23 نوفمبر، 2024 4:22 ص
Search
Close this search box.

كيف تمكن الوهابيون من تحقيق مأربهم في هدم البقيع الغرقد؟

كيف تمكن الوهابيون من تحقيق مأربهم في هدم البقيع الغرقد؟

مجلس حسيني  – ثقافة هدم القبور عند الوهابية – التاريخ والجذور
فاجعة هدم قبور أئمة أهل البيت {ع}  ليست أعظم من فاجعة قتلهم وتصفيتهم بشتى الطرق، فقتل المعصوم أعظم من هدم قبره والاعتداء عليه….لكن الذي يهمنا  هو معرفة هذه الظاهرة اللاإنسانية، ولماذا تميز أعداء آل البيت بتحويل سخطهم بعد موتهم على قبورهم الطاهرة دون مراعاة لأي خلق إنساني , لم أجد في المصادر ما يشير إلى حالة لهذا التيار التكفيري ..التي تميز بها أعداء آل البيت (ع) فهل هي  وراثة ثقافة اكتسبها هؤلاء خاصة إن العربي شديد الأنفة لما يتناقض مع غيرته وشيمته،أو إنها حالة جاءت من ثقافات غير عربية ثم اتخذها التكفيريون  موقفاً خاصاً يميزهم في تعاملهم في أعدائهم،من الانبياء والمعصومين ..
لو تتبعنا التاريخ نجد هذه الثقافة (ثقافة التخريب) في فلسفة العداء اليهودي الذي يدعو أصحابه إلى تخريب معابد الآخرين لأنهم مخالفون لهم في العقيدة، ففي (بروتوكولات حكماء صهيون) نجد هذه الوصايا وهي أطروحة الانتقام من المخالف بالاعتداء على دور عبادته تنكيلاً به..وصايا  حكماء صهيون لأتباعهم تجد هذه العبارات (كنائس المسيحيين كبيوت الضالين ومعابد الأصنام فيجب على اليهود تخريبها…) ولم نملك مصادر تثير إلى هذه الظاهرة غيرهم .والتثقيف عليها دليل على تأصل هذه الثقافة في نفوس اليهود،ولا زالوا يمارسونها , وتسربت منهم إلى الجزيرة العربية وتأثر المشركون , وتطبعوا بهذه الثقافة الانتقامية …

ـــــــ ظهرت أولى بوادر هذه الثقافة  عند هند زوجة أبي سفيان حينما حاولت التنكيل بالنبي{ص} حين قامت بنبش قبر أم النبي السيدة آمنة بنت وهب … بعدها بدات عمليات الانتقام من الموتى , حين أقدمت بالتمثيل بجسد حمزة {ع} … ثم تصاعدت هذه الظاهرة في تاريخ الاموين  فقط ..أصبحت النفسية الأموية تصر على التنكيل بالآخر، وظهرت بشكلها الجلي بالانتقام من أهل البيت {ع} وملاحقة قبورهم وتخريبها, غايتهم التشفي من الأحياء ,و فرض الهيمنة على المعارضة العلوية والمعصومين {ع} والسيطرة على شيعتهم وقواعدهم الشعبية .. فكان بعد كل ثورة شيعية , تقوم السلطة الأموية بحملة تهديم قبور الأئمة وكبار شخصيات المعارضة ..

روى السيد ابن طاووس  قال: أن أمير المؤمنين{ع} أمر ابنه الحسن {ع} أن يحفر له أربعة قبور في أربعة مواضع، في المسجد، وفي الرحبة، وفي الغري، وفي دار جعدة بن هبيرة، وإنما أراد بهذا ألا يعلم أحد من أعدائه موضع قبره …وفي حديث مولىً لعلي بن أبي طالب {ع} في حديث دفنه .. فلحقنا قوم من الشيعة لم يشهدوا الصلاة عليه، فأخبرناهم بما جرى وبإكرام الله تعالى أمير المؤمنين{ع} فقالوا: نحب أن نعاين من أمره ما عاينتم، فقلنا لهم: إن الموضع عفا أثره بوصية منه  فمضوا وعادوا إلينا فقالوا: إنهم احتفروا فلم يروا شيئاً, إذن حاول الأمويون نبش قبر ابن عم رسول الله {ص}..
ـــــ هذه دواعي إخفاء قبر أمير المؤمنين {ع} بقي كذلك حتى أن الأئمة {ع} يتعاهدون زيارته سراً ويصطحبون معهم خواص شيعتهم ليوقفوهم على قبر جدهم أمير المؤمنين{ع} ..

   ـــ ولم يسلم الحسن والحسين عليهما السلام من الانتقام بقبريهما .. فحين مات الحسن {ع} شهيدا جاء به الحسين وأبناء علي {ع}  الى زيارة قبر جده  فقامت المرأة بكل أحقاد الماضين لال البيت ..فكانت معارضة ووصل الحال أن ترمى جنازة الحسن{ع} بالسهام لمنعهم من دفنه عند جده رسول الله {ص} ..ولم تزل ثقافة التخريب لقبور الأئمة {ع}  تتوسع  في ظل سياسة الملاحقة لأشخاصهم حتى تصل ذروتها في فكر العباسيين , وهذا المنصور العباسي  يشعر بالهزيمة في داخله، وحينما ينصحه أحد المقربين له بالكف عن سياسة البطش لآل علي{ع} يكشف عن هذه الهزيمة بقوله: إنه يلاحق أناساً يرونه بالأمس سَوَقَه، ومعنى ذلك أن الدونية التي يعيشها المنصور العباسي تدفعه باتجاه الانتقام من آل البيت {ع}  والتنكيل بهم فيحاول أن يتعرض لهم بشتى أساليب المطاردة وأهمها تعفيه آثارهم وتهديم قبورهم لذا فإنه حرص كثيراً على هدم قبر الحسين{ع}  ظناً منه أن يسجل انتصارا على العلويين …..

