25 نوفمبر، 2024 2:38 م
Search
Close this search box.

الاسلام يهاجر الى الغرب  تاركا ارض الأعراب

الاسلام يهاجر الى الغرب  تاركا ارض الأعراب

اختار المسلمون ارض الحبشة  مكانا امنا لهجرتهم الاولى  حيث ملك الحبشة المسيحي . لقد هاجروا الى ارض يعبد فيها الله تعالى تاركين ارض الوثنية مكة الى عتاة قريش . ويبدو ان الاسلام الانساني – اليوم – ضاق ذرعا ببلاد الأعراب بعدما اغتيلت قيمه السمحاء بفعل الاستبداد والقهر الاعرابيان ، فهاجر الى ارض العقل  والحكمة والفكر والتأمل . كانت بلاد العرب موطنا لمولد الانبياء والرسل ، لكنها لم تنجح في احتضان رسالاتهم بعدما عاشوا صراعا كبيرا مع الاعراب وثقافتهم .فالأديان بحاجة الى عقول متأملة  والى قلوب واعية  يفقه الناس بها سر الوجود  وليس الى السيف  والعنف والقتل . والأعرابي لا يفقه إلا لغة السيف لانه كائن بدائي ..
اليوم يشهد الغرب ولا سيما بريطانيا ظاهرة تحول كثير من المسيحيين الغربيين من معتقداتهم ودياناتهم ليعتنقوا الاسلام دينا ( من دون اشهار السيف الاعرابي ) . وحسب دراسة اجريت في عام 2010 فان ما يقارب من 5000 بريطاني قد اعتنقوا الاسلام في عام واحد فقط . فمن اشهر الشخصيات التي تحولت بعد 2010 الصحفية البريطانية لورين بوث ( شقيقة زوجة رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير) .  وبالمقابل من ذلك فان بعض المسلمين في بلاد الاعراب المتحجرين ، يتحول من الاسلام ليعتنق المسيحية ، وكما يحصل – الان – في   مصر والجزائر وتونس وغيرها ، والأدهى من ذلك ان بعض الناس في بلاد الحرمين قد اشهر  الحاده ، كافرا بالدين الاعرابي البدائي الذي يمثله فقهاء السلطان. 
الف علامة للاستفهام ترفع ، لكن اجابة واحدة تكفي لفهم وحل هذا التناقض في المواقف ، حينها لا  يستطيع احد ان يفتي ويحلل الاسباب والدوافع الكامنة خلف تلك الظاهرة و مع وجود شهادات من هؤلاء المتحولين والتي تبين بجلاء وبشفافية اسباب ذلك التحول .
لورين بوث كشفت – في تجمع جماهيري اسلامي في لندن – بعضا من اسباب تحولها الى الاسلام بعدما عقدت مقارنة بين حياتها الاولى وكيف كانت تعيش تناقضات الحياة المادية الشكلية التي تسلب من الانسان ادميته وما شاهدته وسمعته بنفسها في بلاد المسلمين . فبدأت بسرد تجاربها مع المسلمين وحياتهم بعدما  عايشتهم عن قرب ،  بوصفها مراسلة في الشرق الاوسط لإحدى الصحف البريطانية ، تقول لورين : بدأت اقارن بين  الصورة التي تشربت في نفسي عن الاسلام من خلال المنظور الغربي وما اشاهد بعيني واسمع بإذني وافقه بعقلي صورة الاسلام الناصعة ، صورة الاسلام العملي والسلوكي ، قيم الاسلامية النبيلة ، الروحية والعملية .
