يحار المتابع للشأن العراقي ولمنظومتة العسكرية تحديداً في اطلاق الوصف الحقيقي الذي تستحقة في مرحلة مابعد الغزو الامريكي سنة 2003 سواء في الية التجنيد او العقيدة العسكرية واصحاب القرار داخل هذه المنظومة التي يعجز اي شخص عن تحديد الرقم الحقيقي للمبالغ التي صرفت عليها واستنزفت الجزء الاكبر من الموازنة العراقية .
وبعيداً عن خطابات التخوين وكلمات العمالة التي تطلق على كل من اراد انتقاد هذه المؤسسة فأن واقعنا المتردي الحالي يفرض بشكل لا لبس فيه فتح صفحة حقيقية من المصارحة على كافة الاصعدة ومنها بشكل رئيسي مراجعة الاوضاع الواقعية للوزارات الامنية ومختلف التشكيلات المرتبطة بها .
ولن نخوض في نسب المكونات والتمثيل القومي والطائفي داخل جيشنا وشرطتنا ولكن نكتفي بالوقوف عند طبيعة التكوين والذي اعتمد بالدرجة الاساس على ميليشيات نافذة وقادة فرضهم الجيش الامريكي وهم الحصة الاكبر فيما يكون نسبة الجيش السابق هي الاقل والتي اضيفت بوقت متأخر تحت لافتة المصالحة والاستفادة من الخبرات السابقة .
واوجدت هذه الخلطة اوضاعاً غريبة عن الاصول العسكرية المتبعة في كل انحاء العالم حيث ينفرد العراق وحدة بان ضابط في جيشة يخشى جندي في امرتة لانه ينتمي الى ميليشيا نافذة وذات جناح عسكري اقوى باضعاف من عموم الجيش العراقي وكاتب المقال شاهد على واحدة من هذه الحالات حين رفض جندي تنفيد امر الضابط بتفتيش الطابق العلوي من منزلنا بحجة التعب قائلاً بلهجة عراقية (سيدي رحمة لوالديك عوف هاي الشغلة لان مابيه حيل اصعد درج).
ويلاحظ اي مواطن في شوارع بغداد هذه الظاهرة تتكرر يومياً في نقاط السيطرة او اثناء القيام بحملات التفتيش الروتينية في الاحياء السكنية ناهيك عن ظواهر غريبة على ابسط اصول الانضباط ومنها جلوس ضابط وجندي لتدخين الاركيلة او المجادلة التي تحدث بين الطرفين وتصل احياناً الى المعارك اللفظية والتهديد بالتصفية .
وبالانتقال الى طبيعة الرقابة على المؤسسة العسكرية يكفي ان تعلم ان موظف صغير في مكتب المفتش العام في وزارة الدفاع اشترى فيلا في منطقة تسمى القرية الانكليزية في اربيل وبمبلغ مليون دولار عداً ونقداً وتم تسجيلها باسم صهره الذي اشرف على تأثيثها وعرضها للايجار مشترطاً ان يكون المؤجر من الشركات الاجنبية .
ولاتتحرج ابداً من الحديث على العقيدة القتالية للجيش ويكفيك منها الشعارات التي يرددها الجنود والرايات التي يرفعونها فوق الياتهم ومقراتهم والشعارات التي يرددونها اثناء التدريب او القيام بالواجبات القتالية والتي تجعل من مبدأ (الجيش فوق الميول والاهواء) اقرب الى النكتة منه الى الواقع .
وجاءت الطامة الكبرى في احداث الموصل وسقطت ورقة التوت عن سنوات التدريب والانفاق الذي ناهز العشرين مليار دولار على الاسلحة والمعدات المستوردة من شتى انحاء العالم والدورات الخارجية والخبراء وظهر الجيش غير مؤهل للصمود امام بضعة مئات من المقاتلين الغير نظاميين وصار قادة البلد يشكلون الجيوش الرديفة ويضخون الاموال على المجاميع الشعبية ليعيداً ذات المأساة التي حلت بالجيش النظاميز
ان ما ورد اعلاه ليس بدعوة لللتخاذل والتراجع او الطعن وانما هو حرقة تعتصر بالقلب والنفس على ما الت اليه اوضاع هذه المؤسسة العريقة التي بدأت محاولات الاساءة اليها منذ السبعينات حين اريد لها ان تكون تابع للاشخاص والاحزاب فيما حكم عليها قادتنا الجدد بالاعدام حين حولوها الى خادم للطوائف ورجال الدين وزادوا في اهانتها بعد ان صارت موضع تندر ونكته لها اول ولايبدو ان هناك لها اخر .