كلنا شاهد النائبة اليزيدية أو (الآيزيدية ) – بحسب التعديلات التي جرت على التسمية بعد 2003 ، برغم ان شيخ المؤرخين الراحل، عبد الرزاق الحسني، قد الف كتابا بعنوان (اليزيدية )- وهي تجهش بالبكاء على قومها الذين يتعرضون الى عملية ابادة في سنجار، على حد وصفها، ومن شدة غلبة البكاء، لم تكمل قراءة بيانها أمام السادة النواب، الذين التف بعضهم حولها للتأييد والمناصرة، فيما حاولت بعض النائبات أن تمسكها من السقوط من هول الحزن الذي تملكها، كما يبدو عبر الشاشة الفضية .
لاشك ان الموقف كان مؤثرا للغاية، والاكثر منه ان النائبة وهي ( تبكي او تتباكى )،استطاعت ان تستقطب حولها عددا من النواب لمواساتها، كما بينا، غير أن بعضهم لم يكن تأريخه مشجعاً لمثل هذه العاطفة الجياشة والموقف الإنساني ، لكن، كما يبدو أن مقتضيات الدعاية السياسية تجعل منه عاطفيا جدا ، ومدافعا عن حقوق الانسان .
لانريد من خلال هذا الطرح التقليل من حجم المأساة التي يتعرض اليها (اخوة الوطن ) من جرائم قتل وتصفية وتهجيرعلى يد تنظيم (داعش الارهابي ) في سنجار ، وانما نحاول تسليط الضوء على الموقف الذي استطاعت من خلاله النائبة ان تعبر عن معاناة من تمثلهم، وتشكل رأيا عاما للدفاع عن مكونها،فيما تنعكس صورة مقابلة لواقع (السنة ) الذين يتعرضون الى مجازر متواصلة ، من دون ان تذرف دمعة او يطرف جفن من عين نائب سني ، وهو يتفرج على اثار الدمار التي تخلفها البراميل المتفجرة والصواريخ التي تنهال على بيوت المدنيين من اهل السنة، كما يحاول ان يتوارى قدر الامكان عن الحديث عن عمليات الخطف والقتل التي تنفذها الميليشيات المدعومة من الحكومة ، في بغداد، وديالى، وسامراء ، والبصرة ، وغيرها ، بل تراه دائما يتعلق بحبال (الحكومة )،ويستخدم مفرداتها كي ينأى بنفسه عن المساءلة او تحريك الملفات المضمومة عنه ، لذا لم نر نائبا سنيا او اعلى منه ، يبكي على ماجرى ويجري في الحويجة ،وجامع سارية ، والفلوجة ، والرمادي ، وابو غريب ، والتاجي ، وفي العراق كله ، من عمليات دهم واعتقالات وقتل وتدمير وتهجير، تطول اهل السنة في كل يوم ، من دون استثناء ، حتى في المناسبات الدينية والأعياد .
لقد استطاعت (دخيل) ان تمثل اهلها خير تمثيل ، في حادثة لم تستمر سوى ايام ، لكن نواب السنة حبسوا دموعهم ، واداروا ظهورهم، منذ اكثر من عشر سنين، عما يلحق بمكونهم من مجازر وانتهاكات ، وبعد ذلك يطالبون بانتخابهم ، ويتململون اذا لم يعط السني صوته لذلك النائب المحسوب عليه زورا وبهتانا .
يانواب السنة ، ليس عيبا ان تبكوا على مصير مكونكم الذي بات يملأ السجون والمقابر، فيما يبحث البقية عن ملاذ آمن خارج الوطن .
بالتأكيد هناك مؤامرة كبرى لضرب المكونات ببعضها ، لكن من حق كل مكون ان يجد مدافعا عنه ممن يمثله في مجلس النواب ، او الحكومة ، حتى لو دمعة يذرفها لصالح مكونه، غير أن مشكلة صاحب الجاه والوجاهة السني، أنه دائم الخشية والحذر، فهو يخشى ان تسقط تلك الدمعة على (قاطه الشيك ) او (باينباغه)، كما يخشى ان تفسر تلك الدمعة اعتراضا او انتفاضا ، يكلفه منصبه وجاهه او يوقعه مثل غيره (اسيرا ) لدى احدى الميليشيات المتنفذة (وجيب الليف او ودي الليف ).