ــــ   ولم تقتصر رغبة هدم قبر الحسين {ع} وتخريبه على سياسة المنصور ,فإن هارون  العباسي عمد إلى هدم قبر الحسين{ع} ومطاردة زائريه…. ثم قطع سدرة كان يستظل بها الزائرون لقبر الحسين{ع} وتوارث الناس حديث رسول الله {ص} بلعن قاطع السدرة فقال: لعن الله قاطع السدرة، ولم تتحقق هذه النبوءة إلا في عهد هارون الذي أوغل في محاربة آل علي{ع} وإيقاف تقدم أمرهم وتصفية رموزهم بدس السم وقتلهم.وقام هارون اللعين بهدم السقيفة التي كانت مبنية على قبر الإمام الحسين{ع} وحارب الزوار بكل وسيلة يعرفها الظالمون …..

ــــــــــــ وجاء من بعده المتوكل العباسي الخليفة  الذي هدم كنائس الأقباط ونبش قبورهم وفرض عليهم زيًّا موحَّدًا, ليميزهم عن بقية الناس , واخذ نساءهم جواري وعبيد عنده .. لذلك ثار الأقباط على سياسات العباسيين فقتلوا رجالهم وباعوا نساءهم وأطفالهم عبيدا وحوَّلوا بيوتهم إلى مساجد, وكانت تهمتهم إنهم حاربوا الإسلام والمسلمين ..ــــــــــ عقدة التاريخ والجذور ـــــــــــ

يختلف المؤرخون فى تصرف الخليفة العاشر المتوكل بن المعتصم , بعض المحدثين يرونه الخليفة الذي أعز الله به الإسلام وأظهر على يديه {السنة ومحا البدعة} ،وفي ومانه ظهر اسم السنة والجماعة , فقد تحالف الرجل ضد كل الفرق والمذاهب الأخرى واجتهد فى القضاء على المخالفين، بينما يراه اخرون  طاغية وفرعون العرب , رجل معقد متعصب أرعن يستلذ بتعذيب من يخالفه الرأي.

ــــــــــ في زمانه تأسست الفكرة التكفيرية الإرهابية التي يمارسها السلفيون والمتشددون في يومنا هذا … لا أقول انه هو المؤسس .. لأنه ورثها من الذين سبقوه , ولكنه نجح في تكريس الفكر الإسلامي لمحاربة المسلمين , كان هو السبب المباشر للإرهاب اليوم ..

 كان عصر المتوكل شديد الدموية أعلن فيه الحرب على الفرق الإسلامية  السنة المعتزلة والشيعة والصوفية،  {{اعتبر المذهب الحنبلي هو الإسلام فقط وغيره كافر ومشرك }}.. كتب الدكتور مسفر  القحطاني  أستاذ أصول الفقه المشارك بجامعة الملك رسالة في بحث خلافات الحنابلة مع المسلمين السنة .. قال :..  أود أن أبين معالم التعايش عند الحنابلة وفقه الإئختلاف مع خصومهم من المذاهب الأخرى, وسبب توتر العلاقة بين الحنابلة وأتباع المذاهب الأخرى ..

قال : الحنابلة هم أتباع المذهب الحنبلي ، وهم من فقهاء الأمة وعلمائها ، الذين لهم قدم صدق في دين الله ، سموا بذلك نسبة لإمامهم أحمد بن حنبل الشيباني .. صاحب المذهب. ثم يبين امتيازاتهم على المسلمين كافة …تاريخ الحنابلة تاريخ مشرق مشرف كانوا ولا يزالون يقومون في وجه الفساد والظلم ،يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وينشرون السنة ويحاربون البدعة ، فوقفوا في وجه المعتزلة في قضايا التأويل ، ووقفوا في وجه الشيعة في قضايا خلاف الصحابة وإنكار بعض السنن ، واصطدموا بالأشعرية في معارك كلامية طويلة ، وقد اشتهر عنهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، قال إسحاق بن أحمد الحنبلي رحمه االله ” : وما زال أصحابنا يجهرون بالحق في كل وقت ولو ضربوا بالسيوف  لا يخافون في الله لومة لائم ، …

يقول الدكتور تركي  أبو زيـد: عن تاريخ المتوكل .. يتحدث عن نصارى العراق ..سامَهم المتوكل وحلفاؤه الحنابلة سوء العذاب، تفنن في إذلالهم والتمييز ضدهم، فحين أباح الإمام أحمد بن حنبل للخليفة المتوكل هدم كنائس السواد، ، أصدر أوامره بهدم الكنائس، ثم تلاها بقرارات تمييزية ضد غير المسلمين غاية فى البشاعة…….  يروى الطبري فى تاريخه «وفى سنة 235 هـ “، أمر المتوكل بأخذ النصارى وأهل الذمة كلهم بلبس الطيالسة العسلية -شال كبير كالذي يضعه اليهود على أكتافهم الآن في وقت الصلاة- والزنانير -الزُّنَّارُ: حزامٌ يَشُد على الوسط- …. وأمر بهدم كنائسهم ، وبأخذ العشر من منازلهم، وإذا كان الموضع واسعا صير مسجدا، وإن كان لا يصلح أن يكون مسجدا صير فضاء، وأمر أن يجعل على أبواب دورهم صور شياطين من خشب مسمورة تفريقا بين منازلهم وبين منازل المسلمين». بعد كل هذا التمييز على مستوى المظهر انتقل إلى التمييز في وظائف الدولة…