الصورة الاولى كانت  من فلسطين عام 2005 م  ،حيث الكرم والجود وطيب النفس على الرغم من الفاقة والحصار والمعاناة التي يعيشها هؤلاء الناس . ففي احد الايام كنت اتمشى   في راملة وقد فاجأتني امرأة كبيرة في السن لتدعوني الى دخول احد المتاجر لشراء بعض المستلزمات النسائية ( لان الاسرائيليين قد جردوني من حقائبي ومعطفي وأشياء اخرى قبل الدخول الى  الضفة الغربية  ) وقد اشترت لي معطفا وحقيبة وحذاء ، وقلت في نفسي ما هذا الكرم الذي لم ار مثله ومع الغرباء ! ، ثم  انطلقت بين الناس الذين كانوا يرحبون بي بتحية الاسلام ( السلام عليكم ) وكأني واحدة منهم ، هذه الصور كسرت في داخلي ركنا من الهيكل الذي احتفظت به ذاكرتي عن الاسلام .
والصورة الثانية من لبنان عام 2007 م عندما ذهبت بعد حرب الجنوب لكي اشاهد الدمار الذي خلفه القصف الاسرائيلي هناك فاكتب بعض المقالات الصحفية عنه. وكان الامر المفترض ان التقي بشخصيتين  سياسيتين  من حزب الله . وكنت حينها اتخيل انهما سيكونان بهيئة دينية ، جلباب فضفاض  ولحية طويلة وعمامة كبيرة ، لكن ما فاجاني في مطار بيروت ، اني وجدت شابتين مسلمتين ترتديان ازياء معاصرة وقد علا الحجاب رأسيهما ، فتلاطفن معي مرحبات بـ ( السلام عليكم ) ، كانتا شابتين تتمتعان بحيوية وحضور لافتين للنظر ، متعلمتان وتتصرفان بعفوية ، تحبان اسرتيهما ووطنهما وتحترمان دينهما . شي لم اره واسمع به من قبل . بعدها ذهبنا الى الجنوب وقد التقينا بشيخ دين ملتح يرتدي جلبابا ويضع عمامة كبيرة على رأسه . وقد تصورت ان تصرف هاتين الشابتين سيكون مختلفا عن ما جرى في بيروت ، فكنت اراقب  تصرفاتهمم  وكيف  تكون ردود افعالهم مع بعض ، وفي نفسي صورة رجل الدين الذي يقمع ويحتقر المرأة . فاذا بي اشاهد رجلا مختلفا تماما ولاسيما عندما  رأيت احداهن توقف حديث الشيخ وتعترضه موجهة الي بشرح وجهة نظري التي ربما لم تصل اليه بالقصد الصحيح ، وكنت اتوقع ان الشيخ سينهرها ويحقرها ويستهزئ بها ، لاسيما وانه هو الرجل الثالث في سلم المسؤوليات الحزبية ،  لكن ما فعله الشيخ ادهشني ،  عندما نكس  رأسه ، قائلا : عفوا اختي  استمري .
لقد استفدت من هذا الموقف ، بان الاسلام يتمتع بقيم انسانية كبيرة ينعكس في تعامل المسلمين مع بعضهم ، وان للمرأة المسلمة حرية في تصرفها ولها شخصية مستقلة ، وقد كسر ما رأيت وما شاهدت جزءا اخرمن الهيكل ، ولكن لم اكن ساعتها حقيقة في سبيلي الى الاقناع كليا بالإسلام .وفي غزة كانت الصورة الثالثة عام 2008م :  شاهدت هؤلاء المسلمين وهم يعيشون اقسى الظروف لكنهم في رمضان يصومون وينقطعون عن ملذات الحياة ، وعندما سالت امرأة فلسطينية قد استضفتها في بيتها الصغير والذي يعج بالأنفس التي ضاقت بها الامكنة ، لماذا تصومون وأنتم في هذه الظروف الصعبة ؟ فأجابتها : ان الله والرسول يأمراننا بذلك لكي نكون متساوين في مشاعرنا الانسانية ، الفقير والغني والراعي والرعية ، فالإسلام اوصانا بالعدل والمساواة .بهذه الصور الانسانية  ومثيلاتها استطاعت قيم الاسلام النبيلة ان تجد لها منفذا تتسرب من خلاله الى قلب تلك المرأة الغربية وليس بصور القتل والذبح والتهجير الداعشي الوهابي.

أحدث المقالات

أحدث المقالات