الدينية, هي المؤثر الأبرز في الساحة العراقية, حاولت المرجعية أن تقدم النصح والإرشاد فقط للسياسيين وعامة الناس, ولم تتدخل بشكل مباشر , إلا في مواقف ولحظات مصيرية وحساسة.
نجحت المرجعية في أن تحتفظ بحياديتها, مع مختلف القوى السياسية, وتركت لها كامل المساحة للتحرك ضمن إطار العمل السياسي والتنافس, رغم أنها كانت تستطيع بكلمة أو إشارة أن تقلب الموازين, إلا أنها كانت تريد للشعب وقياداته, أن يتحملوا مسؤولياتهم ويمارسونها, وان يتعلموا قيادة أنفسهم وبلدهم, مع بقائها راعيا وموجها, وحافظا للحدود.
عدا جهات منتفعة ومأجورة, أو موتورة, فقد أجمعت مختلف الجهات, أن المرجعية بحكمتها وحسن استقرائها للأمور, وبتسديد من الباري عز وجل, استطاعت أن تحفظ العراق, من الانزلاق في متاهات خطيرة ما أمكنها ذلك, ولنا في فتوى الجهاد الكفائي..خير دليل.
أظهرت ملابسات تكليف رئيس وزراء جديد لتشكيل الحكومة, ونصائح المرجعية وإرشاداتها, لطف عناية الباري وتسديده لها, في تحقيق أفضل مصلحة ممكنة, للعراق وشعبه, والكل يعلم في قرارة نفسه, انه لولا ثقل المرجعية وأثرها الايجابي المحايد, على مختلف القوى المؤثرة..لما حسم الأمر.
ما أدته المرجعية, ليس جديدا عليها, وهو في صلب دورها وواجباتها, التي اختطتها لنفسها..لكن الاعتراف بالفضل واجب.
..شكرا سيد النجف.