يقول الطبري وكثيرون «ونهى أن يستعان بهم وبغير المسلمين- فى الدواوين وأعمال السلطان ونهى أن يتعلم أولادهم في كتاتيب المسلمين ولا يعلمهم مسلم. ونهى أن يظهروا ، وأن يشعلوا ضوء الطريق. {وأمر بتسوية قبورهم مع الأرض لئلا تشبه قبور المسلمين} . وكتب إلى عماله فى الآفاق». بتنفيذ هذا ..ولا أدرى مناي دين أتى المتوكل بكل هذا الكم من الكراهية والعنصرية؟ اللهم الا بموافقة احمد بن حنبل وعلماء البلاط العباسي..

ـــــــــ ثم زاد المتوكل بعد أربع سنوات أوامر اضطهادية أخرى، كما يروى الطبرى وآخرون، فى أحداث سنة تسع وثلاثين ومائتين فأمر «أهل الذمة بلبس دراعتين عسليتين والاقتصار فى مراكبهم على ركوب البغال والحمر دون الخيل ولم يرو لنا المؤرخون سببا شرعيا لهذا الاضطهاد والتمييز لآدميين كرمهم الله وأهانهم المتوكل أبشع الإهانات….. إلا أن ابن القيم يروى قصة عن أهل الذمة «وحج المتوكل تلك السنة، فرأى رجل يطوف بالبيت ويدعو على المتوكل، فأخذه الحرس وجاءوا به ، فأمر بمعاقبته، فقال له والله يا أمير المؤمنين ما قلت ما قلته إلا وقد أيقنت بالقتل، فاسمع كلامي ومر بقتلى، فقال قل، فقال لقد أحاطك كُتّاب ، أحسنوا الاختيار لأنفسهم، وأساءوا  للمسلمين، ابتاعوا دنياهم بآخرة أمير المؤمنين…!، وأنت مسؤول عما فعلوا وهم غير  مسؤولين عما فعلت ، فلا تصلح دنياهم بفساد آخرتك، واذكر ليلة يخلو المرء فى قبره بعمله، فبكى المتوكل بعدها خرج أمره بلبس النصارى واليهود ثياب العسلية، وأن تهدم بيعهم المستجدة، وأن تطبق عليهم الجزية ولا يفسح لهم فى دخول حمامات المسلمين وكتب الكتاب بذلك».

 وطالت عذابات المتوكل أقباط مصر بأذى بالغ، ووقع عليهم التمييز والامتهان في زمن العباسيين ، وثاروا ثورات عديدة ضد ملوك بني العباس، وكانت آخر ثوراتهم ضد المأمون , شاركهم في الثورة بعض المسلمين ,فكانت ردة فعل المأمون عنيفة..قهر الثورة بدموية، يروى المقريزى فى الخطط «انتقض القبط  فأوقع بهم الجيش التركي المؤيد لبني العباس ,حتى نزلوا على حكم المأمون، فحكم فيهم بقتل الرجال وبيع النساء والذرية فبيعوا، وسبى نساءهم ….، ومن حينئذ ذُلت القبط فى جميع أرض مصر،هذه المجزرة العباسية هى ما منع أحرار مصر من الانتفاض مجددا ضد العباسيين…

وصل المتوكل على حالة الجنون بسياساته فى الحكم، بينما كان عين الجنون أن نجد اليوم من يجعل من سياسات المتوكل الشاذة هذه دينا ويريد تطبيقها على المسلمين وغيرهم من الأديان …

فحين ندرس أسباب تهديم قبور الأئمة , يجب أن نعرف الجذور الفكرية التي اعتمدها هؤلاء الشاذون في تهديم قبور الأئمة في بقيع الغرقد ,, واليوم تم تهديم أربعة من الأنبياء بعد احتلال الموصل , وتهديم أكثر من عشرين قبرا لعلماء مسلمين , إضافة لتهديم الكنائس في الموصل ومصر ….

المتوكل العباسي وقبر الحسين {ع}…

 

وروى ابن قولويه عليه الرحمة : عن علي بن الحسين{ ع}  : في حديث له عن زيارة الحسين{ع} قال : أبشر ، ثم أبشر ، ثم أبشر ، فلأخبرك بخبر عندي في النخب المخزون إنه لما أصابنا بالطف ما أصابنا وقتل أبي {ع} وقتل من كان معه من ولده وإخوته ..حملت حرمه ونساؤه اسارى إلى الكوفة ، فجعلت أنظر إليهم صرعى لم يواروا التراب فعظم ذلك في صدري ، واشتد ألمي  فكادت نفسي تخرج ، فعرفت عمتي زينب {ع} فقالت : مالي أراك تجود بنفسك يا بقية جدي وأبي وإخوتي ؟ فقلت : وكيف لا أجزع وأهلع , وأنا أرى والدي الحسين وإخوتي وعمومتي وولد عمي مضرجين بدمائهم ،  لا يُكفنون ولا يُوارون ،ولا يقربهم بشر ، كأنهم أهل بيت من الترك أو الديلم ..

