ان جميع الاديان السماوية والشرائع والسنن والانبياء والرسل الذين بعثهم الله للارض اكدوا في مضمون رسالاتهم الانسانية بضرورة احترام قدسية الانسان في وجوده وحتى بعد مماته,جاءت لتبني انسانا يستطيع يحترم انسانية الانسان الاخر,ولايختلف معه على اساس اللون والمعتقد والمذهب, ولذلك نجد ان الرسول محمد (ص) عندما كتب وثيقة بناء الدولة المدنية في المدينة المنورة ,لم يفرق بين يهودي ومسيحي ومسلم في تحمل المسؤولية القانونية في الحفاظ على الدولة من اي اعتداء خارجي ,الجميع يشتركون في الدفاع عنها اذا ماتعرضت لخطر ,كان باستطاعت الرسول ان يستبعد اليهود والنصارى من الوثيقة ,لكن بناء الدولة يقوم على اساس المحبة والتعايش والسلمي والمودة والاخاء ,فكانت الوثيقة هي اول وثيقة في العالم تحترم حقوق الانسان ,فهي اول دستور في التاريخ الانساني اشاد به المستشرقون ,ضم اثنين وخمسون بندا ,خمسة وعشرون خاصة بأمور المسلمين ,والسبعة العشرون مرتبطة بكيفية تنظيم علاقة المسلمين بأصحاب الديانات الاخرى,بالعيش بحرية دون ان يتعرضوا لآي مضايقة ويمارسوا شعائرهم حسب رغبتهم ,فقد نظمت الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والادارية ,هي مفخرة انسانية لانها حفظت حقوق الاقليات قبل ان تحفظ حقوق المسلمين انفسهم ,فقد كفلت حق الفرد في الراي والتعبير والاعتقاد ومارسة الشعائر والعدل والمساواة .
وعندما قام عبدالرحمن ابن ملجم بضرب الإمام علي ابن أبي طالب (ع) في محرابه وتم القبض عليه، أوصى الإمام علي بأن يعامل ابن ملجم كأسير، وأن لا يُعذّب أو يُمثّل به، وقال يوصي عائلته: «يا بني عبدالمطلب، لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين خوضاً، تقولون قُتل أمير المؤمنين، قتل أمير المؤمنين. ألا لا تقتلن بي إلا قاتلي… انظروا إذا أنا متّ من ضربته هذه فاضربوه ضربةً بضربة، ولا يُمثّل بالرجل، فإني سمعت رسول الله (ص) يقول ( إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور)
فقد انتفض ضمير ووجدان المجتمع الدولي عندما اقدمت طالبان عام 2001 بقيادة عاصبة الملا عمر بتفجيرتمثالين لبوذا باميان مستخدمة الديناميت ,على اساس انها اصنام وتذكرهم بعبادة الاوثان ايام الجاهلية ,فهما منحوتان اثريان في وادي باميان بمنحدارت هزاراجات وسط افغانستان يعود وجودهما للقرن السادس قبل الميلاد ,وقد تم تصنيفهما احدى مواقع اليونسكو للتراث العالمي
,فثارالراي العام وبدات الوساطات الدولية تتحرك على قدم وساق ,من نخب فكرية وثقافية وسياسية ,وعلماء مسلمين تصدرهم يوسف القرضاوي بقيادة وفد رفيع المستوى والذهاب لعقردارالطالبان للتفاوض معهم ,وافتى بحرمة تفجيرهما,استطاع وقف مشروع الهدم ,كما تبرع احد المستمثمرين بمبلغ (100) مليون دولار لاعادة بناؤه وترميمه .
اليوم المجتمع الدولي اقتصرعمله بالتنديد والاستنكار فقط بعد تفجير مرقد النبي يونس وشيت وجرجيس, وهدم الكنائس وحرقها وسلب محتوياتها التي يعود تاريخها قبل (1500) عام ,ونبش قبورالمسيح, وتركا داعش الدولة الااسلامية وخليفة الامسلمين (ابو بكر الغدادي )المفروض طاعته ومبايعته ,يفتي بما يشاء بتفجيرمراقد الانبياء والاولياء ,وتهجيرالاقليات الشبك والتركمان ,والمسيح اما ان يدفعوا الجزية او يدخلوا للاسلام او الموت بالسيف ,اين القرضاوي وفتاويه من مايحصل اليوم من انتهاكات صارخة لحقوق الانسان وهدر لكرامته وسلب حريته واغتصاب الاعراض؟اين الدول العظمى صاحبة القرار المؤثروهم يرون كيف تباد الناس ويشردون في العراء بين المحافظات من هذه الازمة الانسانية ؟اين قوات حفظ الامن والسلم الاهلي وداعش تفرض جهاد النكاح والرافضن له تتحول لجارية بيد شذاذ الافاق وقاطعي الطريق ؟اين اصحاب الضمائروالاقلام التي لاتأخذها في الحق لومة لائم ؟اين منظمة اليونسكو للتراث العالمي وهم يشاهدون كيف يفجرون تراثاً انسانياً واسلامياً يضم بين ثراه جسد انبياء الله ؟اين العشائرالعريقة التي لاتقبل على نفسها بأن تضام ويعتدى على شرف النساء وهم حاضرون ؟اين منظمة المؤتمر الاسلامي حرمة الانبياء مباحة ومنتهكة ؟اين خادم الحرمين الشريفين الذي فوض نفسه محامياً ومدافعاً عن حرمات الدين ؟اين جامعة الدولة العربية ومتى تستيقظ من سبات نومها وهي ترى النسيج الاجتماعي للعراق معرض للتفكك والخطر يحوم عليه ؟لماذا الجميع لايحرك ساكن ؟هل تم ازالة العراق وشطبه من الخارطة ونسي امره وتركوه يواجه مصيره بمفرده ؟