المُعاركة: القتال
المُعترك: موضع الحرب وكذلك المَعْرَك.
عاركه مُعاركة وعِراكا : قاتله.
عندما يذهب الناس إلى صناديق الإقتراع , من المفروض أن يمتلكوا قدرات إحترام الرأي والرأي الآخر وحق الإختيار , وهذا يستدعي وعيا وثقافة إنسانية ومجتمعية ترى بعيون المصالح الوطنية العامة.
ونرى ذلك واضحا في المجتمعات المتقدمة العزيزة القوية , التي تذوب مكوناتها في وعاء الوطن , ولا تميل للتخندق في صيرورات تستنزف طاقات بعضها البعض.
وما سمعنا في القرن العشرين وهذا القرن , أن الإنتخابات في الدول المتقدمة قد إنتهت إلى صراعات داخلية وسفك دماء ودمار وخراب في البلاد , لكن هذه الصورة تتكرر في المجتمعات المتأخرة , وذلك لفقدان النضج الوطني والإنساني والمعرفي والعقائدي والإقتصادي.
فهذه المجتمعات المتأخرة تجعل أبنائها وكأنهم قناني مشروبات غازية مرجوجة , وحالما تزال سدادتها ينفجر ما فيها ويفيض , وهكذا تجدنا متحيرين أمام قناني المشروبات الغازية البشرية , فما أن تخاطبها حتى تطير من فوهاتها سدادتها , وتبدأ بإطلاق ما فيها من الإنفعالات السلبية العمياء , التي تسعى لتحطيم ذاتها وموضوعها.
وهذا التشبيه ينطبق على الأحزاب والذين يسمون أنفسهم ساسة وكتل وفئات.
فنحن أمام قناني المشروبات الغازية المرجوجة رجا عنيفا , والتي تنتظر إزالة سدادتها , وفي هذا الخضم الفوار المنضغط المأزوم , كيف نتجرّأ القول بأن صناديق الإقتراع هي الحل , وهي في المجتمعات المتأخرة وسائل لتحقيق الصراع والفرقة , والإعتراك ما بين أبناء المجتمع الواحد.
هذا ما حصل ويحصل في المجتمع العربي , وأمثلة العراق واليمن ومصر وليبيا والجزائر وفلسطين واضحة ومتكررة , ولكي يتم الخروج من هذا المأزق الإتلافي الإنقراضي , الذي سخّر أسباب القوة والإقتدار لتدمير البلاد وتشريد العباد , يكون الحل في حكومة وطنية مركزية قوية عادلة , ترسّخ المفاهيم الديمقراطية بأنشطة إقتصادية وإعمارية نزيهة , تخدم مصالح أبناء المجتمع وتوفر مفردات الخدمات الأساسية أولا.
وبعد أن تتمكن من بناء الركيزة الإقتصادية والعمرانية , يمكنها التحدث عن صناديق الإقتراع.
لأن الديمقراطية نظام إقتصادي أولا وأخيرا , وإذا إنعدمت المشاريع والرؤى الإقتصادية , فأن الديمقراطية لا وجود لها.
ولهذا فأن الدول الديمقراطية لديها وسوسة شديدة بالوضع الإقتصادي في مجتمعاتها , لأنها تدرك جيدا جدا بأن الإقتصاد هو عماد الديمقراطية , وبإنهيار النظام الإقتصادي تندحر الديمقراطية , وهذا
ما يجب أن يدركه المتوهمون بالسلطة والسياسة , والذين يرددون الديمقراطية ببغاوية الجاهلين بمفرداتها وقيمها الأساسية وقوانينها وأخلاقها السلوكية.
وعلينا أن نعترف بأننا نملك صناديق إعتراك , وليس إقتراع كما يحلو لنا أن نتصور!!
وأن بلادنا أصبحت تسمى “بلاد العِراك”!!