فقالت : لا يجزعنك  ما ترى فو الله إن ذلك لعهد من رسول الله{ص} إلى جدك وأبيك ..ولقد أخذ الله ميثاق أُناس من هذه الأمة لا تعرفهم فراعنةُ هذه الأرض ، وهم معروفون في أهل السماوات أنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة فيوارونها ، وينصبون لهذا الطف علماً لقبر أبيك ، لا يَدرس أثرُه ، ولا يعفو رسمُه على مرور الليالي والأيام ، وليجتهدَنَّ أئمةُ الكفرِ وأشياعُ الضلالة في محوه وطمسه ، فلا يزدادُ أثرُه إلا ظهوراً ، وأمرُه إلا علوا …

  ــــــ  ومن الثوابت التاريخية, اعتداء المتوكِّل الناصبي , على قبر سيِّد الشهداء {ع} فقد اتخذ قرارات متتابعة ضد شيعة الحسين {ع} …… حيث عمد أولا إلى منع الناس من زيارة قبره الشريف ،ففرض مبلغا كبيرا من الذهب ضريبة على زيارته ..ولكن الناس لم يمنعهم هذا القرار ..فأمر بقطع يد من يزوره ..وتطورت إلى حالة القتل ، ومع ذلك وجدهم مصرّين على تعاهد زيارته ، ولثم تربته الطاهرة ، ووجدهم يتفانون في إتيان قبره الشريف ، حتى ولو كلَّفهم ذلك أنفسهم ، ولمَّا رأى أن الناس لا ينتهون عن نهيه ، ولا يكترثون به عمد إلى هدم القبر الشريف ، ولم يكتف بذلك حتى عمد إلى حرثه وتخريبه ، وقلع الصندوق الذي كان على القبر الشريف  وأحرقه ، وأجرى الماء عليه ..عمد إلى ذلك كله كي يضيِّع معالمه على زوَّاره ومحبّيه ويمحو ذكره ,وفشل  أن يزيل محبَّته من قلوب محبّيه….

قال المسعودي : وكان آل أبي طالب في محنة عظيمة ، وخوف على دمائهم ، وقد منعوا زيارة قبر الحسين{ع} والغري من أرض الكوفة ، ومنع شيعتهم حضور هذه المشاهد ، وكان الأمر بذلك من المتوكِّل سنة {236هـ} حين أمر المعروف بالديزج بالسير إلى قبر الحسين{ع}

 فتناول الديزج مسحاة وهدم أعالي قبر الإمام {ع} وهذا  الديزج كان يهودياً فأسلم فأمره المتوكل  بكرب قبره ومحوه ، وخراب كل ما حوله ، فمضى إلى ذلك وخرَّب ما حوله ، وهدم البناء ، وكرب ما حوله نحو مائتي جريب…. ، فلمَّا بلغ إلى قبره لم يتقدَّم إليه أحد ، فأحضر قوماً من اليهود فكربوه ، وأجرى الماء حوله ، ووكَّل به مسالح ، بين كل مسلحتين ميل ، لا يزوره زائر إلاَّ أخذوه ووجَّهوا به إليه …….  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ..

قال أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبين ص 394 : حدَّثني محمد بن الحسين ، قال : طال عهدي بالزيارة في تلك الأيام خوفاً ، ثمَّ عملت على المخاطرة بنفسي فيها ، وساعدني رجل من العطَّارين على ذلك ، فخرجنا زائرين ، نكمن النهار ونسير الليل حتى أتينا نواحي الغاضرية ،  فسرنا بين مسلحتين وقد ناموا حتى أتينا القبر فخفي علينا ، فجعلنا نشمُّه ونتحَّرى جهته حتى أتيناه ، وقد قُلع الصندوق الذي كان حواليه وأُحرق ، وأُجري الماء عليه فانخسف موضع القبر وصار كالخندق ، فزرناه وقبلناه  ، فشممنا منه رائحة ما شممت مثلها من الطيب ، فقلت للعطّار الذي كان معي : أيُّ رائحة هذه؟ فقال : لا والله ، ما شممت مثلها كشيء من العطر ، فودَّعناه وجعلنا حول القبر علامات في عدّة مواضع ، فلمَّا قُتل المتوكل اجتمعنا مع جماعة من الطالبيين والشيعة حتى صرنا إلى القبر ، فأخرجنا تلك العلامات .. وبنينا بنية على القبر الشريف للدلالة ..أعدناه إلى ما كان عليه .

ـــــــــ ثم  استعمل على المدينة ومكة عمر بن الفرج وهو من ناصبة الحنابلة , فمنع آل أبي طالب من التعرّض لمسألة الناس ، ومنع الناس من البرّ بهم ، وكان لا يبلغه أن أحداً أبرَّ أحداً منهم بشيء وإن قلَّ إلاَّ أنهكه عقوبة ، وأثقله غرماً ، حتى كان القميص عندهم  يكون بين جماعة من العلويّات يصلّين فيه واحدة بعد واحدة ، ثمَّ يرقعنه ويجلسن على مغازلهن حواسر ، إلى أن قُتل المتوكِّل ، فعطف المنتصر عليهم وأحسن إليهم ،وكان يخالف أبيه في جميع أحواله … ولكن المصيبة ما دونته تلك الفترة بقيت مخفية في بطون الكتب إلى أن جاء ابن تيمية , فاستخرج جميع الفتاوى والقرارات التي حكم بها المتوكل , اعتبرها من صميم الإسلام وألزم الحنابلة العمل بها ..

