مقدمة: زلزال العاصمة، يدفع بالمرء ليقف على جملة من الملاحظات ، التي عاشها من خلال زلزال الأصنام سابقا، الشلف حاليا في 10 أكتوبر 1980، وملاحظات لمسها في حينها من خلال نشرات الأخبار الجزائرية، وما وصله عبر زملاءه الساكنين بالعاصمة.
ويقصد صاحب الملاحظات، تخفيف الأخطار، وتجاوز أخطاء الزلازل السابقة، والرفع من مستوى التعامل مع الكوارث الطبيعية بشكل عام، والزلازل بشكل خاص، وهي..
قتلى سوء البناية: عشت زلزال الأصنام 10 أكتوبر 1980، ورأيت لأول مرة في حياتي، أناس يلفظون أنفاسهم الأخيرة، والموتى متناثرون هنا وهناك. لكني لا أنسى أبدا، أن الذين ماتوا، كانوا بسبب..
ضيق الدرج المؤدي إلى الطابق العلوي من المسجد الكبير، وانعدام منافذ النجدة، وأن مكان الوضوء في وسط الساحة، كانت أعمدته ضعيفة، فانهار بأكملها على من كان هناك.
إذن الذين قتلوا – نعم قتلوا- في زلزال أكتوبر 1980، كانوا بسبب سوء البناية، وعدم تطابقها مع منطقة زلزالية كالأصنام سابقا، الشلف حاليا.
نترحم على الذين 05 الذين ماتوا في البارحة في زلزال العاصمة، ونقول رحمة الله عليهم، ورزق أهلهم الصبر والثبات. لكن هناك ملاحظة يجب ذكرها، وهي..
أن وفاتهم كانت بسبب محاولاتهم القفز من الشرفات. مايدل أن الجزائري الذي يعيش على خط النار مازل يفتقر لكيفية التعامل مع الأزمات كالزلازل. ومثل هذه الطرق، من المفروض تدرّس في المدارس، وأماكن العمل، وعبر وسائل الإعلام، ليكون الخطب أقل.
علينا أن نعيد النظر في طريقة البناء المناسبة للزلازل، ونكثف من حملات التوعية على مدار السنة وفي مختلف المؤسسات التعليمية والمهنية، وننشر في المجتمع ثقافة التعامل مع الزلازل وغيرها من الأزمات. رحم الله الجميع، وأسكنهم الفردوس الأعلى.
فضيحة البنيان أفضع من نعمة الزلزال: في كل مرة يضرب الزلزال، إلا ويكشف عورات الإنسان.. ولعلّ من العورات المكشوفة، إبان زلزال العاصمة الذي ضرب البارحة، هي البنايات القديمة ، والتي لاتناسب إطلاقا العيش الكريم. فكانت فضيحة البنيان أفضع من نعمة الزلزال. ومن حسن الحظ أنه سيتم ترحيلهم فورا إلى البنايات الجديدة، حسب ماجاء في نشرة الأخبار الجزائرية.
وفي زلزال بومرداس الذي ضرب المنطقة منذ سنوات، تبيّن أن الغش والخداع والتلاعب والضحك على الناس، كان سبب إنهيار بنايات ضخمة في لحظات، أنفق أصحابها عليها الملايير، ولم يتمتّعوا بها لحظة واحدة.
مدارس جزائرية في التعامل مع الزلازل والكوارث: منذ شهر، تابعت عبر فضائية فرنسية، شريطا أمريكيا، يبين فيه صاحبه للتلاميذ الأمريكيين، كيفية التعامل مع من يهددهم بالسلاح. وقدموا مناورات بمعونة المختصين في الأمن والدفاع عن النفس، وقدموا لهم نصائح في التخفيف من الأضرار، وطريقة الإبلاغ، وسبل ضبط النفس، ومحاولة السيطرة على حامل السلاح. وقد كانت التجربة مفيدة.
وفي نفس السياق، على المدارس الجزائرية، أن تستعين بالخبراء المختلفين في كيفية التعامل مع الزلازل، وطرق الوقاية منها، وسبل مواجهة أعراضها، والتخفيف من آثارها، والتقليل من الموتى والجرحى.
فلا يعقل أن أمة تعيش الزلازل سنويا، ويموت خيرة أبناءها من جراء القفز من الأعلى.
البناية المضادة للزلازل، لاتعني إطلاقا مناسبة للزلازل: البناية المضادة للزلازل، لاتعني إطلاقا مناسبة للزلازل. فالبناية المنشأة حديثا، قد تكون مضادة للزلازل، لكنها غير مناسبة لمنطقة زلزالية ، كالتي تعرفها الجزائر، والشلف بالخصوص ..
فالجامعات والمساجد ومؤسسات أخرى، تفتفر لمنافذ النجدة، وتعدد الأبواب ذات الحجم المناسب، وانعدام ممرات للمعاقين. ونفس الملاحظات تقال عن الملاعب المكتظة غير المنظمة.
لعلّ من رحمة الله بنا، أن الزلازل التي ضربت المنطقة، كانت في أيام الأسبوع وليلا.
ونظل نسأل الله تعالى، أن لايضرب الزلزال، أيام الدراسة، ووقت صلاة الجمعة، وأثناء المباريات التي تشهد أعدادا هائلة .
وفي انتظار أن يستجيب ربنا لدعاءنا، علينا أن نعيد النظر في البنايات المناسبة، وتكثيف التوعية، والتخفيف من آثار أخطاء الإنسان.