ربما وجد البعض من أبناء نينوى في الأيام الأولى , من الأحداث تعزية لهم بمن أنكر حقوقهم , وساء في تعاملهم إلى درجة الإهمال ولعل الفجر الذي كانوا في أمله قد تحقق ولهذا علت الزغاريد وعمت البهجة لأيام , كانوا فيها من النشوة والنصر غير أن الذي كان في الذهن لم يحصل فقد توزعتهم وجوه قبيحة ونفوس مجرمة بإسم الإسلام , حتى أمتد بها الإضطهاد الى تهديم مقامات الأنبياء والصالحين , إضافة الى جملة من شروط دولة الخلافة كختم الأناث وفرض الجزية ومعاملة الطوائف الأخرى بمقياس الأعداء أو قل الكفار , أن الفكر السلفي هذا بعيد عن حنفية الدين الاسلامي وتعامله , لانه دين آخر كونته العقلية المعادية للاسلام سواء القديمة منها أو الحديثة , وإلا من يتصور أن أناساً تشبعت نفوسهم بقيم الاسلام تمتد أيديهم لقبر نبي أو لمقام صالح ؟ . ولا ندري ما بجعبتهم للأيام القادمة .
هنا يفترض أن الموصل وعت حجم المأساة التي داهمتها على حين غرة , كما وعت الأطراف التي تحالفت معها , وأعلنت الحرب ضدها , فما هو المطلوب الآن , للتاريخ ساقدم رؤية بسيطة عن ما حصل عندما دخل الجيش العراقي للكويت , خلال فترة قصيرة تشكلت مقاومة , واذا ما قارنا بين أبن نينوى وأبن الكويت نجد الفرق كبيرا , أقصد من وجهة نظر أجتماعية وبنوية , فالموصل صاحبة الرقم الأول بكم الضباط من أبنائها ,وهذا شرف كبير لها كما أن أبناءها يكادون على العموم شملتهم الخدمة العسكرية والتشكيلات المساندة للجيش العراقي في سنين العراق الماضية وهي من حيث المساحة والنفوس لا تقارن بالكويت , فما الذي جعل الغيرة والشهامة تسكت هذا السكوت المذهل وأما كان الأجدر بهم بمجرد أن أعلن (خليفتهم) أن الموصل دار خلافة تكون ردة فعلهم قوية بمستوى الإعلان , ولعل في تجارب الشعوب الكثير مثل هذا إذا لم يكون أعظم . كم كان ظلم سلطة المالكي وميلشاته وشهدت ساحة التحرير الوجوه العراقية الرافضة لإستمرار الظلم والتكتيم , وكم محافظة محسوبة ظاهريا على النظام رفعت شعارات الرفض لحكومة طائفية مقيتة , واقرب إلى الصورة الحديثة تمرد الشعب المصري على نظام مبارك وعلى نظام الإخوان ؟!. هذا هو قدر الشعب لمن لا يعرف قدره , انها أمثلة حية على تأصل الروح الوطنية ,والشعور بالمسؤلية ربما أن المفاجأة أخذت منهم روح المبادرة لكن السكوت غير مطلوب أبداً, أن أعلان الحرب على داعش من خلال التمرد الشعبي والمقاومة المسلحة سيطَّهر الأرض العراقية بل الأرض العربية , وسيخمد وسوسة الأخرين من الذين يفكرون بمشاريع عدوة إلى الإسلام , لكنها مختومة بأسمه وسيعطي انموذجا للشعب العربي في كل المدن التي يخترقها هذا التنظيم قوة وعزيمة بل طريقة في كيفية تحمل الفرد مسؤوليته تجاه أرضه وبلده .
هذا التنظيم هو نسيج عمل مخابراتي دقيق الإحكام , فاذا اليوم هجَّرالمسيحين فغدا يهجر المسلمين الذين لا يتوافقون معهم بالرؤية والتصور , وبعد غد يشيعون فواحش ما أنزل الله بها من سلطان , صور تشمأز منها النفوس , وتأباها الضمائر , وهم اذ يدعون أن نهجهم أسلامي فهم أبعد من أي توجه إسلامي , هل أحد منا سمع أن الجيوش الاسلامية التي وصلت لأقصى حدود الدولة الفارسية ولحدود الجزر البريطانية أشاعت او مارست مثل هكذا توجه , أنه الإسلام المتأسلم الذي يسعى لتمزيق وحدة الدول الاسلامية , ونسيج الدين الإسلامي الحقيقي .