أَسِفُوا على أَنْ لا يكونوا شَارَكوا……………………….في قَتْلِهِ فَتَتَبَّعُوه رَمِيما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 المعالم التي تم هدمها  في العصر الحديث من قبل الحنابلة واصحاب الفكر التكفيري ..

ورد في صحيح مسلم  حديث رقم 974: إن رسول الله {ص} كان يخرج من آخر الليل إلى البقيع، فيقول: “السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون،  وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد”.ولذا تستحب زيارة البقيع والدعاء لمن دفن فيه إتباعاً للنبي {ص}. … غير ان هذا لا يمنع الحركة الوهابية ان تقوم بجريمتها المخزية لتاريخهم الاسود بهدم القبور والقباب المقدسة ,لانهم يناصبون الاسلام العداء في كل شيْ وهذا توضح الان بشكل جلي بعد حوادث الموصل 2014 .

…… من القباب التي هدموها في الثامن من شوال سنة ( 1344 ) في البقيع خارجه وداخله :

الأول : قبة كبيرة لأهل البيت عليهم السلام المحتوية على مراقد الأئمة الأربعة : الحسن السبط ، وزين العابدين ، ومحمد الباقر ، وابنه جعفر بن محمد الصادق عليهم الصلاة والسلام ، وقبر العباس ابن عبد المطلب عم النبي ، وبعد هدم هذه القباب درست الضرائح .هذه الحملة الاولى …

الحملة الثانية :.. هدم  قبة سيدنا إبراهيم ابن النبي {ص} وقبة أزواج النبي{ص} وقباب عماته … ثم جاءوا الى قبر وقبة حليمة السعدية مرضعة النبي {ص}  واخيرا قبة  إسماعيل ابن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام .وقبة أبي سعيد الخدري .و فاطمة بنت أسد .

أما القبور التي تقع خارج بقيع الغرقد فهي :..  قبر عبد الله والد النبي{ص}  وقبور جميع الشهداء في جبل احد بما فيها قبر أسد الله وأسد رسوله ..حمزة بن عبد المطلب ..وأخيرا بيت الأحزان لفاطمة الزهراء {ع} وبعض قبور الأولياء والصالحين , ولم يسلم منهم إلا غرفة قبر النبي{ص} ..

ثم آلت النوبة إلى المساجد .. منها :..مسجد الكوثر ، ومسجد الجن ، ومسجد أبي القبيس ، ومسجد جبل النور ، ومسجد الكبش هدموا بيوت الله إلا التي تعود لنبي الإسلام أو تحمل أسماء مناسبات خاصة وعامة ..إلا مساجد الحنابلة لم يمسها أي تهديم ..

هدمهم من المآثر الدينية عندهم , ويتبجحون بفكرهم إنهم أزالوا رجسا من الأرض , وفي حقيقتها هي معلم من معالم الإسلام والمسلمين .. اذكر لك بعضا منها …هدموا قباب عبد المطلب جد النبي ” ص ” وأبي طالب عمه وخديجة أم المؤمنين وخربوا البيت الذي ولد فيه النبي {ص} مولد النبي ” ص ” ومولد فاطمة الزهراء ” ع “…………… أما  في جدة : هدموا قبة حواء وخربوا قبرها كما خربوا قبور أخرى حولها …. وانتهت الكارثة بهدم  جميع ما بمكة ونواحيها والطائف ونواحيها وجدة ونواحيها من القباب والمزارات والأمكنة التي يتبرك بها المسلمون .

محطة للمتأملين :ــــ  أن خفاء تاريخ البقيع ,والجهل بحاله للناشئة والشباب في هذه العصور سببه قلة المصادر أولا , والتعتيم الإعلامي ، بحيث يقلل من أهميته , أو تزول أهميته بالمرة يُحشر من هذه المقبرة سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب.. في فضل البقيع ما ذكر عن النبي {ص} في كتب المذاهب السنية  :…. وروى الطبراني في الكبير وابن شبّة في أخبار المدينة عن أم قيس بنت محصن، وهي أخت عُكاشة ، أنها خرجت مع النبي{ص}  إلى البقيع، فقال:((يُحشر من هذه المقبرة سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب، وكأن وجوههم القمر ليلة البدر)). فقام رجل فقال: يا رسول الله، وأنا. فقال: وأنت ، فقام آخر فقال: يا رسول الله، وأنا. قال: سبقك بها عُكَّاشة، قال: قلت لها: لِمَ لم يقل للآخر نفس الكلام ؟ قالت: أراه كان منافقاً  ..وخلافا لما تذكره كتبهم  هدم الوهابيون قبور بقيع الغرقد..

لماذا هدم الوهابيون قبور البقيع الغرقد؟   :

يعتقد الوهابيون على خلاف جمهور المسلمين أن زيارة وتعظيم قبور الأنبياء وأئمة أهل البيت عبادة لأصحاب هذه القبور وشرك بالله يستحق معظمها القتل وإهدار الدم! … والاسوء أنهم طبقوا فكرهم على جميع من يخالفهم , ولذل ليس لهم إلا القتل والاستئصال .. لأنهم لم يتحفظ الوهابيون في تبيان آرائهم، بل شرعوا بتطبيقها على المسلمين بقوة الحديد والنار. فكانت المجازر التي لم تسلم منها بقعة في العالم الإسلامي طالتها أيديهم،  خاصة العراق والشام  ….

