19 ديسمبر، 2024 8:07 ص

هل تؤمن المرجعية بنظرية “الشلع قلع”

هل تؤمن المرجعية بنظرية “الشلع قلع”

اختطت المرجعية الدينية لنفسها الوقوف على مسافة واحدة من جميع الكتل السياسية, وأوصدت الأبواب بوجوه السياسيين, ولم تستقبل أحدا منهم منذ منتصف الدورة الثانية لحكومة نوري المالكي, ماخلا لقاءها بالرؤساء الثلاث كل على انفراد (معصوم – الجبوري – العبادي) في أول تكليفهم ثم لم تستقبل احدا بعدها حتى هؤلاء الثلاثة.

المرجعية هي الاقدر على تشخيص ومعرفة تكليفها الشرعي, وهي التي تقرر متى تلتقي أو لا تلتقي احدا, وهنا بموقفها هذا قد اتخذت دور الابوية لجميع العراقيين دون تفرقة, لكن السؤال الذي يتبادر للذهن, هل إن المرجعية تنظر لجميع السياسيين بعين واحدة؟.

من الواقع الديني الذي تتبؤوه المرجعية, فالمنطق الشرعي يحتم أن لا تساوي المرجعية بين الصالح والطالح, وبين المؤمن والفاسق, لأن المساوة بين هؤلاء فعل قبيح, وخلاف العدل –الذي هو وضع الشيء موضعه- وهذا حاشا للمرجعية أن تقوم به.

منطق الشلع قلع غير موجود عند المرجعية, لأنه وكما قلنا خلاف العدل, وخلاف المنطق الديني, وما يؤكد هذا إن المرجعية وقبيل الانتخابات البرلمانية الأخيرة, وحينما طالبت بتغيير الوجوه, وخصوصا تلك التي لم تجلب الخير للبلد, وضعت ضابطة لهذا التغير بقولها “انتخبوا الكفوء المخلص النزيه ضمن القائمة المرضية”, وهذا تصريح من المرجعية بان هناك قائمة مرضية, فيتبادر سؤال جديد هنا من هي القائمة المرضية؟!

تشخيص القائمة هو تشخيص موضوع, والذي هو مسؤولية المكلف, ففي الضابطة الفقيه, فإن المجتهد يعطي الحكم العام, ويبقى تشخيص الموضوع على عاتق المكلف, ولو أردنا تقريب الصورة نضرب المثل التالي: لو سألنا المرجع المجتهد, ما هو رأيه باثر القلم الجاف على الجلد, هل هو حاجب للوضوء؟ هنا المجتهد لن يجيب على هذا السؤال مباشرة, بل سيقول إن اي شيء يمنع وصول الماء الى الجلد فهذا يعتبر حاجب للوضوء, وهنا تعود المسؤولية للمكلف نفسه, ليرى هل ان اثر الجاف يحجب وصول الماء ام لا, وهو ما يسمى بتشخيص الموضوع.

كذلك أود الاشارة الى ان منطق الشلع قلع يقطع الطريق على الخيرين والمخلصين في ان لا يترشحوا في قادم الايام, لخشيتهم ان يتلطخوا بسمعة الشلع, كما ان هذا المنطق –الشلع قلع- سيصيب بالاحباط كل كفوء ومخلص ونزيه موجود حاليا في البرلمان او الحكومة, وهذا ما لا ترتضيه المرجعية.

اذن منطق التعميم هو منطق مرفوض, وقد اكدته المرجعية في شرحها لعهد الامام علي عليه السلام لمالك الاشتر, في هذه الفقر من العهد “ولا يكون المحسن والمسئ عندك بمنزلة سواء، فإن في ذلك تزهيداً لأهل الإحسان في الإحسان، وتدريباً لأهل الإساءة على الإساءة، وألزم كلاً منهم ما ألزم نفسه.” وكذلك في اشارة المرجعية التي جاءت على لسان الشيخ الكربلائي باختيار من جربته في الكفاءة والاخلاص, ولديه تجربة مشيرة الى نص الفقرة من العهد, والتي تقول “ثم انظر في أمور عمالك فاستعملهم اختباراً، ولا تولهم محاباة وأثرة، فإنهما جماع من شعب الجور والخيانة، وتوخ منهم أهل التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة, والقدم في الإسلام المتقدمة، فإنهم أكرم أخلاقا، وأصح أعراضا، وأقل في المطامع إشرافا، وأبلغ في عواقب الأمور نظرا, ثم أسبغ عليهم الأرزاق, فإن ذلك قوة لهم على استصلاح أنفسهم، وغنى لهم عن تناول ما تحت أيديهم، وحجة عليهم إن خالفوا أمرك أو ثلموا أمانتك”.

أحدث المقالات

أحدث المقالات