يظهر الحقد الوهابي في كل مكان يسيطرون عليه، فيعمدون إلى هدم قبور الصحابة وال البيت {ع} الذين طهرهم الله من الرجس تطهيراً…… وكانت المدينتان المقدستان (مكة والمدينة) ولكثرة ما بهما من آثار دينية،  فأنها من أكثر المدن تعرضا لهذه المحنة ، التي أدمت قلوب المسلمين وقطعتهم عن تراثهم ورموزهم , وكان من ذلك هدم البقيع الغرقد بما فيه من قباب طاهرة لذرية رسول الله {ص}  وأهل بيته وخيرة أصحابه وزوجاته وكبار شخصيات المسلمين.

قام الوهابيون بتهديم قبور البقيع مرتين في تاريخهم الأسود ..

الأولى: عام 1220هـ، أي قبل  215 سنة ..كانت الجريمة المخزية ، عند قيام الدولة السعودية الأولى حيث قام آل سعود بأول هدم للبقيع عام 1220 هـ وعندما سقطت الدولة على يد العثمانيين أعاد المسلمون بناءها على أحسن هيئة .. فبنيت القبب والمساجد بشكل فني رائع وأصبحت هذه القبور المقدسة محط رحال المؤمنين بعد أن ولى خط الوهابيين لحين من الوقت.

الهجوم الثاني: عام 1344هـ،  قبل مائة واحد عشر {111}  سنة … عاود الوهابيون هجومهم على المدينة المنورة مرة أخرى في عام 1344 هـ وذلك بعد قيام دولتهم الثالثة ,,فقاموا بتهديم المشاهد المقدسة للائمة الأطهار{ع} وال البيت خاصة وتعريضها للإهانة والتحقير بفتوى من وعّاظهم.فاصبح البقيع وذلك المزار المهيب قاعا صفصفا لا تكاد تعرف بوجود قبر فضلا عن أن تعرف صاحبه.
بعدما استولى آل سعود على مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة وضواحيهما عام 1344 هـ، بدؤوا يفكّرون بوسيلة لهدم المراقد المقدّسة في البقيع، ومحو آثار أهل البيت {ع} والصحابة. ..وخوفاً من غضب المسلمين في الحجاز، وفي عامّة البلاد الإسلامية، وتبريراً لعملهم الإجرامي استفتوا علماء المدينة المنوّرة حول حُرمة البناء على القبور…………فكتبوا استفتاءً ذهب به قاضي قضاة الوهابيين { سليمان بن بليهد} مستفتياً علماء المدينة، فاجتمع مع العلماء أوّلاً وتباحث معهم، وتحت التهديد والترهيب وقع العلماء على جواب يقول بحُرمة البناء على القبور، تأييداً لرأي قيادة الحركة الوهابية  التي كتبت الاستفتاء.  …….واستناداً لهذا الجواب اعتبرت الحكومة السعودية ذلك مبرّراً مشروعاً لهدم قبور الائمة {ع} والصحابة والتابعين … فتسارعت قوى الشرك والوهابيّة إلى هدم قبور آل الرسول{ص} في الثامن من شوّال من نفس السنة ـ أي عام 1344 هـ ـ فهدّموا قبور الأئمة الأطهار والصحابة في البقيع، وسوّوها بالأرض، وشوّهوا محاسنها، وتركوها معرضاً لوطئ الأقدام، ودوس كلابهم  والدواب…ونهب كل ما كان في ذلك الحرم المقدّس، من فرش وهدايا، وآثار قيّمة وغيرها، وحَوّلت ذلك المزار المقدّس إلى أرضٍ موحشة مقفرة.

أول ما بدؤوا به؟ …..  بدأوا في تهديم المشاهد والقبور والآثار الإسلامية في مكة والمدينة  . ففي مكة دُمرت مقبرة المعلى، والبيت الذي ولد فيه الرسول {ص} … أما ما يسمى بنكبة البقيع حيث لم يُبق الوهابيون حجراً على حجر، وهدموا المسجد المقام على قبر حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء ومسجد الزهراء {ع} واستولوا على أملاك وخزائن حرم النبي{ص}  وهُدمت قبور أهل البيت عليهم السلام جميعا .. ثم الت النوبة للمزارات والأماكن المقدسة لمطلق المسلمين سنة وشيعة، فقد وصفها عون بن هاشم، حين هجم الوهابيون على الطائف بقوله: (رأيت الدم فيها يجري كالنهر بين النخيل، وبقيت سنتين عندما أرى الماء الجارية أظنها والله حمراء)….. وكان ممن قتل في هذه الهجمة التاريخية المشهورة الشيخ الزواوي مفتي الشافعية وجماعة من بني شيبة (سدنة الكعبة). وقتل الاف الحجازيين دفاعا عن قبور الصحابة والتابعين …

مناقشة القضية من الناحية العقلية والشرعية … المعروف إن الحجاز مكة والمدينة كانت تدين بالمذاهب السنية , ولو وجد شيعة فان عددهم قليل جدا , ولا يوجد عندهم علماء يشار لهم بالبنان في ذلك الوقت  خاصة في مكة والمدينة .. فهل أنكر علماء السنة الموجودين آنذاك بناء القبور..؟ حتى جاء الوهابيون وهدموا ما قاله علماء المذاهب السنية , وان أل سعود فعلا خدموا الحرمين بهذا الفعل..؟ … وهل  أقر القرآن الكريم أمر البناء على القبور أم لا؟!… وعملية الهدم يعني كانت قبور مبنية فأين كان علماء المدينة المنوّرة عن منع البناء على القبور؟ الواجب هدمه قبل هذا التاريخ؟! لماذا سكتوا عن البناء طيلة هذه القرون؟! من صدر الإسلام، وما قبل الإسلام، وإلى يومنا هذا!.؟.ألم تكن قبور الشهداء والصحابة مبنيّ عليها؟ ألم تكن هذه الأماكن مزارات تاريخية موثّقة لأصحابها; مثل مكان: مولد النبي{ص}  ومولد فاطمة {ع} وقبر حوّاء أُم البشر{ع} ..

               لو تتبعنا القرآن الكريم لرأينا أنّ القرآن الكريم يعظّم المؤمنين ويكرّمهم بالبناء على قبورهم ـ وهذا الأمر شائعاً بين الأمم التي سبقت ظهور الإسلام ـ فيحدثنا القرآن الكريم عن أهل الكهف حينما اكتشف أمرهم ـ بعد ثلاثمائة وتسع سنين ـ بعد انتشار التوحيد وتغلبه على الكفر.

ومع ذلك نرى انقسام الناس إلى قسمين: قسم يقول: «ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا» تخليداً لذكراهم ـ وهؤلاء هم الكافرون ـ بينما نرى المؤمنين ـ التي انتصرت إرادتهم فيما بعد ـ يدعون إلى بناء المسجد على الكهف، كي يكون مسجدا   لعبادة الله تعالى، بجوار قبور أولئك الذين رفضوا عبادة غير الله.

فلو كان بناء المسجد على قبور الصالحين أو بجوارها علامة على الشرك، فلماذا صدر هذا الاقتراح من المؤمنين؟! وذكر القرآن اقتراحهم دون نقد أو ردّ؟! أليس ذلك دليلاً على الجواز، «قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا» (الكهف، 21)…هذا تقرير من القرآن الكريم على صحّة الاقتراح ـ بناء المسجد ـ ومن الثابت أنّ تقرير القرآن حجّة شرعية لا يمكن الرد عليها ..

كذب آراءهم وادعاءاتهم الدينية :…مضى على احتلال تنظيم داعش الإرهابي لأجزاء من محافظة صلاح الدين قرابة شهر ,يضمنها قرية العوجة مسقط رأس المقبور صدام حسين, غير أن هذا التنظيم لم يؤدي واجبه الشرعي في هدم القبور وإزالتها من وجه الأرض باعتبارها أماكن شرك بالله .. في وقت قام بنسف قبة الإمامين العسكريين في سامراء المقدسة .. وتلاها قبر  الصحابي الجليل حجر بن عدي رضي الله عنه والذي جرى نبشه بسبب أن الذي قتله معاوية بسبب موقفه من علي بن أبي طالب {ع} في حرب صفين ضد معاوية ….. وهدم قبر الصحابي عمار بن ياسر الذي قتلته الفئة الباغية أيضا في حرب صفين. وأخيرا وليس آخرا أقدم تنظيم داعش التكفيري على تفجير قبر التابعي أويس القرني صاحب الإمام علي بن ابي طالب{ع} …في حين لم تهدم قبر الطاغية المجرم صدام حسين الذي تحول مزارا لكل شذاذ الآفاق من قتلة ومجرمين, يدعون الله عنده راجين ان يحشرهم معه , اوليس في ذلك شرك ان يتحول قبر الى مزار؟ أم ان قوانين السماء  لا تنطبق على الملعون صدام؟..

ـــــــــــــــــ :موقف الحركة الوهابية من قبر الحسين في كربلاء :… قد لا يعلم بعض الشباب  ان الحركة الوهابية التكفيرية قامت بهدم قبر الحسين {ع} والاعتداء على المقدسات في كربلاء , وقتل عدد كبير من الناس وهذا نلاحظه في عقولهم لحد الآن …

بدأت الحادثة الفاجعة حينما اتفق محمد بن سعود أمير الدرعية ومحمد بن عبد الوهاب  في عام 1185للهجرة { قبل 270 سنة } على العمل معا على توسعة بلادهم ونشر الوهابية باحتلال المدن المجاورة شريطة أن تكون القيادة السياسية لمحمد بن سعود والدينية لمحمد بن عبد الوهاب واحتلوا بعض المناطق المجاورة لهم وتوجهوا إلى العراق ودخلوا الحدود , وبعد مناوشات بين جيش ال سعود وأهالي المناطق الريفية العراقية اشرف الجيش على مدينة كربلاء المقدسة وكان تخطيطهم أن يقع الهجوم يوم عيد عرفة حيث يتوجه الناس إلى النجف الاشرف.. بعد مقاومة باسلة من المؤمنين دخلوا المدينة ووصلوا إلى قبر الإمام الحسين {ع} فهدموا القبة الموجودة القبر وأجزاء من الضريح المقدس ونهبوا المجوهرات الثمينة وحرقوا الكتب والمصاحف…بعدها توجهوا الى النجف الاشرف لهدم ضريح الإمام علي {ع} لكنهم لم يتمكنوا من ذلك فرجعوا الى الدرعية وتوجهوا الى احتلال المناطق الحجازية فدخلوا مكة المكرمة وتوجهوا الى مقبرة المعلى وقاموا بتهديم أثارها يقول صاحب خلاصة الكلام ( فلما أصبح الصباح الا وهم سارحون بالمساحي والفؤوس لهدم القبب فبادر الوهابيون لهدم المساجد ومآثر الصالحين فهدموا ما في مقبرة المعلى من القبب ثم هدموا قبة مولد النبي صلى الله عليه وآله ( وهو اثأر للبيت الذي ولد به نبي الرحمة ) وبالغوا في شتم القبور التي هدموها وفي سنة (1220 هـ 1805 م) دخل الوهابيون المدينة المنورة بعد حصار طال سنة ونصف ويروي صاحب لمع الشهاب يقول(فلما قرب الى المدينة أرسل الى أهلها بدخوله فأبوا وامتنعوا من ذلك فحمل عليهم مرارا حتى دخلها فقتل منها بعض اهلها حيث سمى أهلها بالناكثين ويوم الحادي عشر جاء هو وبعض أولاده فطلب الخدم السودان الذين يخدمون حرم النبي فقال أريد منكم الدلالة على خزائن النبي فقالوا لا نوليك عليها ولا نسلطك فأمر بضربهم وحبسهم حتى اضطروا الى الإجابة فدلوه الى بعض من ذلك فاخذ كل ما فيها من الأموال وفيها تاج كسرى ( انوشروان ) الذي حصل عليه المسلمون عند فتح المدائن وفيها سيف هارون الرشيد وعقد كان لزبيدة واخذ القناديل الذهبية وجواهر عديدة وخرج الى البقيع فأمر بتهديم كل قبة كانت هناك ومن ضمنها قبة فاطمة الزهراء عليها السلام والظاهر من قبة الزهراء ليس لقبرها لان قبرها مجهول, ولكن مقام الزهراء الذي بناه امير المؤمنين عليه السلام لها بعد وفاة ابيها وسماه بيت الاحزان وقيل ان القبة تسمى قبة الحزن وقبة الامام الحسن عليه السلام والظاهر قبة الامام الحسن عليه السلام كانت اكبر واعلي القبب الموجودة في البقيع بحسب وصف الرحالة ابن جبرين (قبة مرتفعة في الهواء يقصد بها قبة الامام الحسن عليه السلام ) وقال ابن بطوطة (( ولقبر الحسن بن علي قبة ذاهبة في الهواء بديعة الإحكام . وقبه لعلي بن الحسين عليه السلام وقبة لمحمد الباقر وقبه لجعفر الصادق عليه السلام) وقبة لعثمان بن مضعون وتركوا حطام التهديم على تلك القبور المقدسة يصفها الرحالة عبد الله بوريقول (( فليس فيه متر واحد حسن البناء … إنما هي أكوام من تراب أحيطت بأحجار غير ثابتة)).وهذا الاحتلال الاول  للحجاز , وجاء بعدها سقوط دولتهم على يد العثمانيين , ولكن بعدها هيْ لهم الانكليز السيطرة التامة على الحجاز بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ..  وتواطأ مع البريطانيين لضرب العثمانيين , حين  قام ابن سعود وبالتعاون مع بريطانيا بالقضاء على الدولة العثمانية والسيطرة عليها وفي الخامس عشر من شهر جمادي الأولى 1344هـ -1925م دخل المدينة المنورة وقام بمجزرة دموية قتل فيها النساء والرجال والأطفال وعدد كبير من رجال الدين وفي الثامن من شهر شوال عام (1344هـ) توجهوا مرةً أخرى الى قبور البقيع فهدموا قبابها والأضرحة والمساجد بصورة كاملة وبالوقت نفسه توجهوا الى قبر الرسول الأكرم{ص} محاولين هدمه لولا ردود الأفعال التي حصلت من خلال المظاهرات والاستنكارات في الدول الإسلامية والعربية . فقبور البقيع تعرضت للهدم مرتين الأولى 1220 للهجرة والثانية 1344 هجرية وبقيت الى يومنا هذا .

لو فتشنا في جميع الأديان السماوية لم نجد دليلا يبرر هدم الآثار التي تدل على حضارة ذلك الدين أو هدم قبور عظمائهم … لما قدم بن رأس الجالوت مع مصعب ابن الزبير إلى المدينة من جانب البقيع رأى مقبرة البقيع قال إنها لهي (كفته) لا أطائها، فقال له مصعب: وما هي قال مقبرة وصفها الله في كتابه (التوراة) فتركها ولم يدخل فيها إجلالا.

ويروى ان رأس الإمام الحسين عليه السلام عند يزيد ويزيد عنده عود من الخيزران وصار يضرب ثنايا الإمام بذلك العود فالتفت سفير الروم ( رسول ملك الروم ) قائلا ليزيد هذا رأس من ؟ قال يزيد رأس الحسين بن علي، قال أليس هذا ابن بنت نبيكم؟! قال بلى! فقال الرومي اف لك يا يزيد نحن معاشر النصارى عندنا في بعض الجزائر اثر حافر حمار عيسى ابن مريم ونحن نحج إليه في كل عام من الأقطار وانتم تقتلون ابن بنت نبيكم، فاشهد إنكم على باطل، فغضب يزيد وأمر بقتل الرومي فتوجه الرومي إلى رأس الإمام الحسين عليه السلام واسلم قبل ان يقتل .نعم حافر حمار عيسى، يعني اثرٌ في الأرض لقدم الحمار الذي يركبه عيسى، يحجون أليه ويقدسونه، هذا هو احترام الأديان السماوية لآثارها … وبنو أمية يحرقون بيت الحسين على أهله ..الحمد لله رب العالمين.

أحدث المقالات

أحدث المقالات